الفصل السادس و الثلاثون..الملاك الحارس

4.6K 143 45
                                    

نامت هزان بعمق بين أحضان حبيبها و هي تدفن وجهها في صدره و تلف عنقه بذراعيها..لم يكن حلما بل كان حقيقة رائعة..لقد عاد اليها في الوقت المناسب..عاد ليعيد الحياة الى عروقها و النبض الى قلبها..عاد لينتشلها من حالة الاضطراب و الارتباك التي كانت عليها..عاد ليحميها من جنونها و خذلان عقلها لها أمام مصيبة فقدانها له..المهم أنه عاد..و هاهي الآن تنام بسلام بين أحضانه..تسحب رائحته عميقا و تتنفسها و تنعم بدفء ذراعيه و جسده..فتح هو عيونه بعد نوم هادئ و مريح فوجد جسدها ملتصقا بجسده..مرر شفاهه ببطء على جبينها و طبع قبلات رقيقة على جلدها ففتحت عيونها و نظرت اليه و ما ان فعلت حتى زينت الابتسامة محياها و بدت السعادة جلية على ملامحها..همس ياغيز بصوت رقيق" صباح الحب حياتي" قبلت هزان ذقنه و ردت بدلال" صباح العشق حبيبي" ثم دفنت وجهها في صدره من جديد و راحت تمرر شفتيها على جلده..أغمض ياغيز عيونه و مرر لسانه على شفتيه متأثرا بملامسة شفاهها لجسده..تمتم معترضا" هزان..يجب أن أذهب" هزت هزان كتفيها بلامبالاة و قالت" لا يهمني..أريد أن أتأكد بأنك حقيقي..و بأن ما حدث ليلة البارحة لم يكن حلما" ابتسم ياغيز و رد و هو يقرص خديها" يا محتالة..ها قد قرصتك..تستطيعين التأكد بأنني حقيقي و بأن ما حدث لم يكن حلما..ها أنا بجانبك بلحمي و دمي..ماذا تريدين أن أفعل أكثر لكي تتأكدي؟" عضت هزان شفتيها و ابتسمت بخبث قبل أن تحرك فخذها لكي تلامس رجولته و همست بصوت مبحوح" أنت أدرى" شعر ياغيز بالدماء تغلي في عروقه و بأنفاسه تتهدج و تتسارع و هو يحس باستفزاز هزان لرجولته النائمة..أمسك وجهها بين يديه و سألها بإصرار" هزان..قولي ماذا تريدين؟" احمر وجه هزان خجلا و تلكأت في اجابتها و هي تقول" أريد..ياغيز..أنت..تعرف..لا تحرجني" في اللحظة التالية كان ياغيز يعتليها و يقول من جديد" هزان..ان لم تقولي ماذا تريدين فلن تنفع استفزازاتك هذه و سأذهب بسرعة..هيا..أجيبي..ماذا تريدين؟" نظرت هزان داخل عيونه و رطبت شفتيها قبل أن ترد بصوت ثابت لا خجل فيه" حسنا ياغيز..أريدك أنت..أريدك أن تأخذني اليك..أريدك أن تمارس الحب معي..أريدك داخلي..هذا ما أريده ياغيز..هل فهمت الآن؟" ضحك ياغيز و غمر وجهها بالقبلات و هو يقول" طبعا فهمت..و أنا تحت أمر مولاتي..يكفي أن تطلبي" ألصقت هزان شفتيها بشفتيه و قالت بين تمازج الشفاه" أحبك ياغيز..أحبك أكثر مما تتصور" رد هو" و أنا أيضا هزان..أعشق كل تفصيلة فيك..اعشق عيونك..نبرة صوتك..شفاهك..جسدك..كل شيء فيك..كل شيء..أنا لك و أنت لي..الى الأبد" و سرعان ما تحولت الكلمات الى أفعال و غلب الجنون على العقل و نطقت الرغبة بصوتها العالي و سحبتهما الى أعماق أمواجها العاتية..فصارا جسدا واحدا و اختلطت الأنفاس و ارتبكت خفقات القلوب و خرج الحب منتصرا في نهاية معركة حامية جمعت عاشقين انهكهما الفراق..احتوى ياغيز هزان بين ذراعيه من جديد و قال" حياتي..أكره أن أتركك..لكن يجب أن أذهب..لدي بعض الأعمال العالقة التي يجب أن أنهيها" اغرورقت عيون هزان بالدموع و أخفت وجهها في صدره و قالت" لا أريد..