الخِطاب الأخير *الجزء التاني*

739 78 78
                                    


"أنت كنت تعرف أمي سابقاً؟ كنت تُحبها؟"

نظر له السائق في صدمة لا تقل عن صدمته ثم ضمه سريعً معانقً اياه بقوة و إزداد علو صوته الباكي

"يا آلهي، لا أصدق أنك إبنها! لا أصدق أن جزء من نور بين يداي الآن، لا أصدق هذا"

كان يربت علي كتفه وهو الأخر غير قادر علي إيقاف دموعه، إبتعد عنه ثم ذهب به للجلوس علي المقاعد الخشبية المهترئة المقابلة للقبر، حاول السائق إيقاف شهقاته لكن لم يستطع السيطرة علي دموعه

"نور كانت صديقتي بالجامعة، كانت ك إسمها تماماً، أعتقد أن الشمس كانت تشرق حينما تبتسم هي، تشع نورً و طاقة إيجابية حيثما تخطو قدماها، لم تكن الأجمل ولكنها كانت الأنقي بين أقرانها، وهذا ما جذبني إليها"

زفر بقوة و إرتسمت علي شفتاه إبتسامة واهنة ثم إستأنف حديثه و الآخر كان يستمع له في صمت تام

"كانت صديقتي الوحيدة طوال سنوات دراستي بالجامعة، لم أجد من يشبهني في التفكير ولا أشيائي المفضلة، ولكنها كانت كذلك، كانت كالشجرة العملاقة في صحراء جرداء في ذروة النهار ل شخص فقد أمله من النجاه من الشمس اللاذعة، كانت صندوق أسراري و شاهدة علي لحظات إنهياري و ضعفي، كنت أشعر بالأمان المطلق معها، تخيل يا بني شخص فقد ثقته بالجميع ماذا يعني له أن يثق ب شخص و يتخذه ملاذه الآمن من عبث وفوضوية الحياة، تخيل مدي تعلقه بذلك الشخص ومدي حبه له.
توطدت صداقتنا وكنا معاً في كل الأوقات وكانت مشاعري نحوها تنمو بشكل لم أستطع إستيعابه، كما لو أنك أمددت شجرة عقيمة ب مخصبات زراعية.
ظن الجميع أننا نتواعد، وصدقً يا بني هذا ما كان يتمناه قلبي ولكني كنت خائف من البوح ب مشاعري لها، كانت فكرة خسارتي لها تُأرقني و تزعجني، ف إحتفظت بمشاعري المتأججة بداخلي، و صدقاً حاولت مراراً وتكراراً التخلص من تلك المشاعر وإقناع ذاتي بأننا فقط أصدقاء، لكن كان قلبي يقفز من مخدعه مضطربً مهللاً جراء ضحكتها العذبة، حتي جائت لي يومً تخبرني أن هناك من تقدم لخِطبتها و ستتزوج بعد إنتهاء العام الأخير بالجامعة"

"أكان ذلك والدي؟"

أومئ السائق ثم إستئنف مرةً أخري

"نعم يا بني كان والدك.. آدم. كان معنا بنفس الجامعة لكنه كان يكبرنا ب ثلاث أعوام، كان ذو أخلاق رفيعة، نبيل وصادق، كيف له ألاّ يكون شخص جيد و نور النقية وقعت في حبه؟"

إبتسامته كانت متحسرة، نادمة، أردف و الدموع تتساقط من مقلتاه بغزارة

"أحسست أن عالمي ينهار يا بني، شعرت بالتيه و الضياع و التخبط، سيذهب الشخص الوحيد الذي شعرت بالأمان معه إلي شخصٍ آخر، ستكون رفيقة دربه و أم صالحة لأطفال يشبهوها، كنت أري السعادة في عينيها، كما لو كأنها تحلق في السماء السابعة، أما أنا ف كنت كما لو أني أهوي إلي جحيم الأرض السابع، هنئتها وتمنيت لها حياة هنيئة و سعادة تستقر قلبها، لكن بداخلي كنت ألعن نفسي ألف مرة، كنت ألعن خوفي و ترددي الذان أفلتاها من بين يداي"

Asperger Syndrome || مُتلازمة أسبرجرWhere stories live. Discover now