الفصل العاشر

406 12 0
                                    

《الفصل العاشر》

الحياة فرص وليس أمامك سوى التخلي ذات يوم..!
مجموعة أوامر اخترتها بكامل إرادتك لاستكمال طريقك دون النظر لشيء آخر مهما كان، فكرت وقررت قبل المضي قدمًا.
لم تضع بحساباتك ذاك الشعور الذي ينغص عليك أيامك، يبدد أحلامك، وظيفته الأساسية ندمك والوقوف كثيرًا على أعتاب الماض لتشعر بالذنب مائة مرة أو يزيد بالدقيقة. 
سهام الذنب لا زالت تؤرق مضجعك، تلاحقك كالمتهم بكل مكان، شعور قاس يلاحقك أينما ذهبت، قسوته كـ قسوة الشتاء لهر وجد نفسه وحيدًا وسط العاصفة بعدما فقد ملجأه فجأة دون سابق إنذار.
نعم.. إنه الإحساس باقتراف إثم مع مَن لم يخطيء لكنه مخطأ من زاوية رؤيتك، شعور ملاحقته أصعب ألف مرة من القتل عمدًا مع سبق الإصرار.
عندما تقترف إثمًا في حق مَنْ عَشقته روحك قبل قلبك، يكن شعور الذنب كالسيف يهوي بلا رحمة على نياط قلبك يمزقها بهدوء وتلذذ، يبدد حساباتك، ينشر الظلمة بحياتك، مراره كالعلقم يأسرك بهدوء لتكون فريسته، ذكرياته كالسوط تهوى على قلبك قبل جسدك تدميه لتتذوق بعضًا مما اقترفته سابقًا.
أحببت دور العاشق لكنك كرهت دور المتخاذل، أردت دور الولهان لكنك تناسيت قناع القاضي، أحببت المستقبل لكن قدمك لا زالت في ظلال الماضي.
قطع حديثه مع نفسه وتأنيب ضميره دلوف الطبيب المسئول عن حالة صغيرته، تابع بهدوء مؤشراتها الحيوية قبل تدوين بعض الملاحظات عن حالة المريضة وما إن هم بالخروج حتى استمع لصوت ذاك الصامت، مذ أتى وظنه أبكم لقلة حديثه أو انعدامه بمعنى أصح إلا في استثناءات قليلة، وقف أمامه بهالة الحزن المصاحبة له، جذبته وأراد الاستفسار عن ذلك لكن أكدت خلاياه بأن ذلك بسبب تلك الصغيرة الملازمة للفراش منذ انتقالها هنا، ابتسم بمهنية قبل قوله
- عذرًا سيدي ما الأمر!
وبنظرات وجلة وقلب مرتجف أجابه
- كيف حالها الآن؟
ثم صمت ينظر إليها بحنان قبل قوله بهدوء
- أشعر بها، قلبي يخبرني بأنها ستتعافى قريبـًا.
- سيد صهيب.
قالها لينتبه الآخر له من خضم صراعه الداخلي قبل قوله بعملية اكتسبها من عمله
-  أقدر قلقكَ على شقيقتكَ.
دوَّن بعض الملاحظات في التقرير الخاص بالمريضة قبل قوله بهدوء حاول ألا يكسبه طابع الجدية علَّ الآخر يطمئن ولو قليلًا
- اطمئن الفحوصات الأخيرة إيجابية بدرجة كبيرة، جسدها يستجيب بعدما رفضت الاستيقاظ سابقًا من ثُباتها.
قالها الطبيب بعملية بحتة مستندًا لتلك التقارير الطبية بحديثه، ابتسم صهيب بألم قبل قوله بتساؤل متذكرًا شيء ما
- وتأثير آخر جراحة على حركة قدميها.
- سيدي.
قالها الطبيب منزعجًا من تخطيه للأمور الهامة والتركيز فقط على أشياء يمكن إيجاد حلول لها بالمستقبل ليُكمل حديثه قائلًا
- التقارير لم تُظهر أي شيء بخصوص الجراحة الأخيرة لكن اطمئن الاستجابة الفعلية دليل على تماثل الشفاء وهذه بداية مبشرة.
