27

9.6K 233 3
                                    


جلست بيريهان مقابل والدتها في كافية المشفي بعد صراخ الأولي غير المبرر في وجه والدتها دون سابق إنذار
هتفت فريدة بعتاب : ايه اللي حصل فوق ده !!؟
نظرت نحوها بجمود : انتي السبب في اللي عمله بابا .. يعني انتي كنتي ام بس .. مكنتيش زوجة .. وانا بتعاقب بسببكم ..
نظرت فريدة نحوها بضيق ،لتكمل بيريهان بشرود دون إعطائها فرصة الحديث: يعني إياس يعمل في مراته اللي ميتعملش من واحد بيحب مراته بالشكل ده .. عشانك انتي .. وأنا أتهم بابا بأنه خانك رغم إنه معملش حاجة ..وبرضو كان بسببك ...!!
تحولت ملامحها للصدمة وهي تسمع كل الاتهامات موجهة نحوها ...
هتفت فريدة بحزن: وبعدين يابنت فريدة .. ؟!
هتفت بيريهان بقسوة: لا .. بنت سيف منصور .. اللي رغم انشغال مراته عنه لسه بيحبها ولا عمره حتى فكر انه يخونها حتى لما جاتله فرصة انه يعمل كده ..وانا مش عايزة ابقي زيك .. مش عايزة افرق بين عيالي او اني اهتم بيهم علي حساب جوزي وفي الاخر يروح يتجوز عليا او يخوني .. واكيد حازم مش زي بابا ...
قالتها ونهضت من مكانها بعد أن تلقي إليها نظرة مملؤة بالمشاعر ... غضب ولوم وعتاب .. و... واستحقار .. لقد رأتها جيدا وقرأتها .. ابنتها تخجل منها .. لكنه
تعلم أنها مخطئة. لكن لهذه الدرجة لم تتوقعها أبدا ..
ما ذنبها أن كان كل شئ ضدها ...
نهضت من مكانها لتعود للأعلى .. وهي تقرر بأنها ستصلح كل شئ. .
***********
وقفت في منتصف الردهة جاحظة الأعين .. لا تعلم بما تشعر في مثل هذه اللحظة ... خوف ..
لا ليس خوفا .. بل هو نفور .. أجل نفور .. تشعر بالتقزز ما أن رأته ..
باطن عقلها الأسود بدأ في العمل وهو يعيد عليها ذكرياتها ..
ذكريات كانت نسيتها أو هكذا ظنت .. قلبها يدق بعنف وهو ينادي حبيبه ..
شعرت بيد علي كتفيها ... انتفضت لكنها لم تلتفت وهي مازالت تحدق في البعيد حيث هو ..
لفها أليه ليصدمه منظر عينيها التي كانت منطفئة .. ربما ألم يحيط بعسلهما ليذيب قلبه في أخمص قدميه ..
هتف بخوف وهو يحيط وجهها بين راحتيه : ياسمين .. مالك ..؟؟!
نظرت في عميق عينيه وهي تقول بخفوت : هو ..
ضيق بين حاجبيه بقلق وهي تكمل : جاي يكمل !!
نادها بقوة لتلتفت له وهي مازالت تهذي : ابعده ..!!
ابتلع يوسف ريقه بخوف ونادي علي حازم الذي كان قد وصل للتو ..
هتف يوسف بقلق وهو يحدث حازم : ياسمين مش عارف مالها .. فجأة كده لقيتها زي مهي ..
انتقل له القلق وهو يقول: ياسمين .. مالك !؟؟
دارت عينيها له وهي تقول بهذيان : شوفته ..جاي يكمل !
هزها حازم وهو يقول: مين ده ؟؟!
– محمود !!!
كلمتها كانت كعود الثقاب الذي أشعل البنزين .. التفت حازم ناحية ما تشير بإصبعها ليصدمه الواقع ...
اقترب من مكانه ببطء السلحفاة. وهو يصرخ بأنه ليس حقيقيا ..
رمش بعينيه عدة مرات ليتأكد من وجوده ..لكن صدمته كانت أكبر .... حتى ظهرت هي ..
كانت تبادله النظرة بأخرى قلقة خائفة .. ارتشعت شفتيها وهي لا تعلم ماذا تفعل وكيف تتصرف ...
وقف هو أمامها وهو يقول: أهلا حازم ؛!
أمسك حازم به من ياقته وهو يهدر به : بتعمل ايه هنا ؟؟!.. وايه اللي جابك .!!؟.
