16|انتحال- وريث وهمي|

2.6K 200 298
                                    

تساقطت الأمطار الخفيفة في مدينة ديرينا الجبلية الباردة منذ الفجر، تجعل الصياد يعفي ياسين والبقية من التدريب، لكنها أيضًا حبستهم في مبنى التدريب، ورافقهم عزام الذي لم يختفي صباحًا على غير المعتاد، كان يجلس على أحد المقاعد متكئًا بكوعيه على ركبتيه، شابكًا كفيه أمامه ونظره يتجول خارج الجدار الزجاجي، حيث التربة الرطبة التي اختلطت بالأمطار والضباب الخفيف الذي جاء مع الصقيع، لكن لم يكن جلوسه استرخاءً أكثر منه تفكيرًا، فقدمه لم تتوقف عن الطرق على الأرض الخشبية بحركة سريعة والأفكار تأتي وتذهب في عقله، وبقية رفاقه، يوسف، مراد، علاء، محمود وعيسى عدا محمد يجلسون معه مترقبين القادم ومتطلعين له بتوتر، حتى فُتح الباب الخلفي للردهة والمتصل بحمامات الإغتسال ودخل ياسين فالتفت له بوجهه وجسده وسكنت حركة قدمه.

توجه الأشقر للداخل بهدوء، ثم أومأ بصمت فزفر عزام براحة وهو يرفع جذعه ويعتدل بجلوسه، يراقب ياسين الذي جلس على إحدى الأرائك البعيدة قائلًا بهدوء وهو يمد يده لإحدى زجاجات الماء على الطاولة «لقد اقتنع بصعوبة.. كان هذا صعبًا»

«الأهم أنه اقتنع.. شكرًا على كل حال»

نبس عزام وهو يدور بجسده لرفاقه المبعثرين، فابتسم بتكلف وتهكم ثم تحدث بعد أن رشف من قارورته «لا بأس، وإن كنت لم أقتنع بهذا على كل حال»

«لقد تحدثنا بهذا بالأمس!» اعترض عزام بسرعة، فلوى الآخر شفتيه بامتعاض وهو يمتد على الأريكة مجيبًا «وافقت لأنه الخيار الوحيد لخروجك من هذه المصيبة.. بالرغم من أنها مخاطرة، ولكن إما الآن وإما فلا»

صحيح.. كانت مخاطرة شديدة.

تنهد عزام بخفوت شديد وهو يشبك أصابعه أمامه ثم التفت للخمسة ممررًا بصره عليهم ببطء حتى تحدث «تعلمون جيدًا ما سنفعله، أسبوع واحد، سنتحرك فيه بسرعة ونتنقل في المدن القريبة، ونضرب القوى ببعضها دون أن يعلموا، أسبوع سنجعل الدون وأعوانه يتخبطون حولهم تيهًا وقلقًا دون أن يعلموا من عدوهم، لكن المخاطرة كبيرة، وقد يتم الإمساك بنا أو بأحدنا، من كانت لديه مشكلة في المخاطرة فلينسحب حالًا»

قال كلماته الأخيرة وهو يراقبهم بهدوء في حين لم يتغير تعبير أي منهم وكأنه لم يقل شيئًا مما جعل ابتسامة متحمسة ترتسم على وجهه ببطء وهو يتمتم «هذا جيد، فلنبدأ العمل إذًا»

***

كان يقف أمام الطاولة متكئًا بكفيه عليها، والبقية عدا محمد يقفون حولها، وياسين يراقبهم عن قرب وهو يجلس مكانه، يراقب الخريطة التي تمتد على الطاولة وقد توزعت عليها بضعة علامات حمراء والجميع ينظرون لها بتمعن..

||خذلان : سقوط نجم||Where stories live. Discover now