صمت يضبط عويناته الطبية قبل قوله بهدوء مُجيبًا على تساؤله السابق
- أما بخصوص حركة قدميها فالزمن وإفاقتها كفيلا للإجابة عن هذا السؤال كما أن العلاج الفيزيائي سيكون له دور في رحلة شفائها.
قال الطبيب آخر كلماته وغادر دون الالتفات لملامح صهيب العابسة، يبدو بأن ساعات حزنه قد بدأت منذ اللحظة التي ترك بها حيائه وحدها ليلة عُرسهما دون التبرير فقط رحل وكأنه عابر سبيل انتظر قليلًا بمحطة ما ثم أكمل طريقه مؤكدًا بأن حياته ستُزهر ذات يوم.
جلس على المقعد بجوار السرير بإنهاك ليأسر أنظاره دفتر وردي اللون آخر ما تبقى من حبيبته أو لنقل وردة حياته وبهجة أيامه، قلبه لا يطاوعه بقراءة المزيد لكن عقله يحثه على المتابعة فربما يكون هذا الدفتر به بعض الحب خصته له بالرغم من حزنها بسببه.
تلمس غلافه بهدوء حزين ملمسه كضحكتها ناعمة لكن تحوي الكثير، رائحته كعطرها يأسر أنفاسه، ابتسم بحزن لذكراها، فتحه بهدوء لتبدأ عيناه بأسر ما خطته أناملها، حتى الكلمات تعاتبه دون شفقة على حاله، تابع بنهم كلماتها
حزن لعشق نهيته....
نظرة لحب بدأته....
ما بين هذا وذاك قلب تحطم على صخرة الواقع.
لهفة وشوق لتكليل حب بالزواج لكن ما نفع الأماني إذا بددتها ظلال الواقع لتصبح فتات تجرفه قسوة كلماتك بعيدًا عن مرمى قلبك، ناهيك عن كسرة القلب مبددة أمال اللقاء ثانية بعنفوان شاب أراد كل شيء بالحديقة دون النظر بأنه قد تم تدميرها تحت أقدامه. 
الحب ثمرة محرمة بعيدة المنال أحببت شكلها، فأردت تذوقها دون النظر لشيء آخر، كيفية الحصول عليها غير عابيء بتحمل تبعات قرارك.
العشق نكهة متعادلة من خليط لم تعتاده يومًا، قد تصيبك لذوعتها فتنكوي بها وقد تأسرك رائحتها فتصبح أسيرًا لسحرها.
فكرت بنفسك ومتعة قلبك، بهجة روحك وجمال حياتك بقربها.
انتظرت..
تقطعت أنفاسك وانتظرت..
تربصت باللحظة الحاسمة لتقطفها، استمتعت بشذاها، جربت ملمسها، تذوقت رحيقها...
ثم ماذا؟!
تركتها على أرصفة العاشقين مجردة من لقب حبيبة، أسرت قلبها وأغلقته بمفاتيح عشقك الواهي لتظل أسيرتك، أحببت دور القاض ونسيت بأنك ستكون بقفص الاتهام يومًا. 
أجل ستكون مجرمًا بقصص العاشقين بتهمة سلب قلب دون الحفاظ عليه، دمر كل جميل داخله دون الوقوف على أعتاب الماض ولو لإصلاح جزء قليل منه.
حتى اليوم لم أعرف أكان حبك واه لتلك الدرجة؟ أكنت غبية لهذا الحد! لكن بريق عينيك بوجودي ماذا تسميه؟! بسمتك الصافية استمتاعًا بكلماتي، ضحكتك المشرقة لتذمري، أكانت كلها خدعة أجدتها حتى صدقتها أنا الأخرى، قناع أجدت إرتدائه، حياة أخذت بها دور البطولة دون منازع، محاكمة أردت استئناف الحكم بها رغم مبرراتك الواهية، دعني أخبرك أن المبررات لا تصلح بعد خسارة القضية عزيزي المحامي، لذا فكر بكيفية رد الحق لأصحابه قبل فوات الأوان.
