القسم 5

141 11 0
                                    

  بعد دقائق وصلوا إلى الحفل و نزل نام شين من السيارة و فتح الباب لميري و أمسك بيدها و دخلا معاً بعد التأكد من وجودهما في قائمة المدعوين.
بعد أن أصبحا متواجدين بين المدعوين قالت ميري: اسمعني جيداً, افعل ما عليك فعله بسرعة و أنا سأبقى على طاولة هنا, لن أشاركك في شيء هل فهمت؟
أومأ نام شين برأسه مبتسماً كعادته و بعد جلوسها ذهب و أحضر لها مشروباً و بعض الأطعمة لتأكل فنظرت له باستغراب في حين ابتسم قائلاً: أنت لم تأكلي بما فيه الكفاية اليوم, كلي هذا ريثما أنتهي.
اختفى نام شين بين المدعوين يبحث عن الأشخاص الذين ذكرتهم السيدة كانغ و يحاول الاقتراب منهم و تسجيل حديثهم و قراءة شفاههم إن تعذر سماع صوتهم في تسجيل الفيديو الذي كانت تراه السيدة كانغ مع طاقم مختص من الحكومة في سيارة خاصة معدة لذلك. بقي نام شين ينتقل من شخص لآخر ليحاول الانتهاء بسرعة و في أثناء ذلك اقترب رجل من ميري و هو يقول: ميري, هل هذه أنت حقاً؟ بالكاد عرفتك و أنت بهذا الفستان فأنا لم أرك هكذا من قبل, لقد مر وقت طويل منذ أن رأينا بعضنا, كيف حالك؟
تحولت نظرات ميري للغضب و القهر و نهضت من مكانها محاولة الذهاب فوقف في طريقها و ابتسم قائلاً: إلى أين؟ أما زلت غاضبة مني؟ أما زلت لا تصدقينني حتى الآن؟ آه أنت حقاً تظلمينني.
فقالت ميري بغضب: أظلمك؟ أنا؟ ألا تخجل من نفسك؟ تأتي و تتحدث معي بكل وقاحة بعد كل ما فعلته بي؟ أنا حقاً لا أصدق أنك بهذا المستوى من الانحطاط؟! لو كان لديك ذرة خجل لاختفيت من أمامي محاولاً تجنب رؤيتي لك.
ابتسم بتهكم و قال: و لم قد أفعل هذا في حين أنني لم أخطئ بشيء, أنت التي أسأت الفهم و شككت بي, و لكن أتفهم ذلك فقد كانت حالتك النفسية سيئة بسبب وفاة والديك.
ردت ميري محذرة و هي تصك أسنانها من الغضب: إياك أن تتجرأ على ذكرهما بعد أن قمت بخيانتهما, لا تتحدث عنهما بفمك القذر هذا؟
تغيرت ملامحه للغضب و قال: أنت, توقفي و لا تتطاولي علي أكثر من ذلك, فلا تظني بأنني صامت أمام إهانتك لي لأنني عاجز عن الرد, هل فهمت؟
ابتسمت ميري بتهكم و غضب ثم قالت: و ماذا ستفعل؟ أنت مجرد شخص وضيع و خائن و كاذب, هل يزعجك سماع صفاتك الحقيقية؟
صك الرجل أسنانه و اقترب منها أكثر و قال بصوت منخفض: قولي ما تشائين فلن يصدقك أحد لأنه ببساطة لا أحد يعرفك فأنت اعتدت العيش وحيدة. أنا و والديك الوحيدين الذين كنا نهتم لأمرك.
ثم اقترب أكثر و همس في أذنها قائلاً: هل عيشك وحيدة في تلك المحمية ممتعاً؟ لا أظن بأنه كذلك, يوما ما ستموتين وحيدة هناك بين نباتاتك و حيواناتك التي ربما تأكل جثتك عندما تتركينها جائعة.
