الفصل -1- «اليوم الثالث»

1.2K 118 343
                                    

في اليوم الأول..

ضجتِ الدنيا بلا توقفٍ بضحِكاتِهِم التي أشبَه ما تكونُ بالنحيب والعويل..

وفي اليوم التالي..
أعيا الضحكُ المتواصل تلك الأجسامَ.. فتوقفتِ القهقهاتُ العشوائيةُ وحَلّ محلها.. الشهيق والزفير، لا.. بل النهيق والشخير..

أما اليوم الثالث...
.
.
.
✎﹏﹏﹏﹏﹏﹏﹏﹏﹏﹏

- ما الخطب آرمين؟ لماذا توقفتَ عن الكتابة؟

فاجأني صوت ليفاي فأغلقتُ مذكرتي بسرعة وضممتُها إلى صدري واستدرتُّ..
كان ليفاي واقفا خلفي، موجها كاميرا هاتفِه نحوي، ومحدقا كالمعتاد بشاشة هاتفه من خلال قناع الغاز.

- ليفاي! منذ متى تقف هنا؟
- لا داعي لإخفاء ذلك يا آرمين، لقد قمتُ بتصويرِ كلِّ ما كتبتَ منذ البداية.
- مهلا هل فعلتَ ذلك حقا؟ أرجوك قم بحذف ذلك فورا، لم أنتبه لوجودك بسبب القناع، يبدو أني لن أتعود عليه أبدا.
- لا.. على الأرجح لم تنتبه لوجودي بسبب الصخب الموجود في الخارج.. تبا صار الوضع لا يُحتمل.

يا للإزعاج لقد رآى ليفاي ما كتبتُه في مذكرتي، ظننت أنه كان مشغولا بتمارين البطن بمساعدة تطبيق «عضلات البطن في 30 يوما» على هاتفه الذي نزّله ويستخدمه منذ ثلاثة أشهر..
بعد لحظات دخل زميلنا الأكبر إروين الغرفةَ مسرعا، وبصوته الجهوري..

- آرمين! لا أتفق معك في جزئية معينة من تلك المقدمة..
- ماذا؟! ما الذي يجري؟! هل أرسلتَها لإروين أيضا يا ليفاي؟

ليفاي محدقا في هاتفه..

- لَم أرسلها لأي أحد.. وتوقف عن الصراخ بصوتك الطفولي المقزز.
- إذن كيف..؟
- لقد نشرتُها على فيسبوك وتويتر وإنستغرام فحسب.
- ماذا؟!!

بحركة خاطفة انتزع إروين مذكرتي من بين يدي، وراح يقلّب صفحاتِها بسرعة وهو يقول..

- لقد كتبتَ "في ذلك اليوم، عاشت البشرية تجربة مروعة..."، أيها الأحمق الوباء لا يوجد سوى في مدينتنا تانغانكيكا..
- لكن يا إروين! إنها مسألة وقت فقط لتنتقل العدوى خارج هذه المدينة، ويصيبَ وَبَاءُ الضحكِ جميعَ البشرِ في أنحاء المعمورةِ إذا لم يجدوا له حلا بسرعة.

أبدى إروين تعبيرا غاضبا بدا من خلال عينيه وانعقاد حاجبيه..

- لهذا تم تحويل مقاطعتنا إلى سجن كبير لا يمكن لأحد دخولَه أو الخروجَ منه يا آرمين؛ حتى لا ننقل العدوى إلى بقية العالم.
- لكن ماذا عنا؟!

لَم يُجِب إروين على سؤالي، وبدلا من ذلك توجّه صَوْب النافذة المطلّة على ساحة الإقامة بعد أن طوى مذكرتي على شكل أسطواني وأمسكَها بقوة بكلتا يديه..
إلتَفَتُّ نحو ليفاي، فشغَّلَ كاميرا الهاتف مجددا وقربها من وجهي..

لعنة خريسيبوسWhere stories live. Discover now