الفصل الاول

44.6K 1K 33
                                    

رأته أول مرة عندما تقدمت للعمل فى شركة  هندسية كبرى من أكبر  الشركات فى الإسكندرية .

كانت تعلم أن فرصتها للعمل فيها تكاد تكون معدومة .. ولكنها تقدمت على  أى حال ولديها القليل من الأمل ..

كان والدها قد نصحها بألا تعول أى  أمل على  هذه الوظيفة و أن تلك المقابلة ستعلمها كيف تتعامل مع المقابلات الشخصية حتى تنجح فى  مرة في الحصول على  وظيفة ولأنها حديثة التخرج بلا خبرة توقعت أن يتم رفضها بلا ريب .

بالطبع هي تحمل شهادة فى الهندسة بتقدير إمتياز و حاصلة على دورات في الكمبيوتر والجرافيك ولديها تصاميم هندسية مميزة فضلا عن مشروع تخرج رائع بشهادة أساتذتها .

كان حسام  الرجل الثانى  في الشركة وشريكا فيها ..وسيما ذو جسد رياضى وصوت رخيم مميز .

لم تعرف لماذا تعلقت عيونها به عندما كان يتحدث ولماذا أعجبت برنة صوته ...

كان دائم الابتسام ..ترى هل يعلم أن ابتسامته جذابة؟؟ساحرة ؟؟

ولكنها حاولت أن تركز فيما تقول وأن تصرف نظرها عنه .

تحدثت عن تصاميمها بفخر ومشروع تخرجها وأفكارها ..

واستمع لها دون أن يبدي رأيا ... استمع وسأل واستفسر .. ولم تعرف هل تقبلها ا م لا .

وانتهى  اللقاء بوداع هادئ متوقعة ألا يتصلوا بها برغم أنه ودعها بابتسامة وهو يقول :" سأراك ثانية".

كان كلامه به الكثير من الثقة ولكنها لم تصدقه أو تضع أى آمال عليها .

فربما يقولها لكل المتقدمين .

وعندما جاءها الاتصال من سكرتيرته بأنه تم قبولها ،كانت دهشتها أكبر  من فرحها .

وبدأت العمل .. كان الراتب جيدا والعمل جاد ويحتاج إلى  مجهود كبير .. برغم أنه تم رفض أفكارها لأنها غير تقليدية إلا أنها لم تيأس أنه في يوم ما ستتعامل مع مؤسسة ما  أو عميل ما  يريد أفكار غير  تقليدية .. يوما ما .

لم تتعامل مع المهندس حسام بعد يوم المقابلة وأعجبها ذلك ،فهي لم ترغب أن تقع تحت سحره مثلما وجدت أغلب العاملات بالشركة .

بعد فترة من العمل ،سمعت بوجود خلاف بين المهندس حسام والمهندس شريف .. الشريك الآخر والأكبر  بالشركة ،لم تعرف أسبابها ولم تهتم بأن تعرف...

وإن سمعت همهمات عن وجود فساد يتستر عليه المهندس شريف أو ربما هو  شريك فيه .. ولأنها لا تهوى الاشاعات فلم تهتم ولم تصدق بالبداية ..

حتى نزلت لتتابع العمل فى  إحدى المنشآت ووجدت العمل لا يتوافق مع المطلوب وعندما واجهت المقاول على  عدد أسياخ الحديد المستخدمة والتى هي أقل من المطلوب ،رد المقاول ببرود بأن البناية لن تقع وأن ما تطلبه مبالغ فيه .

كان واضحا أنه يختلس من مواد البناء وعندما هددته بأنها ستخبر المهندس شريف ،رد بابتسامة باردة :"لا داعي لإجهاد  نفسك ، فهو يعلم بكل شيء وموافق عليه"

لم تصدقه بالطبع وكانت خطوتها التالية هي الذهاب إلى  المهندس شريف والذى لم يختلف رده عن المقاول وهو يكلمها كطفل غغب  قائلا ببرود:" بالطبع أنت تعلمين  جيدا أنه عندما ينقص من كل عمود خرساني  سيخ حديد أو اثنين ؛فلن تقع البناية ..إذن أين هي المشكلة؟؟"

ردت بإنفعال :" ولكن هذا غش"!!

رد وهو  ما زال هادئا :" الغش لو كانت ستقع  ...ثم أنا المسئول هنا وليس أنت."

خرجت من مكتبه تكاد لا ترى أمامها .. يكاد رأسها أن ينفجر ..فهذا الرجل كان قدوة للكثيرين ولم تتوقع أبدا منه أن يكون مؤيدا أو شريكا في الفساد.

فاقت من شرودها على  دخول المهندس حسام غرفة المهندسين .

فجأة ربط عقلها بين ما حدث معها ومع ما سمعته من قبل من إشاعات .. إذن فهو رافض مثلها لما يحدث .

سمعته يتحدث بصوت قوى وهادئ :"أنا سأخرج من الشراكة هنا وبإذن الله سأكون شركة هندسية جديدة ..وأتمنى إذا عمل  أي منكم معى بالشركة ".

الطريق الى  قلبك Where stories live. Discover now