2

1.4K 142 5
                                    

الليل ما يزال يغمر المدينة بظلمة حالكة يحيطها بالاسرار؛
والنجوم ما تزال مستمره في صفحة السماء؛ والقمر يختفي خلف الربى
والتلال، فيزداد الظلام رهبة كراهية ترفل بحلتها السوداء بدت المدينة تلك الليلة.
توقف الرجل الاسمر ذو العينين المتألقتين والانف الاشم وقف الى جانب النخلة التي غرسها جده النبي وتذكر حديثه: اكرموا عمتكم النخلة لقد شاخت كثيرا، ولكنها ماتزال تهب الرطب والتمر والظلال.
أسند جذعه الى جذعها.. أضحيا جذعا واحدا.. انبئق نبع
من الصلاة، وغمر رشاش الكلمات السماوية المكان... وصل الحسين ركعتين ثم انطلق نحو النبي.
الذاكرة ماتزال تتألق بصور الطفولة.. الحسين بسنواته السبع
يركض نحو جده العظيم يرقي في أحضان النبوة وعبق الوحي،
وابتسامات الملائكة تغمر دنياه وتتلاحق الصور.. تشتعل وتنطفئ كبردق سماوية.
ألق الرجل الذي ذرف على الخمسين بنفسه على القبر شعر بدف، الاحضان. احتضن التربة الطاهرة، وراح يستنشق.. يملا
صدره بشذئ السماء شعر بأنه يقبل وجه جده.. يسمد شعره المتمؤج تموج الصحارئ، ويداعب سوالفه المتلألئة. وشعر أنه يعانق آدم وابراهيم، ويحتضن الكون كله.

- يا جداه انهم يريدون مني شيئا عظيما.. تكاد له السماوات يتفطرن وتنشق الارض. يريدون لقمم الجبال أن تغادر اماكنها الشماء الى الهاوية، وللسحب أن تدع السماء، وللنخيل أن تنحني... انهم
يريدون للحسين أن يبايع.. يبايع يزيد....

أغمض الحسين عينيه المتعبتين، فانبثق شلال من نور محمد..
وجه يتلألا كالبدر، ترفرف حوله أجنحة الملائكة مثنى وثلاث ورباع
- حبيبي يا حسين..
إن اباك وامك واخاك قدموا على.. انهم
مشتاقون اليك، فهلم إلينا.

- لا حاجة لي الى الدنيا، فخذني اليك يا أبتي.
- والشهادة يا بني الدنيا كلها تحتاج شهادتك.
وانتبه الحسين على أنفاس الصبح، فودع جده وقفل عائدا الى منزله
الرزيا تتجسد امام عينيه، حتى كاد يلمس غصنا من سدرة المنتهى نور ساوي يسطع في أعماقه ونداء يتردد في صدره.. يدعوه الئ الرحيل لقد أزفت الساعة.. والنوق فى الصحاري رفعت
رووسها تترقب انتظام القافلة.

رواية ألم ذلك الحُسـين ؏ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن