أحببت رجلاً آلياً - القسم الأول

599 24 7
                                    

  سنوات عديدة مضت و باتت الكرة الأرضية تتجه للانهيار. الاحتباس الحراري ازداد سوءاً و حدة الكوارث الطبيعية باتت أكثر خطراً و وقوعاً. الكثير من الحيوانات و النباتات انقرضت و قسم آخر على وشك الانقراض. بدأت بعض الجهات الحكومية و غيرها من الأفراد و المنظمات البيئية بمحاولة الحفاظ على ما تبقى من الحيوانات و النباتات لحمايتها من خطر الانقراض في حين كانت هناك مؤسسات علمية تعمل على تطوير تقنيات جديدة من شأنها مساعدة البشر و بقية الكائنات في حالة الكوارث الطبيعية و محاولة التنبؤ بها بشكل أدق.
كان هناك فتاة تعد عالمة بالبيئة ورثت محمية طبيعية عن والديها اللذان كانا أعضاء في إحدى المنظمات التي كرست نفسها لحماية البيئة. ورثت الفتاة علمهما و تلك المحمية التي تعد كل ما أنجزاه في حياتهما حيث وضعا فيها كل ما أمكنهم إنقاذه من حيوانات و نباتات في ظل عناية فائقة بيئياً و تقنياً للمحافظة عليها.
كانت الفتاة تعتني بكل شيء بنفسها بعد وفاة والديها في إحدى الكوارث البيئية أثناء رحلة لهما لإنقاذ أحد أنواع الحيوانات المهددة بالانقراض. منذ ذلك اليوم أخذت على عاتقها تحمل المسؤولية و إكمال ما بدأه والديها و لم تكن تتواصل مع البشر إلا في حالات نادرة ففي نظرها أن ما يعانيه الكوكب الآن من كوارث و سبب موت والديها هم هؤلاء البشر المهملين الذين يعيشون بلامبالاة و يستنزفون موارد الأرض دون إدراك للعواقب الوخيمة و دون التفكير بمستقبل الأجيال القادمة.
بقيت الفتاة على هذا الحال إلى أن تفاجأت في يوم ما بوجود أشخاص على بوابة المحمية عندما أظهرت لها الكاميرات و أجهزة الاستشعار اقترابهم. خرجت امرأة و اقتربت من الكاميرا و أشارت لها بأنها تريد التحدث معها لأمر هام. كانت الفتاة تعرفها بأنها السيدة كانغ تعمل كباحثة و عالمة في أحد المعاهد التقنية الهامة في كوريا. تنهدت الفتاة و ترددت في البداية و لكنها فتحت لهم البوابة و طلبت منهم عبر مكبرات الصوت الموضوعة في المكان بأن يتوخوا الحذر أثناء دخولهم خشية إيذاء حيوان ما في المحمية.
دخلت السيدة كانغ و طاقمها سيراً على الأقدام بعد أن طلبت منهم الفتاة عدم إدخال سياراتهم. مرت دقائق و وصلوا لبيت الفتاة ففتحت لهم الباب و استقبلتهم ببرود طالبة منهم الدخول و بعد جلوسهم جلست الفتاة أمامهم و قالت ببرود: ما الذي أحضرك إلى هنا سيدة كانغ؟
ابتسمت السيدة كانغ و قالت: ميري, جئت لأطلب منك قبول متدرب يعمل هنا معك.
رفعت ميري حاجبها الأيسر و قالت: و من قال بأنني بحاجة لمتدرب أو حتى مساعد؟ أنت تعلمين بأنني أفضل القيام بكل شيء وحدي و لا أحبذ التعامل مع البشر.
ابتسمت السيدة كانغ و قالت: أعلم هذا و لهذا فإن المتدرب ليس بشرياً.
فقالت ميري باستفهام: و ماذا يكون؟ حيوان ما أم ماذا؟
ردت السيدة كانغ: كلا إنه رجل آلي, نريد اختبار إمكانياته و قدرته على تطوير مهاراته في التعامل مع البيئة و الحيوانات في ظل الظروف البيئية الراهنة ليستطيع إنقاذ ما يمكن إنقاذه في حالة حدوث الكوارث الطبيعية فكما تعلمين بات من الصعب التنبؤ بالزلازل و الفيضانات فهي تحدث بسرعة كبيرة مخلفة الكثير من الدمار و الضحايا.
تنهدت ميري و قالت:أجل مع الأسف, حسناً و ماذا يمكن لهذا الرجل الآلي أن يفعل؟
ابتسمت السيدة كانغ عندما شعرت بأنها تقبلت الأمر ثم قالت: إنه أقوى من البشر بمراحل كبيرة و لديه القدرة على تطوير مهاراته و فهم مشاعر البشر ليتمكن من مساعدتهم و مواساتهم في الحالات الصعبة و كذلك يمكنه المساعدة في إنقاذ الحيوانات و النباتات و لكنه لم يمارس ذلك بشكل عملي بعد فهذه أول مرة يخرج فيها من معهد البحوث. لهذا نريده أن يبقى معك لفترة و تقدمي لنا تقريراً عن تقدمه و تطوره و سرعة تعلمه و إن رأيت نقاط ضعف أو نقص يتطلب قيامنا بالعمل على تطويره نرجو منك إخبارنا.
هزت ميري رأسها موافقة ثم قالت: حسناً, هل أحضرته معكم؟
فابتسمت السيدة كانغ و أشارت للشاب الوسيم الجالس بجانبها و قالت: هذا هو.
ابتسمت ميري بتهكم و قالت: هل تسخرين مني الآن؟