ابتسم بسخرية وهو يشير بعينيه للمكان قائلا: دي مستشفى ....ولا انت مش واخد بالك يا حازم !!؟
كز حازم علي أسنانه بقوة كاد يكسرها والتفت لمن خلفه بذهول محتقرا الوضع !!
ابتسم محمود وهو يقول: المدام !!
جحظت عيناه بصدمة كانت قوية لدرجة لم يستوعبها وهو يكرر جملته بعدم تصديق : مراتك !!؟
هز رأسه مؤكدا وهو يبعده عنه قائلا: وجاي هنا عشان نعمل فحص ع البيبي !!
رمش بعينيه يقنع عقله بأنها هي ..
هي من خانته لأجل المال.. ماذا ينتظر منها .. هي السبب في كل ما عاناه طيلة السنوات الماضية .. بين ألم شقيقته وذنبه هو ..
هي نفسها من وضع كل ثقته بها وداست عليها ...
بصق بجانبه وهو يقول: هقول ايه يعني .. الطيور علي أشكالها تقع !!.
هتفت بخفوت : بنتي فين يا حازم .. !؟
ضيق بين حاجبيه بتعجب وهو يصحح لها : لا معلش .. دي بنتي أنا ..
أكمل بسخرية : انت ناسية انك مضيتي تنازل عنها ولا ايه !!.. ابقي فكرها يا محمود .
ضحك بدون مرح متشفيا وهو يري دموعها تنهمر بحسرة وقهر !!
ثم عاد حيث ياسمين التي تغلب تعجبها من تصرف حازم علي خوفها . ويوسف الذي لم يفهم شئ مما يحدث ..
هتف حازم: مراته !!
فغرت فاها بصدمة وهي تقول: مراته !!؟
ضم كتفيها لصدره وهو يقول: خلاص .. مش لازم تخافي بعد كده !!
نظرت ليوسف وأمسكت بيده وهي تقول بصدق : عمري م اخاف وانا عارفة انه جمبي !!
ابتسم لها لتلمع بحور عينيه بعشق ينسيها حتى اسمها وليس العالم من حوله .. وجدت نفسها تحتضنه بقوة غير آبهة بالنظرات التي تأتي من بعيد ..
ضمها يوسف بقوة وهو يثبت للعالم بأنه هي من اختارها قلبه ولن يؤنبه عقله أبدا ..
أوقفها يوسف وهو يقول: هو ده...
منع لسانه من نطقها .. لا .. هي زوجته وحده ولن يعترف به كخطيبها حتى ...
هتفت ياسمين بتوسل : يوسف.. خلينا نمشي .. صفحة واتفقلت من زمان ،،..
ابتسم لحازم بمغزى فهز الأخير رأسه مؤكدا ..
التفت يوسف يتجه ناحيتهما وعيني تلمعان ببريق غامض ..
مد يوسف يده لمحمود وهو يقول: يوسف منصور محامي ...
نظر نحوه بدهشة انقلبت لألم حينما مد يده ليبادله فتلقي لكمة أطاحته أرضا ..
جثي علي ركبته أمامه وهو يقول بتهديد: وربي لو شوفت وشك تاني .. لالبسك قضية م تعرف تخرج منها ..فاهم !!؟
انتفض بين يديه بعد صراخه في الكلمة الأخيرة فهز رأسه بعنف موافقا ...
ابتسم يوسف له بظفر وهذب من ياقته وهو يربت علي كتفه ببعض القوة قائلا : شاطر ...
عاد إليهما فركضت ناحيته تتفحص يده كطفل صغير .. وقد دمعت عيناها تأثرا ..
قبل يدها وهو يقول: خلصنا !!
ضحكت بخفوت ووضعت رأسها علي قلبه تستمع لدقات قلبه الهادرة بقربها ...
ضم كتفيها وهما يسيران ناحية غرفة الطبيبة خاصتها ...
*********
أنهت الطبيبة فحصها وهي تقول: انتي الحمدلله تمام المرة دي ... لكن الأكل ... لازم تاكلي !!.
هزت رأسها وهي تقول: حاضر !!
هتفت الطبيبة بابتسامة : تحبي تشوفي الجنين!! ؟
تساءلت ياسمين بحذر : هو واحد صح،!!؟.
نظرت نحوها ولم تمحَ بسمتها وهي تقول : خلينا نشوف !!.