ابتعد الرجل و بقيت ميري صامتة مذهولة من قسوة كلامه في حين رفع يده و بدأ يقربها من وجهها و هو يقول: لم أكن أعلم بأنك بهذا الجمال و إلا ...
و فجأة ظهر نام شين و أمسك بيده و أنزلها بهدوء قائلاً: لا أحب أن يلمس أحد فتاتي.
نظرت له ميري باستغراب بينما نظر هو لها و طوق خصرها بذراعه ثم طبع قبلة على وجنتها وسط اندهاشها و اندهاش ذلك الرجل الذي قال: و من تكون أنت؟
نظر له نام شين و ابتسم قائلاً: أنا نام شين, حبيب ميري.
ابتسم الرجل بتهكم و دهشة ثم قال: حبيبها؟ منذ متى؟ كيف حدث ذلك و هي منعزلة في تلك المحمية؟
فرد نام شين ببرود: و ما شأنك بالأمر؟ هل أنت معتاد على حشر أنفك لتسمع قصص حب الآخرين؟
رد الرجل بتهكم: ماذا؟ قصص حب؟ ميري هل أنت حقاً على علاقة بهذا الشخص؟
حاولت ميري تمالك نفسها ثم نظرت له و قالت ببرود: و ما شأنك؟ ماذا؟ هل تشعر بالغيرة؟
ضحك الرجل بغيظ و قال بسخرية: ما هذا الهراء؟ و لكنني لا أصدق قصة حبك هذه فمن الأحمق الذي سيقع في حب فتاة مثلك؟
رد نام شين: ماذا تقصد بفتاة مثلها؟ ميري فتاة رائعة و لطيفة و جميلة و لكن الحمقى لا يمكنهم رؤية ذلك.
ابتسم الرجل بغيظ فقالت ميري و هي تنظر لنام شين: أريد التأكد من شيء ما.
ثم نظرت للرجل و أكملت قائلة: هل حقاً أحببتني يوماً؟ أو حتى أعجبت بي؟
تلعثم الرجل و أجاب قائلاً: بالطبع أحببتك عندما كنا معاً و لكنك أنهيت علاقتنا بسبب شكك بي.
أمسك نام شين بيده بسرعة فغمز في حين كانت ميري تنظر له و أيقنت بأنه يكذب فطأطأت رأسها لبرهة ثم نظرت له قائلة: وفر على نفسك عناء الكذب, فأنت لم تكن بهذه الأهمية لي و حتى مشاعري لم تكن قوية تجاهك و لكنني الآن أعرف ماهية الشعور الحقيقي بالحب, شكراً لك لأنك جعلتني أدرك حقيقة هذه المشاعر فلولاك لما كنت أدركت قيمة السعادة التي أشعر بها الآن.
ابتسمت ميري و أمسكت بذراع نام شين قائلة: لنذهب إن كنت قد انتهيت.
فابتسم و أومأ لها برأسه إيجاباً و ما أن خرج كلاهما من المكان اقتربت السيارة ليركبا فقالت ميري بأنها ترغب بالمشي لبعض الوقت فمضت في طريقها و تبعها نام شين يمشي خلفها بهدوء حتى ابتعدت عن الازدحام. اقتربت ميري من مقعد خشبي و جلست عليه ثم نظرت لنام شين الذي كان يقترب نحوها بهدوء و قالت: أما زالت السيدة كانغ تراقب ما تراه أنت؟
فقال نام شين: كلا, لقد قطعت الاتصال معها منذ خروجنا بما أن المهمة قد انتهت.
اقترب منها نام شين أكثر و خلع سترته و وضعها عليها قائلاً: الطقس يزداد برودة.
نظرت له ميري بحزن و قد بدأت الدموع تجتمع في عينيها و قالت: شكراً لك على ما فعلته و ما قلته أمام ذلك الشخص.