ابقى معي..لا تتركني..أخشى أن أفقدك من جديد" وضع ياغيز يده تحت ذقنها و رفع وجهها اليه و رد" حياتي..سأكون أقرب اليك من ظلك..لن أتركك أبدا..لن تفقديني..لا تخافي..ارجوك هزان..يجب أن تكوني قوية و متماسكة..و كلما كنت انت أقوى كنت أنا كذلك..انها فترة قصيرة و ستمر..ثم أعدك بأنني لن أتركك من جديد..لا تخافي..لا فراق بعد اليوم" هزت هزان برأسها و قالت" حسنا..سأكون قوية من أجلك..من أجلنا..و من أجل طفلنا القادم..لكن عدني بألا تجعلني أشتاق اليك..و الا أقسم بأنني سأجن و أحرق الأجواء..هل تعدني؟" أجاب" أعدك حبي" و طبع على شفتيها قبلة شغوفة ثم نهض من جانبها و دخل الى الحمام..بقيت هزان في مكانها تفكر في كلامه و تحاول التغلب على خوفها الذي استبد بها بمجرد أن سمعت منه كلمة الذهاب..خرج هو بعد قليل و هو يلف نصفه السفلي بمنشفة بيضاء و خصلات شعره تقطر بالماء..تأملته هزان بحب قبل أن تغادر السرير و تختفي بدورها داخل الحمام..لم تنجو من نظراته المتفحصة عندما مرت من أمامه بجسدها الممشوق العاري و ما ان اختفت حتى راح يرتدي ثيابه و أسرع بالخروج لأنه ان بقي فلم يستطيع المغادرة أبدا..دقائق و خرجت هزان من الحمام فلم تجده..حاولت أن تتغلب على حزنها و خوفها و أن تكون قوية كما وعدته لكن هذا لم يمنع دموعها من الانهمار لأنها كانت تكره الفراق و تخشاه حتى و ان كان مؤقتا..ارتدت ملابسها بعد بعض الوقت و غادرت الكرفان عائدة الى القصر..
في جزيرة سانتوريني اليونانية..اجتمع أعضاء المجلس لكي يتباحثوا أمر خلافة العراب و لكي يرشحوا شخصا مناسبا يحتل محله..جلس ديمتري و ابنه ايفان قبالة تشارلز و ابنه جاك أما جمال فترأس الجلسة و أجلس ابنه مارت على يمينه..قال جمال" أولا ..مرحبا بالجميع..أحب أن ألفت انتباه المجلس الى أننا اجتمعنا اليوم لكي نقوم بتأبين لائق للعراب المرحوم ياغيز ايجمان ..ذاك الرجل الذي لطالما كان رجلا على قدر المسؤولية و جديرا بالثقة التي منحناه اياها..ليرحمه الله و ليجعل مثواه فسيح الجنان..نحبك أيها العراب و لن ننساك أبدا" قال ديمتري بحزن" فلترقد روحه في سلام..لقد كان نعم الرفيق و الصديق..لا أعلم كيف سأتجاوز صدمة فقداننا له..لكنني آمل بأن يكون في مكان أفضل من هذا" تكلم مارت بنفاذ صبر" ليرحمه الله..أعتقد بأننا لم نأتي فقط من أجل هذا..الأهم من هذا كله هو أن نختار خليفة له لكي لا تتعطل مصالحنا..أليس كذلك؟" رمق جمال ابنه بنظرة حادة ضمنها كل معاني الامتعاض و الغضب قبل أن يقول" لن يكون سهلا علينا أن نفعل ذلك سيد مارت..فالعراب ليس رجلا سهل التعويض..لقد كان جسرا متينا نعبر من خلاله الى بر الأمان..لم أذكر يوما بأنه انتابنا القلق من عدم وصول بضاعة او من انكشاف أمرها..لقد كان بارعا جدا فيما يقوم به..و هذا ما جعله يكون العراب الحائز على ثقة الجميع دون استثناء..لكننا مجبرين اليوم على التفكير في مصالحنا و في أعمالنا العالقة..غير أنني أردت أن ألفت انتباهكم الى أمر لا تعرفونه قام العراب بفعله قبل أن يباغته الموت..