ابتلعت ريقها وهي تنظر ناحية بقلق : لا ..!!
هتف يوسف : مرة تانية ان شاء الله !!.
هزت رأسها بتفهم وهي تقول بعملية : زي م تحبوا .. بس ياريت الفيتامينات اللي اكتبها تتاخد في مواعيدها !!.
هتف يوسف باقتضاب : إن شاء الله !!
أخذ منها "الروشتة" بعدما شكرها باقتضاب وخرجا متجهين ناحية غرفة إبان !!!
••••••••••••••••|
جلست ياسمين في ركن الغرفة بعيدا عن الجميع ..
تنظر لنقطة في الفراغ ولا تحيد عنها ..
عقلها شارد في المستقبل البعيد ..
وسؤال يكرر نفسه .. هل ستعيد خطأ فريدة .
أم أنها غير مستعدة بعد لكونها أم ..
أم أن قلق يوسف لا يشجعها.
اقتربت منها بتول وجلست بجانبها وهي تقول: مالك يا ياسمين !!؟
نظرت نحوها بتشتت وهي تقول : مش عارفة .. حاسة اني استعجلت ..
قالتها وهي تضع يدها علي بطنها في إشارة له ..
ضحكت بتول بقوة وهي تقول: استعجال ايه ياختي .. ده كان هيحصل عاجلا ام آجلا ..
هتفت إبان بسخرية : افتكري بتول وايام حملها في تير .. دانا كنت هسقط ثانوية عامة بسببها !!
ضحكت ياسمين وهي تتذكر ما تشير إليه إبان ..
بتول .. أغرب إمرأة حامل .. يجتمع لديها الخوف والحماس ..
كل شئ ونقيضه .. اجتمع لديها ..هي وحدها من كانت تفهم نفسها . ...
هتفت بتول بضيق : اتلمي يابت انتي وهي ...
ضحكت إبان وهي تقول : الله مش انتي اللي بتهديها ..
هتفت بتول من بين أسنانها : أنا غلطانة ..
ضحكا سويا ، لتتجه الأعين للطارق ..
دخلت بيريهان وهي تقول بمرح : ازي المضروبة بالنار !؟
ضحك الجميع فيما قالت أبان : الحمدلله ..!
رفعت وجهها إليها وهي تقول: ازيك يا ياسمين !!؟
هتفت بتول بتعجب : ده علي أساس إنها مش عايشة معاكي !!.
ضحكت بيريهان وهي تقول: من زمان مشوفتهاش ..
نظرت نحوها إبان بشئ من الفحص والتدقيق.. وهي تقول: شكلك متضايقة !!
أطرقت رأسها بحزن وهي تقول : اتخانقت مع ماما . واتعصبت عليها !!
هتفت إبان بغضب : بت انتي ناوية علي موتي !!
– بعد الشر عليك يا عسل !!
هتف بها حازم بمرح وهو يضايق إياس الذي لم يمنعه عنه سوي خجله مما فعله .. لكنه سيرد له كل ما فعله ..
اختفي مرحه حالما رآها واتجه لياسمين التي كانت منزوية مع بتول ..
هتف حازم بقلق : مالك ؟؟!.. اوعي تكوني لسه ..
قاطعته ياسمين وقد فهمت ما يحاول قوله : لا .. بس شوية تعب ..
هز رأسه متفهما وهو يقول: يوسف عند عم سيف .. شوية وجاي جهزي نفسك عشان تروحي،!!
_ حاضر !!
احتضن كتفيها وهو يقول بمرح: يحضرلك الخير يا عسل !!
هتفت بتول بضيق مصطنع: يعني هم بس العسلات !!
قبل وجنتها وهو يقول: لا طبعا .. بس انتي القمر !!
هتف إياس ضاحكاً: وربنا انت كلامنجي ونصاب !!
راقص حاجبيه بمكر وهو يقول : ع القلب زي العسل !!
ضحكت بتول وهي تقول: من عاشر قوم !!
هتف إياس بدهشة : هي بالوراثة ولا ايه !!؟
ضحكت ياسمين وهي تقول: بالظبط .. أنت ورثتها لبيري وهي اتنقلت لحازم بالعدوى !!.
أطرقت رأسها بخجل ، وهي تسمع حازم يقول: طب اقوم انا عشان الحق أجيب ندي وأدم !!
خرج دون أن يسمع كلمة منهم . هو يريد معاقبتها وسيفعل .. حتى لو كان قلبه يدفع الثمن أضعاف !!