عادت ميري بنظراتها للأرض و قالت بألم: بعد حديثه معي اليوم عرفت بأنه أسوأ مما تخيلت. كم كنت غبية, كلما تذكرت أوقاتنا معاً كرهت نفسي و الآن بت أكره نفسي أكثر.
بدأت دموع ميري بالنزول فجلس نام شين بقربها و احتضنها قائلاً: القاعدة الأولى لدي هي احتضان الشخص عندما يبكي.
فقالت ميري: منذ وفاتهما لم يعانقني أحد, كنت بحاجة لهذا العناق بشدة, أردت البكاء على كتف أحدهم بشدة.
مدت ميري ذراعيها و طوقت بهما خصر نام شين و أجهشت بالبكاء على صدره . مضت بضع دقائق و انتهت ميري من البكاء و أصبحت أكثر هدوءاً فابتعد عنها نام شين و سألها عن حالها فقالت أنها بخير. عاد كلاهما للسيارة و انطلقا عائدين للمحمية و عندما دخلا البيت توجهت ميري نحو غرفتها مباشرة و بدلت ثيابها و الدموع على وجنتيها ثم سمعت طرق نام شين على باب غرفتها يطلب منها الخروج لتناول الطعام فقالت بأنها ليست جائعة و تريد النوم فعرف من صوتها بأنها تبكي ففتح الباب و احتضنها مجدداً فقالت ميري باستغراب: ما الذي تفعله؟ أنا بخير ابتعد.
فقال نام شين: لا يمكنني الابتعاد حتى تتوقفي عن البكاء فالقاعدة الأولى لدي تنص على احتضان الشخص الذي يبكي.
فقالت ميري: يا لها من قاعدة.
فقال نام شين: أعتذر إن كان الأمر يزعجك و لكن علي تنفيذها.
فطوقت ميري وسطه بذراعيها قائلة: كلا, إنها تروقني. شكراً لك نام شين.
توقفت ميري عن البكاء فابتعد عنها نام شين و أخبرته بأنها تود الخلود للنوم فتمددت على السرير و قام هو بوضع الغطاء عليها و عندما هم بالابتعاد أمسكت بيده و بدا عليها التردد فيما ستقوله فابتسم و سألها بلطف ماذا هناك فقالت بتلعثم و تردد: هل يمكنك البقاء بقربي حتى أنام؟ لا أريد البقاء وحدي مع هذه الأفكار السوداء التي تدور في رأسي.
وافق نام شين و وضع كرسياً بقرب سريرها و جلس ممسكاً بيدها و يحدق في وجهها الحزين.
كان نام شين يشعر بالفضول تجاه ذلك الرجل و ما هو الماضي الذي يجمعهما و رغم ذلك لم يسألها عنه تنفيذاً لطلبها السابق. مضت أيام و قد كان واضحاً بأنها تشعر بالسوء كلما جلست وحدها و تذكرت ما قاله لها ذلك الشخص في الحفل فيقترب منها نام شين و يتحدث معها في مواضيع مختلفة محاولاً إبهاجها. و في يوم ما أثناء مراقبة نام شين لها ليطمئن بأنها بخير قالت فجأة: أنت لم تسألني عن ذلك الشخص حتى الآن, ألم تعد تحشر أنفك في شؤوني؟
فابتسم نام شين قائلاً: لقد طلبت مني سابقاً ألا أسألك عنه لذا خشيت أن يزعجك سؤالي.
فنظرت له ميري قائلة: ألم تسأل السيدة كانغ عن الأمر؟
فقال نام شين: بلى و لكنها رفضت إخباري كون الأمر يعد من خصوصياتك.
ابتسمت ميري ثم قالت: حسناً سأخبرك, أظن بأنه يحق لك أن تعرف بما أنك ساعدتني في تولي أمره, في الحقيقة أنا بحاجة للتحدث عن الأمر لأنتهي من هذا الأمر و أتجاوزه و أنسى الماضي.
....................................  

أحببت رجلاً آلياًحيث تعيش القصص. اكتشف الآن