فصلة ما بين ماض أحببته ومستقبل تمسكت به، غيوم ملبدة وشمس مشرقة، ضحكة صافية ودموع متحجرة، هذا حالي مابين الماض والمستقبل، بينهم حرف هو حاضري الآن، ارتجافة قلبي للمغادرة لكن سرعة قدماي لتلبية الأمر، سأشتاق كل شيء، السيدة ديما زوجة أبي، أحببتها بصدق لكن حبها لأبي كان أكثر بكثير، ظننت أحيانــًا بأن حبها لي ماهو إلا بقايا من حب أبي، نظرتها تدميني حتى لو لم تتحدث، يكفي تفكيرها بكوني السبب بموت أبي.
أبي ذكرى ستظل محفورة بين نياط قلبي، مجرد اسمه يجعل قلبي يخفق اشتياقـًا له، عيناي تدمع لذكراه، يكفي بأنه أحبني أكثر من أي شيء آخر، وفاة والدتي أثناء ولادتي لم تمنعه من حبي، لو كان تفكيره كالسيدة ديما لظن بأني كنت السبب بموت والدتي، يبدو من منظوري بأني السبب بموت كل عزيز بقلبي من غير قصد، لكن وقفة احتجاجية... القدر لا شيء غيره.
سأشتاق أوار حقـًا، تكفل بكل شيء من أوارق ثبوتية، هوية جديدة، وبالطبع توفير ما يلزمني طوال الفترة المقبلة، لو تقابلنا مستقبلًا أقسم بأن قلبي سيعشق حنانه لكنها الحياة تسلبنا الحب في لحظات حاجاتنا له، وثقت به وانتهى الأمر ولا مفر من مشاعر قد يُهلكنا طوفانها بلحظة غفلة.
حثني الجميع على ضرورة العدول عن قراري فالغد أفضل بكثير لكن نظرتي التهكمية فشت بأن الغد أسوأ طالما لازلت بمكاني، عاقدة ذراعي حولي صدري، أبكي بحزن.
الغد لن يكون أفضل طالما لم تجتهد لجعله كذلك، لذا لا داع للندم وارتداء ثوب الضعف لأنه وببساطة ستنهشك الحياة عند أول محطة لها.
ودعت الجميع بعيون تحجرت بها الدموع، بقلب وجل، اندهشت كثيرًا من تلك القوة التي اكتسبتها مؤخرًا، تلك القوة ماهي إلا عدة صفعات مِمَنْ وثقت بهم، خذلوك بقدر حبك لهم، أحببتهم دون مقابل، لذا وبالرغم من ضعفك وفراقهم ارتديت رداء القوة حتى صار يلازمك بكل لحظات حياتك الأسوأ منها قبل الأفضل، فـ مجرد تشبهك بشيء مع الوقت ستكون مثله ليس شكلًا بالتأكيد لكن فعلًا، لن تكون صخرة لكنك قاس مثلها.
قد تكون تلك آخر ما تخطه يداي بهذا الدفتر، ليس آخر ما أكتبه بالتأكيد لكنه آخر شيء من حياء الضعيفة، الأنثى المكرر منها مئات النسخ لكنها اختارت أن تكون الأقوى من بينهن، ليس استعلاءًا لكن جرحها كان أكبر من تحملها لذا أردت التخلص من كل ذكرى تستهلك قواها قبل استنزاف مشاعرها.
تلك الكلمات ستظل ذكرى وئدتها الأيام بقسوتها قبل رقتها، بجرحها قبل شفائها، بمرها قبل فرحتها، لم أكتبه طمعـًا في إثارة تعاطف أحدهم خاصة أنت صهيب، أعلم بأنه سيكون يومًا ما بين يديك ولن أنكر حزني لعدم رؤية الندم واضحًا بعينيك، لم أكتبه حزنـًا على أيام مضت لكن أردت تمزيق تلك الصفحة للأبد، كتبته أملًا في التخلص من وسواس الماض والمُضي قِدمًا بثبات غير عابئة باشتعال الوسط خلفي.