اتعلمون أيها السادة بأن البضاعة قد وصلت اليوم بعد أن اتفق ياغيز مع المزودين على ايصالها بطريقة لا تخطر على بال أحد" قطب تشارلز جبينه و سأل باستغراب" كيف حدث ذلك؟" ابتسم جمال و أجاب" اليوم وصلتني مجموعة من اللوحات الفنية لبعض الرسامين اليونانيين كشحنة مضمونة الوصول..استغربت الأمر في البداية ثم اتصلت بالمزودين لكي يعلمونني بأن ياغيز اتفق معهم على دس حبات الألماس في الغطاء الخلفي للوحات بطريقة ذكية لا تلفت الانتباه و بهذا ضمن لنا وصول البضاعة المطلوبة قبل مفارقته لنا..نحن ندين لذلك الرجل بالكثير الكثير..لذلك قلتها و أكررها بأنه رجل يصعب تعويضه..انه أذكى من الذكاء في حد ذاته..آااااه ياغيز..لو كنت أستطيع منع الموت عنك لفعلت..لكن ما باليد حيلة..المهم أيها السادة أن البضاعة صارت في متناول أيدينا..و لا يبقى لنا سوى أن نصرفها و نقبض ثمنها..فمن ترشحون لتولي هذه المهمة الصعبة؟" تبادل ديمتري و تشارلز و جمال نظرات ذات معنى قبل أن يقول ديمتري" أيها السادة..انا شخصيا أرشح ابني للقيام بهذه المهمة..و أنا على يقين تام بأنه لن يخذلكم" و قام تشارلز بترشيح ابنه جاك و وجد جمال نفسه مجبرا على تزكية ابنه للقيام بالمهمة..و حاول الثلاثة التوصل الى اتفاق حول اسم واحد من الثلاث أسماء لكن كل أب تشبث بترشيح ابنه فوقف جمال و قال" حسنا..بما أننا لم نستطع الاتفاق على اسم واحد..فهذا يعني بأننا سنلجئ الى اخضاع الشباب الثلاثة الى اختبارات متتالية تكون على قدر هام من الصعوبة و من ينجح في تجاوزها بنجاح..يكون هو رجلنا المنشود..هل توافقون؟" لقي الاقتراح ترحيبا و موافقة من الجميع لكن نظرات الخبث التي بدت في عيون مارت كانت توحي بأنه لن يسمح لأي واحد من الشباب الآخرين بأن يفوز عليه مهما كلفه ذلك..
في القاعة السرية تحت شركة الأثاث..جلس ياغيز خلف مكتبه يتباحث آخر التطورات مع جان..سأل ياغيز" هل وصلت البضاعة الى قصر الوزير السابق؟" هز جان رأسه بالايجاب و رد" نعم..كل شيء سار كما هو متفق عليه..اللوحات كانت تحمل حبيبات الألماس في غطاءها الخلفي..و المجلس مجتمع الآن في اليونان لكي يختاروا خليفة لك" ابتسم ياغيز و قال" فليفعلوا ما يشاؤون..أنا أوفيت بكل التزاماتي معهم..و لم يبقى لهم في ذمتي شيء..سألتفت الى حياتي و أعيشها كما يحلو لي بعيدا عن الخطر و الخوف..هل علمت بأن هزان حامل؟" ابتسم جان و قال" نعم..لقد أخبرتني سيبال عندما كنت معها ليلة البارحة..مبارك لكما سيدي..كلاكما تستحقان السعادة..سررت بهذا الخبر كثيرا" نظر اليه ياغيز و رد" العقبى لكما أنت و سيبال..هيا تزوجا و أنجبا الصبيان و البنات..السعادة تليق بكما أيضا..لم يعد هناك مكان للخوف او التردد في حياتنا..لقد حان وقت الحرية و العيش الهادئ و التنعم بالحب و الفرح..لن نسمح لأحد بأن يعيدنا الى الوراء أبدا" و ربت على كتف جان ثم أضاف" هيا لنذهب..يجب أن أكون قريبا من هزان..لا أريدها أن تغيب على عيني" قطب جان جبينه و قال" لقد علمت للتو بأنها عادت الى القصر و شعرت ببعض المغص فاصطحبها يمان الى الطبيب" تجهم وجه ياغيز و سأل بعصبية" و لماذا لم تخبرني بهذا فور وصولك؟" و اندفع خارجا قبل أن يتمكن جان من اجابته..