سمع صوتها يناديه فوقف مكانه دون أن يلتفت حتى .
توقفت علي بعد خطوة واحدة خلفه وهي تقول: محتاجة اتلكم معاك !!.،، ممكن !
دق قلبه بعنف وهو يسمع توسلاتها .. لم يكن يوما بأن تصل لهذه الدرجة .. بيريهان العفوية المرحة . ضاعت كلها بين ليلة وضحاها !!!
التفت إليها وهو يقول بجمود : ممكن !!
سارت بجواره حتى وصلا لجراج المشفي حيث يركن سيارته ..
التفت إليها وهو يضع المفتاح : تحبي نقعد في اي حتة !!
هزت رأسها نافية وهي تقول: لا .. خليني اتكلم بس !!
أدار محرك السيارة ، وبدأت هي بالكلام قائلة : عايزاك تسامحني .. عارفة اني اتصرفت غلط .. بس والله انا كنت مصدومة .. حازم انا كل حاجة بقت ضدي .. اتخانقت مع ماما وشكيت في بابا .. وانت كمان ظلمتك،!!
أمسك يدها وهو يقول: اتكلمي يا بيري .. سامعك .. بعيدا عن موضوعي ..لاني نسيته أصلا !!.
وضعت رأسها علي الكرسي وهي تنظر للأمام بشرود قائلة: الحكاية بدأت من زمان .. من 30 سنة .. بابا وماما كانوا متجوزين صالونات .. بس اتحول لحب .وممكن عشق .. ونتج عنه يوسف ومي اولا .. يوسف كان حلو .. حلو جدا كمان .. لدرجة ماما اتهوست بيه مش عشان هو حلو .. لا عشان هو اول فرحتها بعد عذاب سنة مع كلام تيتة الله يرحمها انها مش بتخلف ..ماما عدت عليها أيام مكانتش بتطلع من اوضتها بسبب ده .. بس بابا اتخانق مع مامته عشانها لدرجة انه ساب البيت ومشي .. وبعد ما جه يوسف .. ماما كانت زي اي ام نفسها في ولد يشيل اسم باباه .. وحصل .. بعدها بقي جه إياس .. يمكن تقدر تقول عليه غلطة .. غلطة فريدة .. انها جابت ولد تاني يشارك يوسف فيها .. يوسف كان غيار هو وصغير وكانت كل طلباته مجابة .. وللاسف كله جه علي إياس .. بعدها جيت انا .. اتحطيت ع الرف جمب إياس يمكن لاني كنت صغيرة كنت باخد شوية اهتمام .. رغم ده كنت بحب يوسف .. كلنا كنا بنحبه الا إياس . إياس كان زي اي طفل اتحرم من مامته بسبب اخوه .. حتى خالي لما اختار .. اختار يوسف .. لكن إياس ضرب توقعاتهم كلهم حتى خالو .. بقا إياس منصور . وانا كنت اخته وصاحبته .. بقيت اتباهي بصداقته قدام مي اللي كانت بتنبهر انها تؤام يوسف .. لكن إياس رفض انه يكون زي يوسف .. خلي ماما تزوره وتسافر وتسيبه ..أوقات كانت بتقعد بالشهر ومرة كانت معاها مي فضلنا أنا وهو .. لحد ما جه مراد .. مراد هو أكبر غلطة عملتها ماما .. كانت كل م تبص لمراد كانت تفتكر انه السبب في رفض يوسف انه يرجع معاها .. أحيانا بحس انها وافقت علي سفر مراد وشغله في الطيران عشان تبطل تشوفه .. طول عمري بحس ان عيلتنا مفرقة او انها اتخلقت عشان كده .. تحس انهم لما يتجمعوا تحصل حاجة وتفرقهم .. كل واحد فينا كان سبب غلطة عملتها فريدة ....وانا كنت غلطة فريدة عشان مي كانت بتغير مني . بس انا جيت عشان افضل مع إياس قبل م يموت من حسرته .. زي م انا جيت في وقت هو كان حاسس بالاهمال عشان يعوضني عن حنان فريدة ...
لم تشعر بدموعها التي تغرق وجهها وهي تحكي له مأساتها أو أنه قد توقف عن القيادة وركن جانب الطريق ..
أم أنه ينظر نحوها بنظرات مشفقة لا تريد رؤيتها .. لم تحكي لأنها تريد شفقته أم يعود لها لهكذا سبب ..بل تريد أن تحكي لأنها تريد ذلك ... ستموت خنقا لو لم تتكلم ..