أعلم بأنه سيلاحقني فيما بعد لكن تجنبك للحقيقة يضاعف من ألمها، لذا أردت المواجهة لأكون الأفضل فيما بعد، أردت المواجهة رغبة في نسيان أكثر ما وجعني ومزق فرحتي، أردت المواجهة حتى أستطيع العبور لبوابة المستقبل دون رواسب من الماض.
أحببتك لا أنكر لكن بنهاية كلماتي مقدار الحب صار ضئيل، لن أكرهك مَنْ يحب لا يكره، مَنْ يحب لن يرى الشوك في أفعال مَنْ نبض قلبه له يومًا حتى لو اُضطر لكرهه.
لازال يؤرق مضجعي سؤال لم أجد إجابته، وللأسف إجابته لديك.
لِم وئدت سعادتي بمهدها؟!
لِم خذلت روحي قبل حبي!
لِم تركت يدي رغم تمسكي بك!
أعلم بأننا سنتقابل مجددًا لكن تلك المرة كأخرى ليست كحياء السابقة.
وجد جملة بآخر الصفحة ضربته في معقل، أطاحت سعادته الواهيه ليجد
"ستندم، أعلم ذلك لكن ندمك لن يقارن بمقدار خذلاني منك"
قبل مباغتته بأخرى عصفت داخله دون رحمة
"مِن كثرة تَألُمنا باتت الألآم لم تُألِمُنا"
^شروق فتحي^
يبدو بأن جرعة الألم التي أذاقها إياها قبلًا قد حان الوقت لتجرعه منها دون شفقة لحاله.
بانتهاء آخر كلماتها بالدفتر انتهى أمله بلقائها ثانية ولو تخيل بين سطور كلماتها، يعلم بأنه أذاها قبلًا، أخذ يتذكر ليلة زفافهما وما حدث يومها...
Flash back.......
غزت حمرة طفيفة ملامحها الفرحة، قبل الابتسام بسعادة لمجرد تخيلها وجوده بالأسفل، تبادلت عناق أخير مع والديها طمعـًا في بعض حنانهما قبل الخروج من جنتهما لجنة حبيبها، بعدما قبض والدها على كف يدها بحنان، هبطا الدرج قبل الدلوف للقاعة المنشودة، ارتفعت أصوات الموسيقى معلنة وصولهما.
كمن يقف على الجمر بانتظارها، كأنه يراها لمرته الأولى، سقط صريعـًا بعشقها، طلتها الملائكية، حمرتها اللذيذة، ضحكتها الخلابة، ود لو وضعها داخل قفصه الصدري حتى لا يراها أحد، أيوجد خطب ما لو قام بضرب كل من ينظر لها! أحبها لكن مشاعره مختلطة في تلك اللحظة مابين حب زين حياته، قلب امتلكه، حياة أرادها لكن حقها كيف يسترده، قرر إلغاء حسابات قلبه وتأييد مفاهيم عقله.
أما هي فـ تلك النظرة المبهمة التي تراها لأول مرة، دقات قلبها العنيفة التي رقصت فرحـًا لوجوده أمامها كونا سيمفونية سعادة داعبت فرحتها ببهجة.
تسلمها من والدها وأخذها حيث المكان المخصص للعروسين، أمسك يدها بتملك، فاليوم أهم أيام حياته على الإطلاق، غازلها ببعض كلمات الغزل لتحمر وجنتاها خجلًا من كلماته المعسولة، ليتحدث بهدوء مريب
- أخيرًا أتى اليوم المنشود. 
