الهامش العشرون.

407 18 3
                                    

أعزّ وأنبل ما سلبنا إياه العالم الحديث بنظامه المتكلّف، هو أن نكون بشرًا طبيعيين. إننا مطالبون دومًا أن نكون أبطالًا خارقين، مميّزين، ناجحين إيجابيين ومندفعين.

مطالبون نحن دائمًا أن نتصرّف وفق أساليب محددّة كل من يخالفها يتم نبذه والتعامل معه على أنه متخلّف.

لذلك لم يعد أحد قادرًا أن يكون نفسه حقًا
هل هناك أنقى من أن يكون المرء نفسه على كل حال؟
أن يتصرّف على سجيته ، أن يقول ما في خاطره.

هناك تفاهات صارت تسمى أساليبًا مع مرور الزمن ثم تحولّت رويدًا رويدًا إلى نمط حياة، لقد تمّ تحويل الناس إلى قطيع منفّر ومقيت.

هناك أساليب صار الناس بشكل لاإرادي يحتكمون لها ويسعون لإتقانها: كيف يجب أن نفكّر، أن نسيطر على مشاعرنا، أن نقهر أحزاننا، أن نقمع أفكارنا وغرائزنا، أن نضبط أعصابنا بينما الغضب يقطّع أحشاءنا، كيف نكون سعداء، ماذا يجب أن نقرأ، وأي نوع من الأفلام علينا مشاهدته، وما هي الموسيقى التي يجب أن نسمعها، وكيف يجب أن نتكلّم في مقابلة العمل أن نتكلّم مع الآخرين، أن نعبّر عن إعجابنا بأحدهم، أن نردّ على الإساءة.

كيف يجب أن نحرّك أجسادنا، أن نجلس إلى طاولة الطعام، كيف يجب أن نحمل الشوكة والسكّين وكأس النبيذ، كيف يجب أن نلبس ونخلع ثيابنا، وما الذي يجب أن نرتديه ويبدو عليه مظهرنا الخارجي لنوافق الموضة التي غالبا ما تكون تافهة.

كيف نمشي، كيف نهبط السلالم ونترجّل من القطار، كيف نجيب على الهاتف. كيف يجب أن نبتسم، أن نضحك، أن نصافح، أن نعانق، أن نقبّل كيف يجب حتى أن نمارس الجنس وما إلى هنالك من تفاهات لا يمكن أن تُحصى جعلت من الإنسان المعاصر فردًا متوقعًا لدرجة تثير القرف، ومّقيّدًا للحد الذي يثير الشفقة، تمامًا مثل القرد في حلبة السيرك.

وعلاوة على ذلك، ثمّة مسارات دراسية يتمّ تقديمها بلا خجل تحت أسماء مثل: كورسات التحفيز والتنمية البشرية والتفكير الإيجابي، مسارات يزورها أصحاب العقول المسطّحة ليتم تعليمهم هذه الحماقات من قبل أشخاص أكثر منهم مقتًا وسذاجة، حفنة من البيروقراطيين الذين لا يساوون شيئاً.

مسارات تقتل طباع الفرد وسماته التي تميّزه عن غيره من الجماعة.
سلسلة هائلة من القيود التي لا يحتملها إلا أولئك الخاضعين بطبيعتهم والذين يسهل تطويعهم.

والأنكى من كل هذا أن هؤلاء الذين تلاشت شخصياتهم وتم سحقها وانسجموا تمامًا وبسعادة غامرة مع هذا النظام القطيعي وصاروا يطبّقون قوانينه بحذافيرها ، يعتبرون أنفسهم بارعين وحضاريين والصورة الصحيحة والمثل الأعلى للإنسان المعاصر والحديث .

الإنسان الحديث الذي يزعم رفض العبودية ومع ذلك يستسيغها أن يشعر بالذل والعار أمام الإنسان البدائي الأصيل.

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

سلامٌ من الله عليكم ورحمة منه وبركاته.
كيف حالكم يارفاق؟

كيف الهامش ؟ وبيوم خميس؟🧡.
أتمنى لكم عطلة إسبوعٍ سعيده؟

سؤال : هل تتفقون مع هذا الهامش ؟ لِمَ؟  ولِمَ لا ؟
ومالسبب الذي جعل العالم هكذا؟ .

الى لقاءٍ قريب 🧡.

3 على الهامش  ||| إقتباسات. Where stories live. Discover now