القسم 2

217 15 1
                                    

  غادرت السيدة كانغ و فريقها و بعد أن تأكدت ميري من ذلك نظرت لنام شين بتمعن بينما كان هو ينظر لها مبتسماً فاقتربت منه و على وجهها تعابير شك ثم قالت: ما زلت لا أصدق بأنهم صنعوا رجلاً آلياً لديه شكل بشري.
أمسكت ميري بيده تتفحصها ثم حدقت بوجهه المبتسم و أمسكت بوجنته و جذبتها بقوة فقال: ما الذي تفعلينه؟
تركته ميري و تراجعت خطوة للخلف ثم قالت: أنا لا أثق بالبشر و الجميع يعلم عني ذلك و بأنني لا أعامل أحداً بلطف إطلاقاً لذا لا تنتظر أن أعاملك بلطف, هل فهمت؟
ابتسم نام شين قائلاً: و لكنني لست بشرياً.
فنظرت له بتهكم و قالت: و لكن من صنعك بشر و من تنفذ أمرهم بشر أيضاً.
رد نام شين بنفس الابتسامة:أنا أنفذ الأوامر و أتصرف ضمن قواعد محددة بحيث لا تؤذي بشراً و لا أي كائن حي آخر.
تنهدت ميري و قالت: أجل, ربما هذا الشيء الوحيد الذي جعلني أقبل بوجودك, فلا بد من أنك لا تجيد خداع البشر و دهائهم و خبثهم.
اقترب منها نام شين و قال: لماذا تكرهين البشر بينما أنت أيضاً بشرية؟
فقالت ميري: لدي أسبابي, لا داعي لتعرف أموراً كهذه. سأبدأ جولتي في المحمية بعد قليل كن مستعداً.
أومأ نام شين برأسه إيجاباً و ما زالت الابتسامة على وجهه. بعد دقائق خرج معها و بدأت تعرفه على أنواع النباتات الموجودة فيها و عددها و كذلك الحيوانات و تفاجأت بكمية المعلومات التي لديه عنها فقالت: ها أنت تعرف الكثير فلماذا أرسلتك إلي؟
ابتسم نام شين و قال: أنا أتعلم من خلال شبكة المعلومات و لكن هذه مرتي الأولى في رؤيتها و لمسها.
أومأت ميري برأسها ثم قالت: و لكن لماذا تبتسم طوال الوقت, أليس لديك تعابير وجه أخرى؟
فقال نام شين: بلى, و لكن ماذا عنك؟ فتعابير وجهك جامدة و لم تتغير منذ أن رأيتك لذلك أبتسم لأخفف عنك لأنك تبدين حزينة و منزعجة.
ابتسمت بتهكم و قالت: التخفيف عني؟! أهذا ما طلبته منك السيدة كانغ حتى تحاول كسب تعاوني معك؟
اتسعت ابتسامة نام شين أكثر و قال: كلا لم تفعل, و لكن هل ستعلمينني أكثر إن ابتسمت؟
نظرت له ميري بحنق و قالت: أنت تحلم.
نظر نام شين أمامه و قال: هذه الجملة يستعملها البشر كناية عن الأمر مستحيل أليس كذلك؟
ردت ميري بلامبالاة و هي تنظر للنباتات أمامها: أجل, يبدو بأنك درست جيداً.
ابتسم نام شين و قال بهدوء: أود تجربة ذلك.
التفتت له ميري و قالت: تجرب ماذا؟ قول جملة " أنت تحلم"؟
نظر لها نام شين و ابتسم قائلاً: كلا, أود تجربة الحلم, أنتم البشر يمكنكم أن تحلموا أثناء نومكم و حتى أنكم تحلمون أحلام اليقظة و عيونكم مفتوحة و بإمكانكم تخيل عوالم كاملة بتفاصيلها حتى لو تكن موجودة في الحقيقة. أود تجربة شيء كهذا.
ابتسمت ميري باندهاش من كلامه و صمتت لبرهة ثم قالت: الأمر ليس بهذه السهولة, فقد خلقنا الله و جعل الإنسان مخلوقاً عاقلاً ذكياً و هذا ما يميزنا عن بقية الكائنات و مهما تطور الإنسان و أبدع في تطوير التقنيات لا يمكنه الوصول لهذه الدرجة من الإبداع.
أومأ نام شين برأسه ثم قال: و لكن هل تؤمنين بوجود إله لهذا الكون؟ السيدة كانغ و البقية في المعهد التقني لا يفعلون.
ابتسمت ميري قائلة: بالطبع أؤمن بذلك فمن الغباء ألا نفعل, فهل يعقل أن يخلق كون بكل ما فيه من كواكب و نجوم و مخلوقات لمجرد صدفة و يكون بكل هذا الإتقان و الإبداع. غبي من يصدق أمراً كهذا. إن كان صنعك أنت قد احتاج لتقنيات و العديد من الأبحاث و الاختبارات من قبل بشر أذكياء فما بالك بكون عظيم كهذا بكل ما فيه. لقد قرأت الكثير عن الأديان و جميعها تتفق على هذا الأمر.
ابتسم نام شين قائلاً: كلام منطقي.
بعد حوالي ساعتين من تفقد النباتات و الحيوانات في المحمية قالت ميري: ها قد انتهيت, آه لا بد من أن يونا جائعة الآن.
نظر لها نام شين و قال: من يونا؟
فقالت ميري: سأعرفك عليها عندما نعود للبيت, هيا بنا.
عاد كلاهما للبيت و بدأت ميري تنادي على يونا و نام شين يتبعها بهدوء و بعد لحظات انحنت ميري و أمسكت بقطة صغيرة و جميلة و ضمتها لصدرها و هي تمرر أصابعها عليها برفق ثم ابتسمت قائلة: يونا, قابلي ضيفنا نام شين.
