٥: على قلق

139 16 66
                                    

///

لطالما كانت يينا فتاةً رتيبة، لا تفعلُ إلّا الرتابة و قد تنفر من لحظاتٍ تكسر ما اعتادت عليه مرّاتٍ عديدة ، فلمّا أخلّ مراهق بهيكل سير مسارات حياتها فقدت خسائر عدّة و بالرغم من أنّها لم تستطع تعويضها بعد، قد وجدت رضوان برفقةِ جارها . تسعة و خمسون يوماً، منذُ أن أصبح المراهقُ يحتلّ حيّزاً يتسع حجماً كلّ يوم في حياة هان يينا و اللتي خالت أنّ الأشياء تبدو في إتجاهٍ صحيح مؤخراً ، أخيراً.

فاليومُ يبدأُ مثل الأمس
و الغدُ كذلك لن يختلف .

وقعها هكذا ممل، بيد انها لم تكن تعيش حياةً فارغة، بل تستأنف أيّامها بحياةٍ أكثر في كل جلسة شاي معه لا ' شاي ' فيها .

لم أكن لأجرؤ على فعل هذا قبيل أن اعبر بوابة المدرسة ، ذلك ما اسرّت به وهي تطبعُ طبقة مرجانيّةً محمرّةً أخرى على شفتيها .

تشعرُ أنّها كسرت القانون، لذّةً جعلتها تدركُ أنّها الآن تشق خطوات ' الأخت الكبرى ' و ليست طالبة الثانوية ذاتها التي كانت عليها .

لا يكاد قلقها ينقضي ولا الوقت يمرّ،رهينة بينهما ولا تنفك بالإحساس أنّها في متاهةٍ أصابتها بالخناق، إذ تتبعُ خطوات معلمته كأنّها لم تحفظ تلك الممرات الخالية من قهقهات صديقاتها يوماً .

" وصلنا " نبست المعلّمة بصوتٍ هامس،بعد أن تنفست بعمق .
لابد أنّه صعب عليها
فكرت يينا ، كلتاهما لم تكونا مستعدّتان بعد
وذلك ما جعلها تستوقف المعلّمة التي في أوائلِ ثلاثينياتها من معصمها النحيل قبل أن تطرق الباب" هل الأستاذ جانق كيونقهو حاضرٌ اليوم ؟ " ابتعدت الأخرى قليلاً عن عتبة الباب، و بملامح حائرة قد أومأت .

في انتظار ذلك، كانت تدردشُ مع صديقات الثانوية على هاتفها المحمول، حيثُ أنّ الحنين ملأ فؤادها و عن كيف طلبت منهنّ السموحة لأنّها أخلفت وعدهنّ  للضرورة،بزيارة مدرستهنّ سويّاً .

جذبها وطء أقدام فالتفتت :"نهاركَ سعيد أستاذ جانق" انحنت سريعاً ، ولم تغفل عن حيرة الأستاذة قاهيون عندما عرفها أو عندما نطق نسبها
" هان يينا!"

*
مرّت ساعتين ، كانت نهايةُ الظهيرة بالفعل.

بإشراف جانق،مرّ موضوعُ شجار فيلكس،لكنّها لم تكن متأكدةً أنّه قد مرّ مرور خير ، إذْ أن الشجار قد حدث بين فيلكس و صديقه ، معَ طالب من مدرسةٍ أخرى . و لعلّ ذلك ما جعلَ كلا المدرستين تختار حلاً احترازيّاً بدل من عقد لجنة تأديبٍ أخرى .

منذ أن وصلت ، لم تحظى بمحادثة شخصيّة مع فيلكس قطّ كما كان يتفادى النظر إلى عينيها في كلّ مرة تلتفتُ بها إليه . كان فيلكس في حالة جسديّة لا تقلقها أبداً، لكنّ ما يبدي على محياه من أسفٍ و خزي كأنّه يَلوم نفسه تكادُ تعتصر قلبها .

كم كان ثقيلاً شعوره ؟

أرادت انقاذه من صراعِ ذاته بأسرع وقتٍ ممكن ، حاولت جاهدةً أن تركز مع حديث معلمته معها،عنه. و ذلك كان محالاً ، ألّا تشعر بخوفٍ عليه .

أخبرتها عن عادات تأخره سابقاً،والتي لحسن الحظّ أنه قد نجح بتخطّيها هذه الفترة— أي منذُ أن أصبحت هي مسؤولة عن ايقاظه كل صباح.
عن لون شعره ، عن نومه أثناء الدرس و عن درجاته المتدّنية ، كما أن فكرة كونه قد دخل بشجار لا تلجم غضب المشرف عنه و الذي لم يكن خجلاً أبداً بتفريغه عليها في وقت سابق .

لا تبدو حياة فيلكس الدراسية جيّدة البتّة.

" لم يكن فيلكس هكذا بسنته الأولى " عندما نوّهت به معلمته، اعتذرت منها على عجل و قررّت أن تستأذن هي حتماً لن تتركه في الجحيم أكثرَ من ذلك .

هي أدركت — جارها وحيد،الوحدة تقتله .

\\\

صباح النور يا أصحاب 🧡

When the yearning passes by;Where stories live. Discover now