ابتسمت بخجل من كلماته البسيطة مع إيماءة من رأسها، أخبره أحدهم هامسًا بوصول المأذون، ترك يدها بهدوء ذاهبـًا حيث المأذون، ولأول مرة يدق قلبها بعنف خوفًا من القادم، أهذا توتر توديع العزوبية؟! أم توتر الدلوف لقفص الزوجية، لتضحك خجلًا على مسار أفكارها، لكن داخلها يقسم بأن اليوم سيتغير مسار حياتها للأبد، لا تعلم لما أصابتها عاصفة التوتر تلك مزعزعة فرحتها، تحدث المأذون عن أهمية الزواج، وبعض النصائح في نهاية خطبته، شرع في مراسم كتب الكتاب، قطعه ذلك الصوت المألوف منتشلًا المايكرفون من بين يديه متحدثـًا بهدوء
- عذرًا شيخي على المقاطعة، لكن كيف سيتم الزفاف دون موافقة أحد الطرفين، يعد إجبارًا لخوض حياة لست مستعدًا لها أليس كذلك شيخي؟!.
تعالت الهمهمات في القاعة، الكل مترقب ما سيحدث بعد قليل، ما بين حاقد، مضطرب ومتفاجيء بحديث العريس، أما هي فأعصابها كانت تحترق على نار الانتظار.
أومأ الشيخ برأسه إيجابـًا ليتحدث خلدون والد حياء بهدوء
- العروس موافقة وانت متأكد من ذلك، لذا.....
قاطعه صهيب بسخرية طفيفة مانعًا إيا من التحدث قبل قوله بهدوء
- رأيها الأهم سيدي.
ناداها من بين الحضور لافتًا انتباهها قائلًا
- حياء.
نظرت له بحب تعطيه الاهتمام ليخبرها بتساؤل
- أتقبلين الزواج بي؟! موافقة بأن أكون سندك! أكون معك حتى نكبر سويـًا ويسلب الموت أحدنا ليظل الآخر باقيـًا لذكراه؟
وقفت على المنصة بحماس لتقول بسعادة طفلة امتلكت حلوى غزل البنات بعد تعسف من والدها بأنها مضرة لها
- أقبل، موافقة، موافقة.
تعالت الهمهمات بين الحضور بصفير مستمتع من جانب الشباب والتصفيق من نصيب الفتيات، الكل حاسد لتلك الحياء الآن، فـ صهيب شاب غني وسيم وأيضًا يحبها، لتخبو الأصوات فجأة عقب قوله
- لكن لستُ موافقـًا بأن تكوني زوجتي، بأن تكوني على اسمي فـ أنتِ بشعة لدرجة لا يتصورها أحدهم، قناع البراءة ذاك يخدع أي أحد باستثنائي.
صمت ينظر لها باحتقار قبل قوله بإقرار ناهيًا كافة الأمور المتعلقة
- فـ أنتِ مشوهه داخليـًا لدرجة جعلتني اشمئز من ملامحك تلك.
صمت خيم الأرجاء بعد تلك الحقائق المبهمة  للجميع، حياء يحدث معها ذلك، فـ قبل دقائق تمنت الفتيات وجودها بديلة عن حياء، صهيب فارس أحلامهن، صدمة اعتلت ملامح الحضور بعد رصاصة اخترقت السعادة لتسقطها صريعة الانتقام فـ قصة عشقهما لا تقل عن قصة روميو وجولييت، أما تلك العروس فباتت أحلامها فتات بعدما تحطمت على صخرة الخذلان، شحب لون وجهها كثيرًا بعدما فرت تلك الحمرة خجلًا مما قاله، ظنته يمزح كعادته في الآونة الأخيرة لكن نظرات الجميع أخبرتها بأنه في كامل قواه ولا يوجد مبرر واحد يشفع له عندها بعد تحدثه بأشياء تجهلها، لا تعلم مقصده لكنه حقـًا.........
انتبهت لأول مرة لكسرة والدها، نظرة اللوم بحدقتي والدتها، لقد دمر حياتها بتلك الكلمات ولم يبق إلا أشلاء لـ سعادة تمنتها قبل قليل ولم تحصد منها سوى الجرح.
وقبل أن يلتفت مغادرًا المكان ذهبت تجاهه جارة أذيال الخيبة والخزي، نظرت له بعيون منتفخة من البكاء، وجه شاحب من كلماته، طلبت منه بضع كلمات علها تجد تفسيرًا لكل ماحدث، ولأول مرة تفهم تلك النظرة المتلاعبة بحدقتيه، نظرة غلفتها القسوة والخداع، تحدثت بهدوء عكس العاصفة المدمرة داخلها
- أتمازحني؟!
