{ الفَصْلُ الرابِعْ-صُورَة }

11.3K 1K 1.4K
                                    

الثالث عشر من سبتمبر - 9:00 مساءا :

كانَ شارِدُ الذهنِ بما حَصَلَ مَعهُ الليلةَ الماضية، رُبَما هو بالغَ قَليلاً بأنفعالهِ على صديقه لَكِن ما قد قيلَ لم يَكُن هَيناً عَليهِ البَته، عَينيهِ تُراقِبانِ تَسابُقَ أوراقَ الاشجارِ الذابلةِ في الخارجِ مَع بَعضِها، السماءَ مُتَلئلئةً بنجومِها لِتَبدو كَمن ارتدت فُستاناً اسوداً مُرصعاً بالماسِ، السَياراتُ تَمضي بطريقها مُعلنةً تَسابقها مَعَ بعضها هي الاخرى وهُناكَ نَهرُ الهانِ الذي عَكس سَماءَ سيؤول الصافية تِلكَ الليلةَ والذي كان لا يَفصِلُ بَينهُ وبينَ جيمين سِوى الشارع، كانَ يُراقِبُ كل ذلِكَ مِن خِلال النافِذةُ الكَبيرة المُجاورة لطاولتهِ التي قامَ بحَجِزها مُسبقاً للقاءهِ مَع تِلكَ الكاتِبة التي جَذبتهُ افكارِها، لَم يَنتبه حتى لِدخولِها الى المَقهى فَهو كان مَشغولُ البال سانِداً ذِقنهُ الى ابهامهِ وسبابَتهُ بينَ شَفتيه عاقِداً حاجبيه، بالسترةِ السوداء القاِبعُ تَحتهُ قميصٌ أبيضُ اللونِ وبنطالٍ بِذاتِ لَونِ سِترته وشَعره المُصَفف بعنايةٍ ليُشَكِل حَولهُ هالةً مِن البرودِ والغُموضِ الذي زادَ تَوتُر كارا كَثيراً.

حَمحَمَت قَليلاً لتأخذُ نَفساً عَميقاً قَبلَ القاءِ تَحيتها عَليه واقِفةً بالقربِ مِن طاوِلَته

" مَسائُكَ سَعيد سَيد جيمين "
حاولت ان تَرتسِمَ على شفتيها إبتسامة قائِلةٌ ذلك

أدارَ رأسَهُ مُبعِداً يَدهُ قَليلاً عَن ذِقنِهِ باحِثاً عَن صاحِبَة ذلِك الصَوتِ حَتى تَغيرت مَلامِحَهُ تِلقائياً لِينهضَ مُبتسماً بأشراقٍ بَسطَ يدهُ أمامها لِمُصافَحتها.

" اوه انسة كارا! يسعدني لِقاؤكِ مجدداً "
قال ذلك بعدما تلامست ايديهما في مصافحةٍ ودية

" تفضلي بالجلوس لو سمحتِ "
قال بعدما أُفلِتت ايديهما عن بعضما مُشيراً الى المقعد المقابل له، سحبت كرسيها وبهدوءٍ جلست أمامهُ ليجلس هو ايضا في مكانه

" لم اطلب اي شيءٍ حتى الآن، كنتُ في انتظاركِ، ماذا تودين ان تشربي؟ "
قال بحماسٍ شابكاً اصابعهُ واضعا كَفيه على الطاولة التي كانت تفصله عن كارا

" همم، لا ادري اطلب ما شِئت "
بقليلٍ من التوتر هي أخذت تُفَكِر، رُبما هو تَفهم لِما هي تتحدثُ سريعاً بنبرة مُرتَبكة وذلكَ لأنها تُقابل شخصاً مِثله؛ لِذا هو ابتسم مُحرِكاً رأسه الى الاعلى 

" سأطلب لكِ من نفس نوع قهوتي المفضلة، فهي مفتاح افكاري "
بأبتسامةٍ واسعةٍ قالَ ذلكَ غامزاً. كانَت مُتوترة حد الموت قبل رؤيته لكنها الآن وللطافته هي بَدأت تهدأ شيئاً فشيئاً. رَفع يَدهُ بعلوٍ مُناسب مُشيراً الى نادلٍ ما ليأتيهِ سريعاً

ابن الشيطان || نبضWhere stories live. Discover now