مسحت دموعها بيديها وهي تقول دون النظر إليه : رجعني ...
هز رأسه دون كلمة . يعرف أنها لم تتكلم حتى تسمع لنصيحته أو يرد عليها . بل لأنها تحتاج لهذا ..
أمسك يدها وهو يقول بعد صمت طويل: مش عايزك تفكري كتير .. عيلتك دلوقتي متجمعة يمكن فرصة لمامتك عشان تصلح اللي حصل زمان . اديها فرصتها !!
التفتت تنظر من النافذة للخارج وهي تفكر في كلامه .. يريدها بأن تعطيها فرصة ..
طوال ثلاثون عاما لم تجد فرصة .. ربما لأنها كانت مشغولة البال بيوسف وتفتقد يوسف ...
هزت رأسها بعنف تنفض عنها مثل تلك الأفكار لتترك اللجام للأيام تثبت صدق من !!
**********
وقفت لتبدل ملابسها بمساعدة والدتها والتي تصر علي أخذها معها للمنزل حتى تتعافى تماما !!
أنهت تبديل ملابسها لتجلس علي حافة السرير .. بعدها دخل والدها بصحبة إياس الذي كانت ملامحه تبض بالغضب !!.
هتفت فريدة تهدئ من روع ابنها : يا حبيبي حماتك معاها حق .
هتف إياس بضيق: أنا أقدر أهتم بمراتي !!
هتفت مني بنزق : لا .. مش هتقدر !!.
يعلم أنها كانت تقصد شئ آخر ودليلها هو ابنتها التي أمامها وحالتها المزرية ..
هتفت فريدة بهدوء: مش هتقدر .. يعني انت هتضطر تنزل الشركة .. وانا لولا سيف كنت خليتها عندي ... وياسمين كفاية عليها الولاد وحملها !!.
ربتت علي كتفه تستعطفه: وبعدين هناك هتتحسن بسرعة وترجعلك !!.
نظر نحوها بعدم اقتناع فيما قال : طيب..!
اقترب يجلس بالقرب منها وهو يهمس لها :ده بس عشان مش هقدر مفيش اجتماعات سرية ..
ضحكت بخجل وهي تهمس بدورها : اتلم طيب. .
هتف إياس بمكر: الله يرحمك يا ليندا كنتي عاملة شغل !!.
كزت علي أسنانها بقوة وهي تقول بغضب : إياس !!.. لم الدور ،،
تخضبت وجنتيها حرجا من علو صوتها وضربته علي كتفه بغيظ ؛؛
ضحك بخفوت وهو يلتفت لمصطفى : انا عايز اروح معاها !!.؟
هتفت بتول : لا معلش بس انا رايحه اقعد معاهم !!
نظر إياس نحوها بغيظ وهو يقول: مش ليكي بيت !!
رفعت حاجبها بسخرية وهي تقول: هو ممنوع اروح بيت بابا ولا لا ايه !!؟.
كز علي أسنانه بغيظ وأشاح وجهه بضيق ولم يعقب !!
*******
وقفت إبان علي الباب بعدما سمعت صوته ينادي عليها ..
ابتلعت ريقها بتوتر وهي تتلفت حولها تتأكد من عدم وجوده هنا الآن ...
اقترب منها الرجل حتى وقف أمامها وهو يقول: حمدلله ع السلامة !!... يا إبان !!
ابتلعت ريقها بقلق وهي تقول بخفوت : الله يسلمك يا أستاذ جلال !!
ابتسم بمعني وهو يقول: مش تباركيلي جبت بنوتة !!
ابتسمت بحرج وهي تقول: ألف مبروك ..ربنا يباركلك فيها !!
– إبان !!.
فغرت فاها بدهشة وهي تقول بغباء :ها مين !!؟
ضحك جلال وهو يقول: بنتي سميتها إبان !!.. مش هلاقي أعز منك ..
سعلت بحرج ولم تستطع نطق كلمة أخرى وهي تجد عاصفة هادرة مرت من جانبها وأخذت معها جلال بلكمة تشك أن أسنانه مازالت مكانها !!.
هدر إياس بغضب وهو يقول: هي مين دي يا روح أمك اللي مش هتلاقي أعز منها .. ها !!؟
خطت نحوه ببطء وهي تقول: إياس سيبه !!.
نظر نحوها نظرة أرعبها .... ألجمت لسانها عن تكملة البقية !!