في عيادة الدكتور أحمد جاندان..جلست هزان تنتظر دورها..و كانت قد شعرت ببعض المغص عندما عادت الى القصر فاستحمت و طلبت من يمان أن يصطحبها الى الدكتور لكي تطمئن..أخذت تتصفح بعض المجلات دون أن تنتبه الى تلك العيون الخضراء الحاقدة التي كانت ترمقها بنظرات كلها كره و بغض غير بعيد منها..انها بيلين..كانت تزور الطبيب لأنها تعاني من بعض الاضطرابات في العادة الشهرية فوجدت هزان جالسة في قاعة الانتظار..يكاد فضولها يقتلها لكي تعرف سبب تواجدها هناك..أخفت وجهها خلف احدى المجلات و ظلت تراقبها من بعيد..حان دور هزان فدخلت و اخبرت الطبيب بما شعرت به فجأة من مغص شديد..فقام بفحصها و طمأنها بأنه أمر طبيعي لا يدعو للقلق لكنه نصحها بأن ترتاح و أن تبتعد عن التوتر و الارهاق و أعطاها بعض الفيتامينات و المقويات..شكرته هزان و خرجت و نزلت الى الأسفل حيث تركت يمان ينتظرها في السيارة في المرآب المخصص لركن السيارت في الجزء السفلي للبناية..ركبت هزان و قالت" يمان..عد بنا الى القصر لو سمحت" سمعت صوتا مألوفا يجيبها" أمر مولاتي" رفعت هزان عيونها نحو المتكلم فوجدت ياغيز ينظر اليها بقلق و يسأل" حياتي..هل أنت بخير؟ ماذا قال الطبيب؟" اقتربت هزان منه و أحاطت وجهه بيديها و أجابت بسعادة" أنا بخير ما دمت أنت بجانبي..لا تقلق حبيبي..انه مغص عادي..لقد طمأنني الدكتور أن كل شيء على ما يرام..المهم أن تبقى معي" وضع ياغيز يديه على يديها و همس" أنا معك حبيبتي..لقد وعدتك بأنني سأكون أقرب لك من ظلك..و أنا أفي بوعدي دائما" طبع ياغيز على جبينها قبلات رقيقة و احتواها بين ذراعيه قبل أن يضيف" هيا..سنعود الى القصر..سيعود يمان للقيادة و أنا سأجلس بجانبك بعد أن نرفع الزجاج العازل للرؤية" ابتسمت هزان بسعادة و كأن وجوده بجانبها يعطيها الأمان الذي تريده..و قبل أن يغادر ياغيز مقعد السائق..اندفعت بيلين نحو السيارة و فتحت الباب و جذبت هزان بعنف من يدها  خارجا و هي تصيح بها" أيتها الحقيرة..أنت حامل أليس كذلك؟ هل تظنين فعلا بأنني سأسمح لك بأن تكوني أما لطفل ياغيز بعد أن جعلتني أخسر طفلي؟ أنت واهمة يا هذه..سأقتلك و اقتل طفلك أيتها السافلة..أقسم بأنني سأفعل" التفت يدا بيلين على عنق هزان و همت بخنقها لكنها تلقت ضربة على رأسها جعلتها تفقد الوعي و تسقط أرضا..انه ياغيز..لقد تدخل في الوقت المناسب و أنقذ هزان من جنون بيلين و حقدها الأعمى..من حسن حظه بأن غضب بيلين لم يعطها الفرصة لكي تراه و تتثبت من وجوده في السيارة..بل كانت تريد التخلص من هزان و من جنينها بأية طريقة كانت بعد أن علمت من الطبيب بالخبر..جذب ياغيز هزان بين ذراعيه و عانقها بشدة و هو يقول" لا تخافي حياتي..أنا هنا معك..و لن أسمح لأي كان بأن يؤذيك..هيا لنذهب من هنا قبل أن تعود هذه السافلة الى وعيها..ستدفع ثمن فعلتها هذه غاليا" ثم ركبا السيارة و انطلق بها يمان الذي ظهر لتوه و السعادة تبدو على محياه بعد أن علم بأن سيده على قيد الحياة..
