~ الفصل الثاني والعشرين ~

14.2K 414 75
                                    

- ماذا تقصدين يا لينا بقولكِ سنجعله يغار ؟!

سألت سيرين ذلك وهي تُبدي تركيزاً كبيراً للحديث الجاري بينها وبين ابنة عم زوجها فابتسمت لينا ابتسامة عريضة وقالت بتأني : اقصد ان نجد شخص جريء ونطلب منه التودد إليكِ في حضور شهاب وانا واثقة ان ابن عمي العصبي سيجن تماماً أن ظهر له منافساً في حبكِ وبهذه الطريقة ستنفك عقدة لسانه اللاذع و سيعترف لكِ بحقيقة مشاعره دون ادنى شك .

هزت سيرين رأسها نفياً واردفت قائلة : كلا يا لينا ان هذه الخطة ليست مناسبة من وجهة نظري لانها تعتمد على الخداع والكذب وانا لا استطيع ان اخدع شهاب بهذه الطريقة الخبيثة لأجعله يعترف لي بأنه يحبني ، كما انني لا استطيع العبث بمشاعر رجل آخر واطلب منه ان يشاركني هذه الكذبة فقط لأنني اريد من زوجي أن يغار عليّ ... إن فعلت ذلك فلن يرتاح قلبي .

تنهدت لينا بقوة عندما سمعت ذلك وقالت موبخة : أتعرفين ما هي مشكلتكِ.. أنتِ طيبة القلب أكثر مما يجب وهذا ما يجعل منكِ امرأة ضعيفة الشخصية وقابلة للكسر بمنتهى السهولة .

- كلا انا لستُ كذلك !

اعترضت سيرين بعصبية ولكن لينا لم تتأثر بحدة نبرتها بل تابعت قائلة بجدية : اسمعيني جيداً يا سيرين ... انا اعرف شهاب أكثر منكِ ولأكون صريحة معكِ لقد كنتُ أحبه في الماضي حتى انني لجأت إلى الافتراء والكذب لأتمكن من الزواج به ظناً مني انه سيحبني فيما بعد ، ولكن الامور لم تسير كما خططت لها ابداً وعوضاً عن الحب حصلت على الكراهية والغضب منه فلم احتمل أن ينظر إليّ الشخص الذي احبه بنظرة حقد وكره ؛ لهذا تركت البلاد وسافرت إلى الخارج وعشت هناك عند خالي لسنواتٍ طويلة حيث درست القانون وعملت بجد وأصبحت ما انا عليه الان ، وعندما عدت إلى الوطن مجدداً قررت أن اجعل شهاب يصفح عني ونجحت بفعل ذلك اخيراً حتى اننا أصبحنا مقربين أكثر مما كنا عليه في الماضي والحمد لله لهذا اريد أن افعل شيئاً جيداً لأجله ولو لمرة واحدة .

وعندما توقفت عن الكلام سألتها سيرين بتوتر : ولكنكِ ما تزالين مغرمة به حتى الان اليس كذلك ؟

ابتسمت لينا ابتسامة صغيرة واردفت بصدق : ان قلت لكِ لا سأكون كاذبة ؛ اجل انا ما ازال احبه ولطالما احببته على الدوام حتى انني وصلت إلى هذه السن ولم اسمح لأي رجل آخر بأن يدخل إلى حياتي فقط لانني كنت اتمنى ان يبادلني شهاب المشاعر ذات يوم .. لكن عندما رأيتكِ في المشفى لأول مرّة أدركت ان لا فرصة لدي أمامكِ وعرفت من مظهركِ أنكِ انسانة خلوقة وصادقة عكس الصورة التي رسمتها لكِ في مخيلتي عندما اخبرني شهاب بأمر زواجكما السري حيث انني ظننته قد تزوج من فتاة جامحة لبعض الوقت كنوع من الهو ولن يطول الامر حتى ينفصل عنها .

قالت ذلك ثم امسكت يد سيرين واضافت : ولكن عندما رأيتكِ يا عزيزتي أدركت ان ابن عمي المغرور وقع في الحب حقاً هذه المرة لانكِ تختلفين تماماً عن النساء اللواتي يفضلهن في العادة ، اقصد شبيهات عارضات الأزياء مثلي ومثل الفتاة التي تزوجها قبلكِ وايقنت ان مشاعره تجاهكِ حقيقية لهذا اريد أن اساعدكِ على الاحتفاظ به لانني اعرف انه سيشعر بالحزن الشديد أن اخرجكِ من حياته كما خطط وانا لا احتمل ان اراه حزين ابداً .

~ رواية  نار و جليد / للكاتبة نونا مصري ~حيث تعيش القصص. اكتشف الآن