ابتسم نام شين و لوح لها بيده قائلاً: مرحباً يونا, سررت بلقائك.
نظر نام شين لميري و قال: هل يمكنني حملها؟
قالت ميري: أجل و لكن انتبه ألا تضغط عليها كثيراً فهي لا زالت صغيرة. يمكنك التحكم بقوة ضغطك على ما تمسك به صحيح؟
أومأ نام شين برأسه مبتسماً و قال: أجل, لا تقلقي.
وضعتها ميري بين يديه و بدأ يداعب القطة و يتحدث معها فقالت ميري: يبدو بأنها أعجبت بك, يونا المشاكسة, يبدو بأنها تحب الشبان الوسيمين.
بعد لحظات سأل نام شين عن طعام يونا فأخبرته ميري عن مكانه فذهب و وضع لها بعض الطعام و بقي يراقبها و هي تأكل مبتسماً.
بدأت ميري تعد الطعام لها و تنظر لنام شين بين حين و آخر لترى ماذا يفعل مع يونا و كيف يتعامل معها.
بعد انتهائها من إعداد الطعام نادت نام شين فاقترب منها و سألته قائلة: أعلم بأنه سؤال غبي و لكن هل يمكنك تناول الطعام و تذوقه؟
ابتسم نام شين قائلاً: يمكنني تناول البعض حتى أبدو مشابهاً للبشر و لكن لا يمكنني معرفة طعمه.
أومأت ميري برأسها متفهمة و قالت: أجل هذا طبيعي فحاسة الذوق ربما لا يقدرها البشر و يعتبروها شيئاً طبيعياً و لكنها وظيفة معقدة جداً فكل جزء من اللسان مختص بتذوق أشياء معينة , آه لا بد بأنك تعلم الكثير عن هذه العملية بما أنه يمكنك الولوج إلى أي معلومات تريدها عبر تصفح الانترنت و الملفات.
أومأ نام شين برأسه موافقاً ثم قال: أجل و كلما قرأت عن الإنسان و انفعالاته و ما يمكنه فعله أود لو كان بإمكاني تجربة الأمر.
جلست ميري لتبدأ تناول طعامها و هي تقول: مثل ماذا؟
جلس نام شين مقابلها و ابتسم قائلاً: الإحساس بالحب و كل تلك العواطف و الانفعالات و الدموع التي تخرج من العين لعدة أسباب.
صمتت ميري لبرهة ثم نظرت له و قالت بابتسامة حزينة: من الجيد أنك لا تشعر, أنا أحسدك على هذا.
أمسك نام شين بيدها ثم قال: أنت صادقة, هذا غريب, هل حقاً تكرهين الإحساس بهذه المشاعر؟
نظرت ميري لطبقها بألم و قالت: ليست كل العواطف التي نشعر بها جميلة, فهناك مشاعر سيئة جداً و فظيعة تكاد تكون أقسى من الألم الجسدي و هناك ما يجعلك تتمنى الموت حتى لا تشعر بها.
نظر لها نام شين و قال: هل شعرت بهذا بسبب وفاة والديك؟ هل فقدان الوالدين يؤلم البشر لدرجة تمني الموت؟
حاولت ميري منع دموعها من النزول و حافظت على رباطة جأشها ثم قالت: فقدان الوالدين أو حتى أحدهما هو فقدان الحياة, إنه كسر عميق يترك القلب شظايا متناثرة, قوة الألم تختلف من شخص لآخر و لكن لاشك بأن الجميع يتألم, مشكلة البشر بأنهم لا يشعرون بأهمية الشخص أو حتى الشيء إلا بعد فقدانه, كان لدي ثلاثة أشخاص في حياتي فقدتهم دفعة واحدة بعد أن كانوا عالمي و حياتي بأكملها و الآن لم يتبقى لي شيء سوى أن أحافظ على ما تعب والدي في حمايته و ما أنجزاه طوال حياتهما في هذه المحمية.
صمت نام شين لبرهة ثم قال متسائلاً: ثلاثة؟ من الشخص الثالث؟
تنهدت ميري ثم قالت: لا أريد التحدث عنه.
فقال نام شين بملامحه البريئة: لماذا؟ هل يزعجك تذكر هذا الشخص؟ من يكون؟
غضبت ميري فصرخت بوجهه قائلة: قلت لك لا أريد التحدث عنه فلماذا تزعجني؟ أليست مهمتك إطاعة أوامري فلماذا تقوم بإزعاجي؟ لا تجعلني أندم على إبقائي لك هنا, هل فهمت؟
وقفت ميري بغضب و حملت صحن الطعام و وضعته في الثلاجة و لم تكمل طعامها فنهض نام شين و اقترب منها قائلاً: أنا آسف لم أقصد إزعاجك و لكن كثرة الأسئلة من طبيعتي لأنها تساعدني على جمع المعلومات و عدم معرفتي لأمر ما يبقى شيئاً ملحاً لدي يكون علي إكماله.
نظرت له ميري و قالت باستياء: هل تعرف ماذا نسمي الشخص من هذا النوع؟ الشخص الفضولي الذي يحشر أنفه في شؤون غيره دون مراعاة شعورهم ولا ظروفهم.
وضع نام شين يده على أنفه باستغراب و قال: أعرف كلمة فضولي و لكن كيف يكون حشر الأنف؟!
ضمت ميري شفتيها مانعة ابتسامتها ثم قالت: إنه تعبير مجازي يعني التدخل في شؤون الآخرين.
أومأ نام شين برأسه قائلاً: آه فهمت.
...............  

أحببت رجلاً آلياًWhere stories live. Discover now