عاد بنظريه لجلال الذي كان ينزف من فمه وأنفه ..
هتف جلال بتعلثم : هي جارتي من زمان !!.،، وا..
صرخ إياس بغضب : وحتى لو كده .. قالولك عنها انها متجوزة شوال بطاطا ..
هز رأسه نافيا وهو يقول: حاشا لله ..
أمسك بياقة قميصه وهو يقربه منه قائلا من بين أسنانه : آخر مرة اشوفك واقف معاها .. او اني أشوفك أصلا !!.
رمش بعينيه بعدم فهم قائلا : بس أنا ساكن فوق ،!!.؟
هتف إياس بلامبالاة: ملييش دعووة .. لما تشوفها تقف مكانك لحد ما تعدي وعينك ع الارض !!.
هز جلال رأسه بخوف وقد أرعبته نظراته ...
ابتعد أياس عنه واقترب من إبان ليحملها وهو يقول بسخرية : مفيش دقيقتين سبتك فيهم .. اجي الاقي عريس واقف ع الباب !!.
ضحكت بخفوت وهي تتعلق بعنقه : بحبك !!
رفع حاجبه بدهشة وهو يقول: عشان مفيش يعني !!
ضحكت بعلو تلك المرة وهي تقول: استمتع بقا !!
بادلها الضحك وهو يقول بخبث : بكرة تبقي كويسة واخد اللي انا عايزه !!.
ضربته علي كتفه بغيظ وهي تقول بخجل: اتلم !!
راقص حاجباه بمكر وهو يقول ؛ مش انتي اللي بدأتي !!
وضعها علي فراشها وهي تقول: مش همشي من هنا !!.
اقترب من وجهها وهو يقول: معنديش مانع اجي انا !!
اقترب أكثر وانحنى يقبلها لولا سماعه لصوت زياد ابن أمجد ..
أخذ قبلته منها والتفت لزياد الذي كان يقف بعيدا ..
جثي علي ركبته وهو يقول: أمك بتنادي عليك !.. روح !
نظر لإبان التي مدت يدها له وهي تري دموعه تهدد بالانهمار !!
اختبئ بحضنها وانهمرت دموعه خوفا منه ....
ربتت علي ظهره بحنو وهي تقول تهدئه: بس يا حبيبي .. ده إياس بيهزر معاك ...
هتف إياس من بين أسنانه قائلا: بس أنا مبهزرش ،!!
نظرت نحوه بغضب وهمست لزياد بشئ بهدوء لتهدئه ..
دخلت مني وهي تحمل صينية الطعام بين يديها ..
أخذها منها وأشار برأسه ناحية زياد وهو يقول: خدي ده من هنا ..
حاول ابعاده عن زوجته إلا انه تشبث بها بقوة ....
زفر إياس بضيق وهو يري كل محاولاته قد باءت بالفشل ..
جلس علي حافة الفراش وهو يطعمها وزياد يرفض تركها
_____________
عادت ياسمين للقصر بعدما اطمأنت علي إبان وتركت هناك إياس ...
دخلت غرفتها ليصدمها ما رأته ... لقد كان أدم يعبث بمحتويات الخزانة ويلقي بملابسها أرضاً...
نادته ياسمين بغضب: أدم !!
لم يلتفت لها وهو يكمل ما يفعله ... أمسكت بيده بشئ من القوة وهي تقول: بتعمل ايه ؟؟
دمعت عيناه ونزلت واحدة وهو يقول: أنا بحبك يا مامي !
نظرت نحوه بدهشة وأطبقت فمها وهي تسمعه يقول: مش تروحي و تسيب انا .صح ؟؟
هتفت بصدمة : مين قالك كده !!؟
– تيته !!
احتدت ملامحها غضبا وهي تقول: مين !!؟
لم يعرف اسمها لذا قال: تروح عمو مراد ،!!
هتفت بخفوت غاضب : صفية !!
أمسكت بيده تخرج وهي لا تري شيئا من شدة غضبها .. تعلم أنها منذ الزيارة السابقة وهي تخطط لشئ .. لم تتوقع أن تكون بتلك الدناءة .. تستغل أدم .. لكن لم،!؟
وقف يوسف أمامها وهو يحمل الصغير قائلا: ادخلي !!
نظرت نحوه بغضب فيما هتف بحدة : قولت ادخلي !!.
فعلت ما طلبه منها وعادت للغرفة مرة أخرى ..