في القصر..تسلل ياغيز الى الغرفة الخلفية قبل أن يراه الحراس و الخدم و كان جان قد طلب من سيبال في وقت سابق أن تجهزها له لكي يبقى فيها بعيدا عن الأنظار و سيتولى يمان أمر حراسته فيها لكي لا ينتبه أحد الى وجوده فيها..أصرت هزان عندما حان موعد الغداء بأن تذهب اليه لكي تأكل معه..جلست قبالته و راحت تأكل بشهية كبيرة أما هو فراقبها بعيون عاشقة ثم قال متهكما" يبدو بأن هناك من سيصبح سمينا قريبا ان ظل يأكل هكذا" رمقته هزان بنظرة غاضبة و قالت" يا لأسفي عليك سيد ياغيز..انه ابنك من يشتهي كل هذا الأكل..فماذا أفعل؟" ابتسم ياغيز و رد" فلأكن فداءا لك و لابني الذي يشتهي الأكل..بالشفاء و الهناء حياتي..كنت امازحك فقط..لا تغضبي" وضعت هزان الشوكة و السكين من يدها و تحولت لتجلس على ساقه و لفت ذراعها حول عنقه قبل أن تقول" أنا لا اغضب منك حبيبي..لو تعلم كم أنا سعيدة لوجودك هنا بقربي..ليحميك الله لي و لا يحرمني منك أبدا" اختطف ياغيز قبلة من عنقها و سحب نفسا عميقا من رائحتها ثم قال" و ليحفظك لي أنت و ابننا القادم..أنتما كل ما أملك في هذه الحياة..بل أنتما حياتي كلها" وضع ياغيز يده على بطنها و أضاف" بني..لا تتعب أمك..و لا ترهقها..كن ولدا مطيعا و عاقلا..و أعدك بأننا سنلهو معا و سنتعبها و نزعجها عندما تأتي الى هذه الدنيا و سنختبر صبرها و حبها لنا..اتفقنا أيها الصغير" رفعت هزان حاجبها استغرابا و ردت" الله الله..أتتفق معه علي سيد ياغيز؟ سيكون عقابكما شديدا ان أزعجتماني..ستريان عندئذ وجهي الآخر..الوجه الشرير الذي لا تعرفانه بعد" انفجر ياغيز ضاحكا و راح يضمها بحب بين ذراعيه و هو يوزع قبلاته الحارة على وجهها..سمعا فجأة صوت طرقات خفيفة على الباب..فعادت هزان للجلوس في مكانها قبل أن يدخل يمان و يقول" عذرا على الازعاج سيدي..لكن السيد مارت هنا و يريد رؤية السيدة هزان" تجهم وجه ياغيز و قال بعصبية" ماذا يريد هذا المزعج الآن؟" ربتت هزان على يده و ردت" لا تقلق حبيبي..سأراه و أعود اليك فورا..عن اذنك" و تحركت بسرعة متجهة الى غرفة الاستقبال حيث كان مارت ينتظرها هناك..اقتربت هزان منه و قالت" مرحبا بك سيد مارت..الى ماذا ندين بزيارتك المفاجأة هذه؟" صافحها مارت و رد" مرحبا سيدة هزان..أعتذر عن قدومي الى هنا دون موعد مسبق..لكنني أردت أن أطمئن عليك بعد المصاب الكبير الذي ألم بك..هل أنت بخير؟ هل تحتاجين الى شيء؟" ابتسمت هزان و ردت" شكرا لك سيد مارت..أنا بخير..و لا أحتاج الى شيء..سوى الدعاء لزوجي بالرحمة" جلست هزان و أشارت اليه بالجلوس..قال مارت" أراك بخير سيدة هزان..تبدين قوية و متماسكة..كم كان ياغيز محظوظا بوجود زوجة مثلك بجانبه..لا أعلم ان كان يصح قول هذا لكنني طالما حسدته عليك..اعذريني على صراحتي..لكن هذا ما أشعر به" ردت هزان" شكرا على المجاملة سيد مارت..أنا مضطرة أن أكون قوية و متماسكة هكذا لكي تستمر الحياة و لكي أحفظ اسم زوجي و مكانته في عيون الناس..ياغيز لم يترك لي ارثا ماديا فقط..بل ترك ايضا ارثا معنويا..لم يكن اسمه اسما عاديا..و لم يكن هو رجلا عاديا..لقد كان انسانا رائعا و حبيبا نادرا و زوجا وفيا و عرابا جديرا بالثقة..هذا هو زوجي الذي يجب أن أحافظ على ارثه و على اسمه" و تظاهرت هزان بأنها تمسح دموعها لكي تؤكد مصداقية كلامها لمارت الذي بدا عليه الانزعاج من كلامها عن ياغيز..