نظر لها بتعالي قبل التفاته للمغادرة، وقفت أمامه تمنعه قبل قولها بصوت متحشرج من البكاء
- ليس وقته، لننتهي من تلك المراسم ولنا منزل يجمعنا.
نظرة اشمئزاز كانت من نصيبها، تبعه بسيل من الكلمات القاسية وﻷول مرة تدرك بأن الماثل أمامها تغير كثيرًا ليقول بنبرة تهكم مما سمعه للتو
- منزل يجمعنا؟!
نظر لها بشمولية من رأسها حتى اخمص قدميها قبل قوله بغضب
- أجننتِ ! لستِ بفتاة تليق بعائلتي أو تحمل اسمها، لقد كنت مختلًا وعاد صوابي إليَّ، استمعي جيدًا أنت فتاة لا تليق لأي شيء سوى الخداع، الاحتيال، وبالطبع الكذب، فتاة لا تليق حتى بالمواعدة سرًا.
غادر تاركًا قنبلة موقوتة على وشك الانفجار، دموعها تكفلت بمحو زينة وجهها مرورًا بكحل عينيها، قلبها وشم تلك الكلمات لتتذكرها دائمـــًا فاليوم حياتها الوردية تحولت إلى حجيم سيدمر أخضرها قبل يابسها.
تركها تجر أذيال الخيبة لاختيارها شخص دمر كل جميل داخلها، حطم كبريائها، مزق فرحتها في يوم تنتظره كل حفيدات حواء.
لا يعلم وجهته بعد، أراد كثيرًا الذهاب مجددًا والاعتذار منها، إكمال بقية حياتهم على النحو المخطط له، سيعدها بعدم إغضابها ثانية فهي جزء من روحه لا والله بل هي الروح حيث لا روح بعدها، هي الحياة حيث لا راحة ببُعدها، هي القلب ودقاته، هي السكن، الابتسامة، الحنان، هي كل شيء حيث لا شيء يفوقها جمالًا، قلبه حثه على قربها لكن عقله نهره من مجرد التفكير بها، قلبه يتمزق لفراقها لكن هيهات أن يتأثر ذلك العقل لفراقها، فـ حينما يكن للعقل رسالة انتقام فإنه يلغي كل مشاعره عدا شعور الانتقام، التلذذ بلحظة النصر حينما تحقق ولو جزء بسيط من مخططك، لكنه ليس بمسرور، نفذ انتقامه ولا زالت تلك العتمة داخله لم تنزاح قيد أنملة، الحزن اعتمل صدره وتشبث بجذور قلبه ليقسم بأن القادم أصعب بكثير.
عدة لكمات متتالية على مقود السيارة تبعها بضع صرخات أملًا في إفراغ شحنته تلك، ظل هكذا بضع دقائق وبمجرد هدوئه قرر الذهاب حيث هي، حيث فراشته النائمة، شغل محرك السيارة وقادها في الاتجاه المعاكس، متحركـًا بسرعة كبيرة عل تلك النسمات الضاربة لوجهه وصدره تزيح ولو جزء بسيط من حزنه، لكنها لم تزد إلا ألمه.
ذهب إليها راجيًا مساعدتها في التخلص من تلك الأحمال الثقيلة التي تثقل كاهله، لكنها قابلته بصفعات عديدة وابتسامة شامتة مؤكدة بأن الظلم لا ينتصر مهما طالت عتمته.
وصل حيث وجهته، ركن السيارة وصعد مستخدمًا الدرج عل قواه تنهك بعد هذا اليوم المشحون، وقف أمام فراشها بغرفة العناية المركزة، تأملها قليلًا، كم اشتاق وجودها جواره، جثا على الأرض مجاورًا الفراش، أخذ يهزها بعنف ولسان حاله يردد
- استيقظِ صغيرتي، لقد أخذت ثأركِ وانتقمت، أرجوك كفاك نومًا وهيا بنا نلهو بالحديقة، سأستمع لتذمرك وشكواك لكن استيقظِ، الحياة دونك معتمة حد الهلاك، اشتقت ابتسامتك، اشتقتك صغيرتي، أرجوك لا تجعليني أختبر معنى اليتم ثالثة.