جلس يوسف علي الأريكة وهو يقول : قولي بقا يا دومي .. تيتة صفية قالتلك ايه ؟؟!
هتف أدم ببراءة: your dad will go with mam and leave you والدك سيذهب ويتركك) .
أظلمت عينا يوسف فجأة لتصبح قاتمة ...
هتف يوسف بهدوء: خليك عارف ان انا وماما ياسو بنحبك ومش ممكن نسيبك أبدا !!.
هز رأسه مبتسما وطبع قبلة علي وجنته وهو يقول: سوري يا بابي !!.
وكذلك فعل مع ياسمين قائلا: سوري يا مامي !!
بادلته القبلة وهي تنظر ناحية يوسف الذي كان شاردا كمن يفكر في شئ !!.
التفت إليها وهو يقول بغموض: هي جلسة الحكم في الطعن امتي !!.؟
هتفت ببساطة: بعد يومين !!
هز رأسه شاردا وهو يفكر في البعيد،!!
************
أعلن عقرب الساعة الصغير عن وقت الساعة الثانية عشر منتصف الليل !!
رنين الجرس أقلق نوم من بالمنزل ..انتفض النائمون من مرقدهم ..
نزل بسرعة متجها ناحية الباب ليفتحه ليتفاجئ بوجودهم في مثل هكذا وقت،!!
هتف الضابط بأسف : آسفين ع الإزعاج لكن ده شغلنا،!!
هز رأسه في تفهم قائلا: أكيد يافندم .. خير،!!؟
– فين أذن من النيابة صدر بالقبض علي مدام صفية !!
تردد صوت الجملة التي قالها ببرود في أذنه .. بمنتهي الهدوء قالها وكأنها اعتاد علي نطقها ويبدو أنه كذلك !!
هتف مختار بقلق: ليه يافندم .. بتهمة إيه ؟؟!
هتف الضابط بنفس البرود: معنديش أي معلومات .. تقدروا تعرفوا ده في القسم !!.، لكن حاليا لازم انفذ الأوامر !!
هدر به باسم وقد خرج عن سيطرته : يعني ايه متعرفش حاجة .. يعني جاي تقبض علي امي في نص الليل وتقولي بمنتهي قلة الذوق انك معندكش معلومات !!
أمسك باسم بالباب يغلقه وهو يقول: وأنا كمان معنديش اي معلومات عن مكانها !!
نظر الضابط ناحية مختار قائلا: مختار بيه .. انا مش عايز استخدم العنف .. مقدر برضو الظروف ومكانة العيلة !!
هتف باسم بغضب : تقدر تعمل اللي انت عايزه ولا تفرق معايا !!
نظر الضابط ناحية مختار لمحاولة أخيرة من التراجع عن موقف باسم لكن باسم لم يدع له الفرصة وأغلق الباب في وجهه .. لولا تصدي الضابط للباب بيده وأشار لبقية العساكر باقتحام المنزل وقد فعلوا ...
هتف الضابط بأمر : فتشوا المكان،!!
هتف مختار بحرج: يابني بقولك مفيش حد صدقني،!.
التفت إليه قائلا: وانتوا مش عايزين تقولوا عن مكانها !. يبقي احنا نعرف بطريقتنا !!!
خرج الضابط ومن خلفه كان العساكر .. .*
*********
وقفت مكانها لا تعرف أين تتجه. .. لكن لا مفر ..
جلست محلها علي الرصيف وهي تبكي حالها. . لا تصدق أنها الآن ملاحقة. . حاولت الوصول لأحد من بالمنزل لكنها خافت من أن يكون مراقبا. .. لذا استسلمت للأمر الواقع.
ازداد نحيبها وهي تقول: آه ياني .. يا تري عاملة ايه دلوقتي يا سمر. وهما عاملين معاكي ايه ..
*********
خرج الطبيب من الغرفة وخلفه كان مراد الذي وقع قلبه أخمص قدميه وهو يراها تسقط أمامه ولا يعرف السبب .
هتف الطبيب بعملية : المدام اتعرضت لصدمة عصبية وده خطر ع الجنين خصوصا في الشهور دي !!
هز مراد رأسه في أسي وهو يقول: طب هي كويسة ولا ده خطير عليها .،،!؟.
هتف الطبيب يطمئنه: هي كويسة .. بس ياريت بلاش تخلوها تضغط علي أعصابها !!.
