575

123 24 24
                                    


وانتصب على رؤوس أصابعه مرة أخرى فهمس في أذن أحدهم ببعض الكلام، ثم هزّ رأسه عدّة مرات، ومضى يهرول إلى مكان آخر.

وانتهى أخيراً كل شيء : جاء الحارس والممرض. فاقتربا من فاسيا، وقالا له أن أوان الإنصراف قد آن.

فنهض فاسيا ببطء، واضطرب بعض الاضطراب، ومضى يتبعهما ناظراً حوله.

كان يبحث عن أحد.

هتف أركادى باكياً ناشجاً: ((فاسيا، فاسيا !)). فتوقف فاسيا، واستطاع أركادى أن يشق لنفسه طريقاً إلى صاحبه. فتعانق الصديقان آخر عناق .. كان منظراً محزناً يمزق القلب.

أية نازِلة وهمية كانت تُسيلُ عبرتهما؟ لماذا كانا يبكيان؟ أين هي تلك النازلة؟ لماذا لم يستطيعا أن يتفاهما؟

قال فاسيا لصاحبه وهو يدس في يده ورقة مطوية :

- خذ .. خذ هذا .. احتفظ لي به. وإلا أخذوه مني. جئني به بعد. جئني به. احتفظ لي به.

ولم يستطع فاسيا أن يكمل كلامه. فقد نُودي. فهبط السلم مُسرعاً وهو يحيي الناس ويحني رأسه. إن ألماً قاتلاً كان يرتسم على وجهه. ووضع في العربة أخيراً، وسارت العربة.


فضّ أركادى الورقة على عجل. إنها الخصلة السوداء من شعر ليزا، التي كان يجملها فاسيا دائماً معه. انبجست الدموع مرة أخرى من عيني أركادى، وتمتم يقول : ((مسكينة أنت يا ليزا)).


فلمّا انصرف الموظفون ذهب أركادى إلى جماعة كولومنا. لا داعي إلى وصف ما جرى هناك ! حتى الصغير بتيا الذي لم يفهم كثيراً ما وقع لفاسيا الطيب انزوى في ركن وغطى وجهه بيديه وطفق يبكي بكاء يمزق القلب.


BRO |✔| اقرأ 1Where stories live. Discover now