42|منعطف- وتفرقت أرواحهم|

1.6K 159 249
                                    

لم يكن الأمر هينًا يا صديق.
لم يكن يومًا هينًا رؤيتك تذهب للمجهول دوني أبدًا.
لكني كنتُ أراقبكَ دومًا من الخلف.
أراك تبتعد دون أن أجد طريقة للإقتراب.
تهتم بي دون أن أجد طريقة للململة شتاتك المتفرق.
تبتسم في وجهي دون أن أجد كفًّا أمسح بها دموعك التي تخفيها بحرص في جنح الظلام بداخلك.
لكنني كنتُ دومًا أراه..
ذاك السواد الموجود بداخلك، والذي ظل ينمو يومًا خلف يوم.
وأنا عاجزٌ أراقبكَ من زاوية حياتي المُتْرَفة.
لقد قلتُ لكَ يومًا.. أنا أقرأ البشر.
ولا أعلمُ كيفَ غفلتَ عن ذلك، وتركتَ قلقكَ وحزنك ظاهرَين دون بذل جهد لتواريهما عني.
ودون إعطائي فرصة لأشاركك ترَحَك.
أنا وببساطة.. وثقتُ بك، بقدرتك، بذكائك، وجهدك المبذول لأجلي.
لذا، ما اهتممتُ يومًا للحظات التي مددتُ بها كف النصح لك لمساعدتك وتجاهلتني بها.
لكني في ذاك اليوم..
في اليوم الذي افترقت به طرقنا وأرواحنا..
في آخر مرة تصافحت ذراعينا بقوة..
تمنيتُ يومها لو التفتَّ لي، وأخذتَ بكفي، تمنيتُ لو أصررتُ وغضبتُ.
لو أشعلتُ الأرض كي لا تذهب ولا تغادرون.
كي لا نفترق ونبتعد أكثر.
لكني تركتُك، وتركتُهم..
وظللتُ أحدق بآثار الغبار الذي خلفتموه خلفكم وبداخلي.
تركتُكَ تذهب وافترقت أرواحنا..
وذراعي ما تزال تشعر بذراعك.. ويقشعر جسدي.

***

أسبوع من الهدوء الشديد مر على أرجاء المملكة، لا اغتيالات جديدة ولا تحركات لأي طرف من الأطراف، وصباح يوم جديد -هادئ- يأتي عليهم كغيره.

«هذا الملل قاتل» تمتم محمود مغمضًا عينيه وهو يمتد على إحدى الأرائك، ونظر له عزام نظرة سريعة قبل أن يعود للتركيز في الكتاب بين يديه.

«تأخير موعد الترشيح ستة أشهر أخرى أصابني بالإحباط!» علق عيسى على الخبر الذي انتشر في أصقاع المدينة، وأيضًا.. لا رد من البقية.

تنهيدة خرجت من صدره وصدر علاء، ثم عادا يحدقان بالسقف.. وما زال الوضع هادئًا.

***

حركت الستائر لتعدلها، ثم عادت ترتب مفارش الطاولة وتنفض الوسائد.

لم يكن هذا ضمن عملها لكنه أفضل لها من الجلوس دون عمل تقوم به.

صوت لارتطام حَجَرة صغيرة جدًا طرق زجاج الشرفة، فالتفتت ناحيتها بهدوء، وتلك الملامح الهادئة التي ترافقها دائمًا لم تتغير لحظةً واحدة.

توجهت للشرفة، وفتحتها بهدوء، ثم خطت بضعة خطوات للخارج، حيث تستقر منضدة صغيرة مزخرفة يرافقها كُرسيان، فتوقفت بخطواتها أمامها لترى تلك الورقة الصغيرة المثنية تستقر تحت المفرش المنقوش فسحبتها بخفة.

||خذلان : سقوط نجم||Where stories live. Discover now