الفصل الأول

272 35 32
                                    

لقد كنت متفاجئا و سعيدا جدا، لأنني أطير في الهواء و حاولت السباحة في غرفتي، لم يكن ذلك الشعور ليوصف، كان رائعا حقا، بل قمة في الروعة،

تخيل أنت، أن تستيقظ و تجد نفسك طائرا حرا طليقا، تسبح في غرفتك بين أشيائك؟ أليس ذلك رائعا؟

سبحت و حلقت في غرفتي حتى إستطعت التحكم في نفسي و الطيران بشكل جيد كنت أتدرب لمدة ساعتين تقريبا على التوازن و الطيران بشكل مستقيم و هادئ حتى أستطيع تجنب الأشياء المتطايرة من حولي،

ثم خرجت من غرفتي لأرى ماذا حل ببقية المنزل. كان كل شيئ يتطاير في الهواء، بدا ذلك مدهشا حقا، جميع الأثاث و كل شيئ بلا استثناء كان يتطاير، حتى والدي و والدتي كانا يحلقان في الهواء.

حاولت إيقاظهما حتى يروا منظر المنزل، كنت أريد أن أرى ردات فعلهم قبل الجميع.

ناديت عليهما حتى أستيقظت والدتي و نهضت، كانت تعابير وجهها مضحكة جدا، تماما كما توقعت، و أيقظت هي بدورها والدي بعينين مفتوحتين مدهوشتين: "انهض يا أبا وسيم، إنهض و شاهد ماذا حل في المنزل" نهض والدي متأفئفا و قال: "ماذا هناك ماذا حدث" مسح عينيه و ما أن فتحهما حتى رفع حاجبيه و فتح عينيه بدهشة هو الآخر، كان يعيد مسح عينيه و ينظر مجددا، بدت تعابير وجههما مضحكة و لكنني حاولت كتم ضحكاتي حتى خرجت من الغرفة، سابحا في الهواء.

كان يوم الإثنين و أنا طالب في الثانوية، ربما لم أخبرك بعد، كان من المتوجب علي أن اذهب إلى المدرسة، و فعلا ذهبت إلى الغرفة و بدأت أرتدي ملابسي. كنت ما إن أضعها في مكان ما و أجهزها لألبسها، حتى كانت هي بدورها تطير في الهواء، لذا كان علي أن أرتدي قطعة واحدة ثم أسبح لأجلب الأخرى حتى أرتديها كان ذلك صعبا بعض الشيئ، و أخذ مني وقتا طويلا أكثر من المعتاد بكثير و لكن لا بأس كان ذلك ممتعا على أي حال.

أمسكت حقيبة كتبي التي لطالما أحسست بثقل وزنها و تذمرت منه، كانت اليوم خفيفة جدا، و عندما لبستها لم اشعر بأي ثقل كأنني لا أحمل شيئا على ظهري كان ذلك مدهشا.

أعلم أنك تحسدني الآن و تتمنى أن تكون مكاني. و لا ألومك أبدا، كنت لأفعل الشيئ نفسه لو كنت مكانك.

بعد أن حملت حقيبتي و خرجت من المنزل بدأت أحلق باتجاه المدرسة. حتى طريق المدرسة الممل والمتعب، بدا ممتعا اليوم !

و كنت أتمنى لو كان ذلك الطريق أطول، صحيح أنني قد واجهت بعض المشاكل في طريقي، فالسيارات، الأحجار، المقاعد الخشبية و الطاولات جميعها كانت تعيق طريقي و هي تحلق في الهواء حولي، و كانت بعض الأشياء تطير و تتحرك فجأة دون سابق إنذار، لذا كان يتوجب علي إبقاء عيني مفتوحتين و البقاء حذرا طوال الوقت.

لكن هذا لم يكن بذلك السوء أيضا من وجهة نظري، فجمال شعور التحليق في الهواء، طغى تماما على قلقي من أي شيئ. وصلت إلى المدرسة، و كانت كالمتوقع جميع المقاعد و الطاولات و الكراسات و الكتب تحلق في الهواء.

شعرت بأن خياري للقدوم إليها لم يكن صائبا، فنحن لن نتعلم شيئا اليوم على أي حال.

كان جميع الطلاب يسبحون و يلعبون في الهواء، كانوا جميعا سعداء لاسيما الأطفال، كانوا غاية في السعادة.

جاء ألي صديقي حامد، المعروف بإسم قاموس المدرسة، و بدأ يشرح لي كم هو خطير هذا الذي يحدث، لكنني لم أستمع إليه، لأن هذا ممتع جدا بالنسبة لي، و لا أريده أن يتوقف، كنت أفضل تجاهله و تجاهل كلامه. ثم بعد ذلك خرجت لألهو لبعض الوقت فنحن لن نتعلم على أي حال في المدرسة و قد لا يأتي المعلم أصلا.

خرجت إلى الشارع و بدأت أتامله، لم يكن يتوقف عليه سوا الأشجار ذات الأوراق الطائرة، فقد كانت تلك الأوراق واقفة، كشخص قد وقف شعره من شدة خوفه و بدت لي تلك الفكرة مضحكة. كما أنني تذكرت أن كل من يمتلك شعرا طويلا في مدرستنا، امتلك شعرا متوقفا و مضحكا اليوم. و أكملت مسيري، كانت السيارات و الدرجات و العربات و كل شيئ في الشارع يتطاير حولي، كان الأطفال سعداء جدا بذلك، و كانوا يحلقون بسعادة في الشارع و يلعبون،

أما الناس من البالغين كانوا يحاولون التوازن و الطيران بشكل سريع ربما إلى أعمالهم، و لكن أية أعمال تلك ! سبحت باتجاه أحد شركات السيارات التي كانت في ذلك الشارع و ألقيت نظرة من أحد نوافذها لأرى كيف يجري الحال هناك.

لم يكن هناك ما يسر فعلا، بدا لي أنهم قد تضررو كثيرا،

و هذا لأن لا شيئ ثابت في شركتهم و لأن السيارات كانت بينما تتطاير ترتطم ببعضها البعض، و ذلك سبب خسارة الكثير من السيارات،

أعتقد أنه ليس بالأمر البالغ في الأهمية لنا، ذلك ﻷننا و بكل الأحوال لن نحتاج إلى وسائل النقل بعد الآن، و لأننا نستطيع التحليق في الهواء و الذهاب حيث نريد.

سبحت باتجاه منزلنا و ذهبت إلى سطحه و جلست في الهواء فوقه لأشاهد المنظر من الأعلى. كان منظرا عجيبا جدا، لا أعلم كيف أصفه لك، لكنه غير مألوف، جميع الناس تحلق في الفضاء و جميع الحيوانات و الجمادات. قلت ذلك محاولا ﻹقناع نفسي: "شعور الطيران وحده أفضل بكثير من مدينة منظمة، لكن رتيبة و مملة".

أسبوع بلا جاذبية - One week without gravity Where stories live. Discover now