الفَصلُ السادِس: خُطوَةُ كآبَة

84 8 8
                                    


بَعيداً عَن ديجورِ اللَيلِ المُخيف، و قَريباً من ضوءِ تِلكَ الصَفراءِ المُلتَهِبه، كُنتُ أسيرُ بِقَدمايَ لأحدِ الأطِباء الذي دائماً ما أذهَبُ إليه، وَقَفتُ أمامَ بَوابَةِ عِيادَتةِ الخاصَة، جَفَلتُ قَليلاً قَبلَ دُخولي، فَتحتُ الباب و قد كانَ هُناكَ غَيري الكَثيرون
جَميعُهُم بدأ عليهِم البُرود، الخَوف، و المَرض.
جَلستُ على أحدِ المَقاعِد مُنتَظِراً دَوري الذي لا أعلَمُ متَى سَيَكون?

-" كيم تايهيونغ، يُمكِنُكَ الدخول "-
أردَفت تِلكَ السَيدة التي تَعملُ في مَكتَبٍ صَغير بِجانِبِ غُرفَةِ الطَبيب
وَقَفتُ لأشُقَ خُطايَ للداخِل، كانَ يَقبَعُ على كُرسيةِ كالعادَة، يَضَعُ كفا يَديهِ على رأسِة و هوَ يقومُ بِحَركاتٍ دائرة، مُصابٌ بالصُداعِ على حَدِ عِلمي!
رأني عِندما دَخلت لِيُشيرَ لي بالجُلوس فَفَعَلت...

-" كيفَ حالُكَ تايهيونغ "-
أردَف يسألُني
" حالي كَما تَرى! "
أشعُرُ بأنني سافِلٌ بَعضَ الشيئِ الأن، إكتَفَ هوَ بإبعادِ نَظَرةِ مِن عليَ ليَقَعها على تِلكَ الأوراقِ التي في يَده.

-" بِما تَشعُر? "-
خاطَبَني يَسأل
" أشعُرُ بأني لَستُ بخيرٍ على الإطلاق، أشعُرُ بالفَراغ، أشعرُ بأنَ هُناكَ شيئاً ناقِص "
أجبتُ عليهِ مُغمِضاً العَينَين، لم أرى رَدَةَ فِعلِه بل سَمِعتُها، كانَ وَقتها يُسَجِلُ ما أقولُ بِقَلَمِة

-" أكمِل "-

" لديَ رَغبَةُ جامِحَةٌ بالمَوت، و لديَ رَغبَةٌ في إزالَةِ الظَلام "
هُنا رَفعَ الطَبيبُ رأسَهُ لِيومِئَ لي بالأكمال، عِندها إستأنَفتُ ما بدأت...

" أُريدُ مَحوَ الغَسَقِ مِن نِظامِ الكَون "
عَقدَ حاجِباهُ بإستِغراب، فارَقَ شَفتاهُ ليَنبس...
-" و لِما? "-
" دَيجورَهُ يَقتُلُني و كلامُهُ مَعي يَجعَلُني أظُنُ بأنَ الغَدَ لَن يأتي أبَداً "
نظرَ لي و لازالتِ نظراتُ الإستِغرابِ بادِيَةٌ على مُحياه ثُم قالَ
-" هَل تَتَناوَل دوائَكَ بُني? "-
صَمتتُ حينَها فَلَم أُجِبه، نظرتُ لِقَدمايَ بِحُزن، إعتَقد بأنهُ يَظُنُ الأنَ بأني مَجنون.
-" تايهيونغ بُني سأصفُ لَكَ دواءٌ جَديد سَيجعَلُكَ تُشفى أنا أعِدُك "-
تكَلم بينَما نَظراتُهُ على تِلكَ الوَرقَةِ التي يَكتُبُ فيها

" مِن ما سَيُشفيني ? "
تَوَقَفَ عن الكِتابَة حينَها، ثُمَ عاودَها مُجَدَداً، أرادَ محوَ ما قُلتُ الأن، أخذَ ما كَتَبَ و أعطاني الوَرَقة.....

-" هَذا الدَواء سَيَجعَلُكَ تتَغَلب على الإكتِئاب "-
أخذتُ الوَرَقَةَ مِنه، لأبتَسِمَ بِتَكَلُفٍ لَه
" أحَقاً سأتَغَلبُ على إكتِئابي بِهَذا الدواء? "
نبرَةُ صوتي كانَت أشبَهَ بالساخِرَة، لذا هوَ لَم يَتَحَدَث فَقَط إكتَفى بِهَزِ رأسهِ للأعلى و الأسفل.
أخذتُ أجرُ بِجَسَدي خارِجاً، إشتَريتُ دواءَ الأكتِئاب و عُدتُ لِمَنزلي....

شَهرانِ بأكمَلِهما و أنا أستَخدمُ ما قالهُ لي، إلا أنَني لازالتُ مُكتَئب، خَرجتُ سائراً في الدُجى، عَجزتُ عَن الفِهمِ إلى أين، ألا أنَ قَدمايَ قادَتني لمَنزِلِ الطَبيب
طَرَقتُ البابَ عَليه مِرارَاً و تَكراراً، الإحتمالُ لحالهِ في هَذا الوَقت هوَ أنهُ نائم، بقيتُ أطرُقُ بِقوة حتى شعرتُ بِأنَ كَفي يؤلِمُني، سَمعتُ بَعدها خطواتٍ أتيه، كانَت لِفَتحِ الباب، فَتَحَةُ لي، لَقد عَقدَ وَقتها حاجِباهُ بغرابة...

-" تايهيونغ "-

" أينَ الشفاءُ الذي وَعدتَني به قبلَ شَهرين"

-

مَع حُلولِ الغَسَقWhere stories live. Discover now