Part 3 / شِكُوك

109 14 8
                                    

" ومالذي من المُفترض أن يكون المغزى من كل هذهِ الأمور التي نعرِفها؟ "

قالها الضابِط الجالِس بمللٍ وينظُر الى الفتاة التي أمامَه يوحي بوضُوح بكونِها تضيّع وقتَه بلا فائِدة وهي تُلقي عليه بعض المعلومات العالقة في ذاكِرتها ، ماهذا؟ ألا يُوجد إحترامٌ للمُوظفِين الجدد؟ ثَار غضبُها بينما تحاوِل الإحتفاظ بالمزِيد من الإحترام فِي نبرتِها وهي تقول :

" أحاول أن أقول إن بعض حوادِث الإختفاء ترتبِط بطريقةٍ ما بالسيد وو ! بالأخَص مواعِيد معزوفاتِه على البيانو "

إختنق الرجُل الذي من المُفترض أن يكون ضابطاً بقهوتِه وهو يستمِع الى هُراءِها ، لينفجِر ضاحكاً بعدها بقوّة وهو يمسِك بطنهُ الكبيرة ، ثُم قال من بين ضِحكاتِه الهمجِية :

" أنجِيلا إلى أين تُريدين الوصول مع حماقتِك؟ "

بقِيت أنجيلا مُتمسكةً بموقفِها وهي تحدق فِيه بجديَة تامة ، ليُردِف صارِخاً في وجهِها بغضب عارِم :

" هل تُدركين عن مَن تتحدثِين؟ ذلك السيد يستطيعُ جعل حياتِك جحيماً أو جنة بفلسٍ واحد من جيبِه ! كيفَ تجرُؤين على إتهامِه بالجرائِم حتى؟ "

أجابتهُ أنجيلا بهدوء :

" انا لا أتهِمُه يا سيدي ، أنا أشارِكُك مُلاحظتِي الخاصة لا أكثر .. "

ثُم أردفت بسُخرية لاذِعة بينما تُلقِي عليه نظرَة إستِخفاف :

" بصفتِكَ ضابِطاً والنائِب العام لرئِيس الأمنِ الأعلى لهذا المركَز "

وتركتُه بينما بقِي يُحدق فِيها من الخلف بصدمَة ، جُرأتها لا تُصدق ، كيف سُمِح لها بالعمل مع الشُرطة حتى؟ إنها أول فتاةٍ بالفِعل تفعلُها في فرنسا حتى هذا الوقت ، ولا تخافُ أي أحد ، ثِقتُها تستطِيع تحطِيم أنفِ من يتحدّاها ، دائِماً مُتمسّكة برأيِها ، مالسِر وراء ذلك؟ قبُولها في وظِيفةٍ كهذِه كان مُجازفةً بسبب عِنادِها وإصرارِها ، بلا نفُوذ .. بلا إغراءات .. بلا رشوى .. بلا خُدع أو إستغلال .. كيف إستطاعَت فعل ذلك؟ ، لابُد من شأنِها العظِيم إذاً ، ولابُد من الإعتماد عليها والوثُوق بها ، لكِن الغالِبية لا يزالُون يسخرُون مِنها لإيمانهِم التام بأن المرأة لا مكانَ لها هنا وإن عملَها فقط إدارة المنزل وتربية الأطفال .. أمثال ذلِك الضابِط ذُو البطنِ الكبيرة عاشِقُ المَال .

°°°

تحتَ ضوءِ القمر كان لحنٌ كئِيبٌ ينسابُ في هذا القصر الخاوِي والمُظلِم ، الذي لا يسكنُه سوَى جسدٌ واحِد .... والعدِيد من الأرواح ، حسناً هذا ما يُؤمِن به سيّد البيانو هُنا ، يعزِف وتيرةً جدِيدة مليئَة بالألَم ، وجسدُه ينحني وينتفِض مُندمِجاً مع ألحانِه ، يُغمض عينيَه بينما تبتلِعُه يَد الماضِي ، وتقيّد أنفاسه تُجبره على رؤيَة حياتِه بأكملِها حتى هذهِ اللحظة وأنامِله لا تستطِيعان التوقف عن التراقُص على أزرارِ البيانو المُتعب طافِح الكيلِ هذا .

الشَيـطَـآن النَبِـيـل Where stories live. Discover now