شكره مراد باقتضاب وأوصله للخارج ليعود للداخل حيث والدته وزوجته التي لا تع لمن حولها. ...
هتف مراد بحزن وهو يجلس بجانب زوجته : يارب ،،
ربتت فريدة علي كتفه وهي تقول: ان شاء الله هتبقي كويسة .... خليك جمبها ..
هز رأسه بصمت وكأنه لن يفعل.. لا زال يذكر سماعها للخبر في الهاتف وحتى الآن لا يعرف من المتصل ..
تنهد بحزن وهو يربت علي شعرها قائلا: اصحي يا سمر .. متخافيش انا عمري م هسيبك،... يا حبيبتي !
**********
وقفت تنظر للبعيد .. بعيد جدا .. حيث لا شئ .
لا هموم. . لا أحزان .. لا فقدان حبيب ..
وضعت يدها علي بطنها وانهمرت دمعة حارقة من عينيها ربما الأولي منذ علمت بما صار ..
جنينها لم يخلق .. لم تكن به روح . كان له أيام فقط ..
*****
فتحت عينيها بعد وقت كثير .. لتجده يجلس جانبها ويده تحتضن يدها بتملك كعادته ..
نادته بخفوت فرفع وجهه إليها .. ثم كأنه للتو قد وعي لما حدث فتحسس وجهها باشتياق يتشرب من ملامحها كمن غابت عنه سنين وليست بضعة ساعات فقط ..
هتف إياس بلهفة: إبان .. انتي فوقتي صح!؟؟
هزت رأسها بإيماءة خفيفة تكاد تكون ملحوظة .. وهي تشعر بألم أسفل معدتها ..
قبل جبهتها قبلة طويلة وقد خانته دمعة لتنزل علي وجهها ..
رفعت وجهها إليه وهي تقول: إياس .. انا كويسة يا حبيبي...
مسح دمعته وهو يقول: أيوة .. أنت معايا يا حبيبتي .. ومستحيل أتخلى عنك أبدا ..!!
جثي علي ركبته وهو يمسد علي شعرها بحنو شاردا .. وألمها يزداد ...
تأوهت بخفوت لكنه انتبه لها فهتفت بقلق: إبان مالك .. هروح أجيب الدكتور !!.
أمسكت بيده تمنعه وهي تقول: لا أنا كويسة .. بس شوية تعب !!.
وضعت يدها أسفل معدتها وقد أيقن السبب ..
قبل يدها وهو يقول: هتسامحيني صح .. أنا آسف .. آسف !!
نظرت نحوه بدهشة وهي تراه قد بدأت دموعه في الانهمار .. أكمل إياس قائلا: بس والله غصب عني .. لو كنت أعرف ان ده هيحصل مكنتش سمحت بده يحصل أبدا ..
دمعت عيناها وقد راودتها فكرة مزعجة وهي تقول: إياس بلييز .. في إيه !!؟
تنفس بعمق وهو يقول: الدكتور قال .. انه ... ان.. كان فيه جنين بس لسه في أول أيامه ..
جحظت عيناها بصدمة واحمرت عيناها .. لا تعرف غضباً أم بكاء. . نظرت نحوه وهو يكمل منهارا : قول انك مش هتسيبيني .. صح . .. هتسامحيني .. !!
ربتت علي يده وقد حبست دموعها قائلة: مش ممكن أسيبك أبدا ... انت حبيبي !!.
******
ومن وقتها لم تدمع أو تبكي .. لقد وعدته بأن تكون معه .. هي غاضبة من نفسها .. لأنها لم تعلم بوجود الطفل وإلا كانت لتكف عن تهورها ... وما فعلته مع ليندا ..
حتى الآن لا تصدق ما فعله شريف معها لقد كان متعاونا إلي حد لم تتوقعه يوما ..
لقد أخبرها كل شئ عن ليندا وعملها أيضا .. لقد كانت حبيبة إياس أولا .. هي تلك الفتاة التي استمرت علاقته معها طوال سنتين .. حتى ظهر شريف وتعرفت عليه وحينها تركها إياس بمنتهي السهولة ... هي من عرفته علي الذين يعمل معهم ..ليتزوجها بعدها بشهور ثم ينفصلان بعد رؤيته لها .. تركها لأجلها هي .. وقد عادت لتنتقم منها .. وقد فعلت .. أفقدتها أغلى ما قد يكون لها...

رغم التحديات (قلبي لك ج3) للكاتبه أميرة صلاححيث تعيش القصص. اكتشف الآن