اقترب منها و لف يده على كتفيها و هو يقول" لا تبكي هزان..لا تحزني..أنا هنا بجانبك..و لن أترك يدك أبدا..لم يبقى الكثير لكي أصبح عرابا و خليفة لياغيز و سأعتني بك و أكون بقربك دائما" ابتعدت عنه هزان و قالت" شكرا لك سيد مارت..المهم أن تكون على قدر المسؤولية..فليس من السهل بأن تأخذ مكان ياغيز" قطب مارت جبينه و تأفف بضيق قبل أن يقول" اوف يا..هذا يكفي..لقد سئمت من سماع نفس الكلام عن ياغيز..أنا أفضل منه..و سأثبت ذلك لكم جميعا..سآخذ مكانه و سأنسيكم اسمه و بأنه كان موجودا يوما ما" ثم اقترب منها و أمسك يديها و هو يضيف" و أنت هزان..ستكونين لي أيضا..أنت تعلمين بأنني أحبك و أريدك..كنت في السابق تتمنعين بسبب ياغيز..أما الآن..فهو لم يعد موجودا..لتمر فترة الحداد و سأتزوجك..و ستحافظين على لقب زوجة العراب..لأنني سأكون العراب قريبا..و يجب أن توافقي على هذا هزان..ستكونين لي بعد طول انتظار" انتشلت هزان يديها منه بعنف و صاحت به بعصبية" ماذا تقول يا هذا؟ هل جننت؟ هل فقدت عقلك؟ عن أي زواج و ارتباط و هراء تتحدث؟ أنا زوجة ياغيز ايجمان..و سأبقى كذلك حتى آخر يوم في حياتي..لا مكان لرجل آخر في قلبي..هل فهمت؟ كف عن هذا الهراء السخيف الذي تقوله..و ارحل من هنا لو سمحت قبل أن أفقد تعقلي و أغير معاملتي لك" اقترب منها مارت و لف يده على خصرها و جذبها نحوه بشدة حتى التصق جسدها بجسده و قال بعصبية" اسمعي يا هذه..أعلم بأنك تفعلين هذا لكي تزيدي من تعلقي بك..تتبعين قاعدة الهروب و الملاحقة..كلما هربت مني و تمنعت عني كلما زدت تعلقا و جنونا بك..و أنت تنجحين في كل مرة..لقد صرت مجنونا بك..و أنتظر بفارغ الصبر ذلك اليوم الذي تكونين فيه لي و بين ذراعي..أحبك هزان..و أؤكد لك بأنك ستكونين لي ان رضيت أم لم ترضي..هل فهمت؟" و راح يحاول تقبيلها و هي تهرب بوجهها منه يمنة و يسرة و تحاول ابعاده عنها لكن دون جدوى..و فجأة وجدته هزان يسقط أرضا أمامها بعد أن تلقى لكمة قوية على وجهه افقدته الوعي..اندفع ياغيز يجري نحوها و احتضنها بين ذراعيه بقوة و هو يسأل" هل أنت بخير؟ تبا لهذا السافل..أقسم بأنني سأقتله يوما ما..وقح و بلا أخلاق..ألا يخجل أبدا؟ سأقطع يده ان حاول وضعها عليك من جديد" حمل يمان مارت و وضعه في سيارته و أيقظه بأن رش الماء على وجهه و بمجرد أن فتح عيونه قال له بنبرة تهديد واضحة" اختفي من هنا قبل أن أقتلك..و اياك أن تفكر في العودة الى هنا مرة أخرى..السيدة هزان تحت حمايتنا و لن نسمح لك بأن تقترب منها ثانية..هل فهمت؟ هيا اذهب من هنا" ابتسم مارت بسخرية و قال" سنرى ان كنت ستتجرأ على قول هذا الكلام عندما أصبح العراب..سأذهب الآن..لكنني عندما أعود لن تستطيع لا أنت و لا غيرك أن تمنعني" ثم تحرك مسرعا بسيارته..جلس ياغيز و أجلس هزان بجانبه و راح يداعب وجهها و شعرها ثم سألها" هل أنت بخير؟" ابتسمت هزان و أجابت" أنا في أفضل حال مادمت أنت معي..الحمد لله بأنك معي..انك تحوم حولي كالملاك الحارس..و الا ماذا كنت لأفعل لوحدي في مواجهة هذه الوحوش المتربصة بي" قال ياغيز" اطمئني حياتي..أنا هنا..و لن أتركك أبدا..و لن أسمح لأحد بأن يضع يده عليك..لم يبقى الكثير على ذهابنا من هنا لكي نعيش بعيدا عنهم بسلام و أمان..لم يبقى الكثير"

في قبضة العرّاب Where stories live. Discover now