الفصل الاول

42.5K 1.4K 92
                                    



الفصل الأول

انطلق يشدو بسلطنة عالية و بصوته الجهورى الذى تميز به بين زملائه من المقرئين و قد اخذه الإعجاب بصوته وهو يقلد ذاك المنشد الذى جلبه عمدة النجع المجاور في فرح ابنه البكر .. و كان من بين المدعوين او بالأدق ممن نالهم بعض من نفحات تلك الليلة العطرة التي أقيمت فيها الولائم و ذُبحت فيها الذبائح فرحا بذاك الحدث الميمون..

وضع كفه على مكان ما تحت ذراعه الأيمن يتأكد ان قطعة اللحم التي انتشلها من بين براثن الخفراء و هم يوزعونها هنا و هناك لازالت في موضعها لم تفارقه ..

تنهد في راحة عندما شعر بوجودها الدافئ بالقرب من قلبه فأكل اللحم مناسبة لا تتكرر في العام اكثر من ثلاث مرات و ربما اربع اذا طابت الأحوال و تهيأت الظروف و أرسلت مثل ذاك الزفاف السعيد لأحد العمد في احد النجوع التي ينشد فيها ..

ارتفعت عقيرته مرة أخرى بالإنشاد للأمام البصيرى رائعته الخالدة في مدح المصطفى صلوات الله عليه .. نهج البردة :-

مولاى صَل و سلم دائما ابدا ..

على حبيبك خير الخلق كلهم ..

و فجأة .. انتفض الشيخ عبدالعزيز الفقى في موضعه عندما تناهى لمسامعه صوت جهورى لا يقل حدة عن صوته :- حمدالله بالسلامة يا شيخ عبعزيز ...

-سلام قول من رب رحيم ...هتف الشيخ عبدالعزيز بالأية الكريمة وهو يقفز مذعورا..ثم هدأ قليلا عندما تنبه للخيال الأنثوي الذى استطاع تمييزه رغم الليلة الحالكة الظلام وسط المقابر التى كان عليه ان يسلكها دوما عند عودته حيث يسكن فى احد الغرف المتواضعة الواقعة على احد أطرافها ..

ثم هتف معاتبا في ضيق :-

- انا مش جلتلك ميت مره يا بت متطلعليش فى الضلمة كِده  ...هتجضى على مستجبلى يا بعيدة..

- چرى ايه يا شيخ عبعزيز !!... قالتها بلا اى حس انثوى وبصوت جهورى ...واحدة اسميها (روح) عايزها تطلع لك فين يعنى .. فى المولد!!؟؟ ...ما هو لازم تطلع فى الضلمة ...

- يحظك يا بعيدة .....قالها وهو غارق فى ضحكاته.

ابتسمت بدورها عندما استطاعت انتزاع ضحكاته من قلب غضبته عليها و ضيقه لإفزاعها إياه ..

وصل عند باب حجرته و ما ان رفع ذراعيه ليفتح قفلها المعدنى الصغير حتى تذكر قطعة اللحم التي فاز بها الليلة .. فترك القفل و المفتاح معلق به و دس كفه داخل جلبابه و اخرج القطعة الملفوفة بحرص و كأنها جوهرة ثمينة و استدار لروح  و هي تهم بالرحيل لغرفتها على الجانب الاخر من الحوش الذى يضم غرفتيهما هاتفا بها :- يا بت يا روح ..!؟..

عادت ادراجها مسرعة في سعادة :- نعم يا شيخ عبعزيز .. أامر ..

مد كفه بقطعة اللحم منتشيا :- خدى يا بت .. دى لحمة عمر ما اللى خلفوكِ داجوها ..

روح الشيخ زيزو  .. مكتملة Where stories live. Discover now