5

1.9K 237 104
                                    

تسلق الشجرة مهمة شاقة خاصة عندما لا تملك يدين لتتشبث بهما، لكني أدركت لاحقا أن الذئاب تقفز قفزات عالية جدا؛ و هكذا وصلت لأعلى الشجرة. قلبت صفحات الكتاب سريعا حتى وصلت لما أبحث عنه.

'كيف تعود بشريا كاملا؟
يمكنك العودة من خلال ممارسة الطقوس ذاتها لكن بقراءة الطلاسم عكسيا' .

حسنا، بدا هذا سهلا حتى اكملت القراءة ..

'أما إذا أردت بسبب خطأ في عملية التحول فأنا لا أضمن لك العودة، لكن إليك طريقة: توجه إلى المكان الذي مارست فيه طقوسك الخاطئة، ضع الكتاب في حوض مليء بالماء و تأكد من سقوط ضوء البدر -أي أن القمر يجب أن يكون مكتملا-، ابدأ بقراءة السطر الأول من الطلاسم ثم اقطر قطرة من دمك فوق الحوض، و اسكب الماء على نفسك' .

اللعنة! من المفترض أن القمر سيصير بدرا هذه الليلة، علي العودة للمشتل مجددا وتنفيذ ما كتب.

• • • • •

تعرفون ذاك الشعور؛ عندما تريدون فعل شيء ما بسرعة و لضرورة في وقت معين لكن الوقت يأبى الجري! و الملل يطغى على المكان ..

القمر اكتسح ساحة النزال، وقف بهي الطلة مزدانا بالجمال، توسط السماء الحالكة، وضعت الكتاب داخل حوض صغير بعد أن تأكدت من فتحي على صفحة الطلاسم، و سكبت الماء عليه حتى غمرته ..

الكلمات اختفت..
كتاب في ماء ..
حبر و ماء ..
كان علي حفظها؛ اللعنة !!

الكتاب صار تالفا، أرى هذا من خلال صفحاته التي تشعر و كأنها ذابت مع الماء. أتعلمون ؟ لم أكن يوما إنسانا ذا نوايا سيئة، كل ما كنت أفعله تمت عنونته بمسمى 'الترفيه' .

أشعر بالحياة تؤنبني، ها هي تعلمني الفرق بين الفضول و التهور. نعم، كنت متهورا و متعجرفا في أفعالي كلها، أقدم إضحاك نفسي على حياة الآخرين، هذا مؤلم، و يخبرني كم أني أناني ..

جرحت إبهامي لتسقط قطرات دم تلتها دموعي في ذلك الحوض، كنت كالطفل الذي أضاع أمه، يرثى لحاله ..

أسمع أصوات رجال الشرطة يحيطون بالمبنى، لا بد أنهم توقعوا حضوري. وقع أقدامهم يطن في أذني معلنا .. النهاية؟
أصوات أسلحتهم المهيئة للقتل تبث الذعر في، لكني ما عدت أهتم، أن أموت أفضل من أن أبقى مستذئبا..

سكبت الماء الذي في الحوض علي، و جلست أنتظر حضورهم، لمحت كلمات في الكتاب، عقدت حاجبي، تقدمت لأحمله..

'.. و الدموع الصادقة الطاهرة كفيلة بهذا' .

هذه الجملة، غ..غفلت عنها، لم تكن مكتوبة بالحبر، لا بد أنها كتبت بشيء يظهر عند ملامسته للماء!
هل هذا يعني ..؟
ما زلت كما أنا، سيحتاج الأمر بضع دقائق كما حدث في المرة الأولى ..

أرى الشمس تشرق، أشعتها تتسلل كما يتسللون حولي، كسر أحدهم الباب خلفي ليعكر علي صفو مزاجي.

"لا لحظة!" صرخت عليه، لا أريد منه أي رد فعل متهور.
" لا تقترب!" قال هو .

أشعر بإصبعه يبحث عن الزناد، اقتربت منه لأريه أني غير مؤذ. لحظة، أنا أقف في مكان مشمس، حيث أشعة الشمس منتشرة في خطوط مستقيمة لترسم ظلالا للأجسام .. و أعتقد أني أرى ظلي يقبع بين قدمي !

فرحت و بشدة !

"لقد عدت" قلتها و قفزت نحو الشرطي بسعادة .. لم أتوقع رد فعله هذا.

نظرت صوب صدري الذي اخترقته رصاصة، شهقة عالية انتزعت من فمي، جثوت على ركبتي و الدمع منهمر من مقلتي. لماذا الآن؟!

أدركت أن ملامح الذئب لم تزل بعد، ظن أني هاجمته فدافع عن نفسه مطلقا رصاصه علي، و ها أنا ذا سأفارق الحياة ..

أرى الذهول حارب قسمات وجهه الخائفة و انتصر، صرخ قائلا: "إنه طفل! إنه طفل!".

هذا يعني أني عدت إلى ما أنا عليه ..
لكن متى؟
سقطت أرضا، نظرت لظلي الذي صنعه نور الشمس الممتد بشموخ على الأرضية، أشعر بعيني اللتين تغلقان معلنتين قدوم الرحيل..

ابتسمت برضا و قلت في نفسي: "لن أحزن .. فكل ظل نراه ولد من نور ..!" .

*** *** ***

انتهى .

آراؤكم و انتقاداتكم تهمني 😄

بقي هناك فصل تعريفي يخص المسابقة ..

Shadows | ظلالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن