558

103 27 5
                                    

- هل رأيت يا فاسيا ماذا أنت؟ هدئ نفسك إذن ها أنت ذا تتضطرب اضطراباً شديداًمن جديد ! (لاحظ أركادى ذلك وهو يرتجف لذكرى المشهد الذي جرى ليلة البارحة في الشارع).

- دعك من هذا الكلام يا صاحبي ! تريد مني أن أهدأ وأنا لم أكن ييوم من أيام حياتي أهدأ مني الآن ولا أسعد ! لشد ما تمنّيت أن أحكي لك كل شيء، ولكنني أخاف دائماً أن أسبب لك ألماً. فأنت تقلق عليّ، فتصيح وتخيفني .. انظر .. حتى في هذه اللحظة أرتجف .. لا أدري لماذا؟ إليك ما أحب أن أقوله لك : يخيل إليّ أنني كنت في الماضي أجهل نفسي .. أما الآخرون فإنني لم أعرفهم ولم أفهمهم إلا منذ أمس.

كنت حتى هذا اليوم لا أفهم .. ولا أقدّر .. كان قلبي جافاً يابساً. إليك كيف حدث ذلك :

أنا لم أستطع أن أحسن إلى أحد .. فحتى مظهري ليس فيه ما يبهج النظر.. ومع ذلك كان جميع الناس يحملون لي عاطفة طيبة ! وأنت أولهم .. طبعاً .. أما أنا فلم يكن في وسعي أن أفعل شيئاً غير الامتنان*

قال أركادى :

- ما هذا يا فاسيا؟ فاسيا .. ما هذا؟

فقاطعه فاسيا بقوله، وهو لا يكاد يستطيع أن يلفظ كلماته من كثرة الدموع التي تخنق صوته :

- ماذا؟ لا شيء .. أمس، كلّمتك عن جوليان ماستاكوفيتش. أنت تعلم أنه قاسي بل إنه قاتم النفس، وأنه قرّعني عدة مرات. ولكن ها هو ذا يخطر بباله أمس أن يمازحني، وأن يكون لطيفاً معي، وأن يُظهر طيبة قلبه، تلك الطيبة التي يخفيها إخفاءً عاقلاً حكيماً عن الآخرين.

____________________

*الجملة في نسخة الpdf غير واضحة، على من يملك الكتاب ورقياً تزويدنا بالجملة الأصل رجاءً لـنقوم بالتصحيح.

BRO |✔| اقرأ 1حيث تعيش القصص. اكتشف الآن