ابتسم الشاب ابتسامة مشرقة و قال: أنا نام شين 3 الرجل الآلي الذي سيكون متدرباً لديك.
رفعت ميري يدها و قالت: مهلاً, هلا شرحتم لي ما يحدث الآن؟ كيف يمكن أن يكون هذا الشاب رجلاً آلياً؟ هل هذه خدعة ما؟
ابتسم مساعد السيدة كانغ و قال: كلا آنسة ميري فهو حقاً رجل آلي و لكننا طورنا تقنية النسيج الجلدي و قمنا بتغطية هيكله المعدني به بواسطة جهاز خاص. هذا الجهاز هو ثمرة جهدنا لسنوات و تمكنا أخيراً من النجاح. يمكننا نزع قسم منه لتتأكدي من وجود هيكله المعدني.
نهضت ميري و أحضرت جهازاً للكشف عن المعادن ثم اقتربت من نام شين و طلبت منه الوقوف و مررت الجهاز فوق جسده و لكنه لم يظهر إشارة وجود معدن فابتسم نام شين و قال: لا يمكن الكشف عن هيكلي المعدني بواسطة جهاز كهذا, فقد تم تصميمي لتجنب كشفي بواسطة هذه الأجهزة من أجل السلامة.
نظرت ميري للسيدة كانغ و مساعدها بريبة فنهض المساعد و اقترب من نام شين و أخرج أداة حادة و أحدث شقاً في يد نام شين مزيلاً طبقة النسيج الجلدي و العضلي وسط اندهاش ميري التي نظرت له و قالت: كيف يمكن أن يكون هذا حقيقياً؟
نهضت السيدة كانغ و ابتسمت قائلة: لقد أخبرناك بأنه جهد سنوات من العمل الجاد. ما رأيك الآن؟ هل ستقبلين بقاءه معك؟
أخذت ميري نفساً عميقاً ثم قالت: و لكن أليس مرتبطاً بحواسيبكم؟ أليس كل ما يراه يتم تسجيله و حفظه حتى تطلعوا عليه و تتابعون تطوره؟
فقالت السيدة كانغ: أجل بالطبع.
ابتسمت ميري بتهكم و قالت: و أنت تريدينني زرع جهاز تجسس في منزلي و محميتي وسط أبحاثي و أبحاث والدي و جهدهم لسنوات؟ عدا عن ذلك فهذا انتهاك لخصوصيتي داخل بيتي.
عندها قال المساعد: يمكنك أن تطلبي منه عدم التسجيل و الحفظ في الأوقات و الأماكن التي تريدينها و يمكنك جعله يحفظ ما ترينه إياه أثناء تعليمك له فقط.
فقالت ميري: و ما الذي يضمن لي عدم اختراقه لأجهزتي و لكاميرات المراقبة لصالحكم؟ كيف لي أن أثق بأنه لا يسجل كل ما يحدث و بأنه لا يصورني رغم طلبي منه ألا يفعل؟ كيف يمكنني أن أثق به؟
وضعت السيدة كانغ يدها على كتف ميري و قالت: إنه رجل آلي و ليس إنساناً كاذباً أو مخادعاً. في الواقع هو لديه القدرة على تمييز صدق و كذب البشر عبر لمسهم فقط. دعيه يمسك يدك و أجيبي على أسئلته.
مد نام شين يده لها مبتسماً فترددت ميري في البداية و لكنها وضعت يدها في يده ثم قال: هل تصدقين بأنني رجل آلي الآن؟
فقالت: نعم.
ابتسم نام شين و انتقل للسؤال الثاني قائلاً: هل تثقين بالحيوانات أكثر من البشر؟
فقالت ميري بتهكم: ما هذا السؤال؟ كل من يعرفني يعلم بأنني لا أثق بالبشر.
فقال نام شين: آه حسناً, سأسألك عن شيء لا يعرفه أحد سواك. هل لديك حيوان أو نبات له مكانة خاصة بالنسبة لك؟
فأجابت ميري: أجل.
ابتسم نام شين و قال: هل لديك علامة مميزة على جسدك؟
فقالت ميري: كلا.
و فجأة غمز نام شين و ابتسم قائلاً: كاذبة.
أبعدت ميري يدها متفاجئة و قالت: ما هذا؟ لماذا تصرف بهذه الطريقة؟
فقال نام شين: أنا أغمز عندما أكشف كذب شخص ما. لقد تعلمت ذلك من أحد الأفلام.
فقالت ميري: حسناً, أمسك بيد السيدة كانغ و أنا سأسألها لنرى إن كانت ستكذب أم لا.
التفت نام شين للسيدة كانغ و ابتسم ثم أمسك بيدها و بدأت ميري بتوجيه أسئلتها لها لتطمئن أكثر على خصوصيتها و أمانها في ظل وجود نام شين معها و أجابتها السيدة كانغ بصراحة و لم تكذب ثم أبدت ميري موافقتها على بقاء نام شين و بعد ذلك سألتهم عن يده التي تم جرحها لإظهار الهيكل المعدني فقال المساعد بأنهم أحضروا الجهاز و سيضعونه في إحدى الغرف الآمنة في البيت و لكن لا يمكن لأحد دخولها سوى نام شين للمحافظة على سرية الجهاز و التقنية المستخدمة فوافقت على ذلك.
تم إدخال الجهاز و تركيب قفل خاص للغرفة لا يمكن لأحد فتحه سوى نام شين و قاموا بإصلاح يده و قبل خروجهم اقتربت منه السيدة كانغ و قالت: منذ الآن سيكون عليك البقاء مع ميري و إطاعة أوامرها و التعلم منها و أيضاً مساعدتها و الاعتناء بها. اتفقنا؟
أومأ نام شين برأسه قائلاً: أجل.
..........................  

أحببت رجلاً آلياًDonde viven las historias. Descúbrelo ahora