لا يعلم ما حدث بعدها سوا انه استيقظ صباحًا ليجد نفسه ممددًا على الأرض جوار فراشها قابضـًا على يدها النحيلة، يبدو أن سلطان النوم هجم على خلايا عقله ليريحها من كثرة التفكير ولو قليلًا، عضلاته تتألم من الوجع، لكنه لا يبال، يكفي وجوده جوارها، قبّل يدها بهدوء قبل الخروج من الغرفة والهبوط لتناول قهوته عله يطرد ذلك الصداع المحتل لخلايا عقله.
Back.......
لا يعلم متى هاجمته تلك الدمعات لتهبط آسفة على حاله، لم يتمالك أعصابه أكثر ليتوجه بالحديث لتلك الراقدة على فراشها بعدما تخلى عنه كل شيء بعد تخليه عن حياء
- ألم يحن الوقت بعد طفلتي، اشتقتكُ حد الهلاك.
......................
في مكتب التحقيقات بلندن..
جلست رانسي باسترخاء على الكرسي المقابل لذاك المخضرم، ابتسمت بثقة قبل قولها
- يعاد المشهد للمرة الثالثة سيدي لكن هذه المرة لست بطبيب أو حتى شاهد على تلك القضية بل ضلع أساسي بالجريمة وأحد أركانها.
اضطرب داخله، وتسارعت أنفاسه خشية من كشف أمره، ليقول بهدوء جاهد على إظهاره
- أي جريمة سيدتي، لقد أخبرتك سابقًا بأني الطبيب المعالج للضحية، كيف أكون قاتلًا وقد عالجته.
- لا داعي للمماطلة.
قالت كلماتها بعصبية مفرطة قبل الطرق على الطاولة الموضوعة أمامهم بعنف، لتكمل حديثها
- أعلم بأنك ركن أساسي بها، ليس هذا فقط بل تعلم أيضـًا اليد الخفية التي تعبث بكل شيء بتلك القضية.
أخذت نفسًا عميقـًا لضبط أنفاسها الثائرة ودقاتها الهادرة قبل قولها
- دعني أخبرك قصة قصيرة سيدي.
قالتها لينظر لها بقلق قبل قولها بإقرار
- إمرأة عشقت زوجها حد النخاع، تسرب لخلاياها قبل أنفاسها، استيقظت صباح أحد الأيام بطاقة لم تعلم متى أصابتها، أول ما فعلته بأنها خيرته بين الخبز والعسل، ابتسم بهدوء قبل اختيار العسل، ليقع صريعـًا أمامها يتألم من الوجع، لتبتسم بقسوة قبل قولها -السم في العسل عزيزي، هذا جزاء الخيانة- أخبرته كيف علمت بأن عشقه واه، مبني على مصلحة قبل شيء آخر، وأن الخيانه ستكشف مهما طالت غيومها.
سكنت ولم تكمل ليفهم قصدها بوضوح، حتى العاشقة يمكنها أن تتحول لثائرة تود الانتقام، يعلم صحة حديثها لكن لن يتخل عن قناعه قبل قناعاته، ليبتسم ببرود قبل قوله
- طبيب لست بعاشق.
فهمت من كلماته القليلة مقصده، لتضحك بتهكم قبل قولها
- طبيب على وشك الإفلاس قرر بأن يكون خائن على وشك سداد ديونه.
نظرة منه كانت كفيلة للتلذذ بانتصارها عليه، لتتسع ابتسامتها قبل قولها
- سيدي ديونك كبلتك بقيد الضمير، لتتخلص من ديونك قررت القضاء على ضميرك، لكن دعني أخبرك سرًا حتى يوم الخامس عشر من كانون الأول كنت على وشك الإفلاس وتستعد للبحث عن عمل يلائم مهنتك، نظرًا لسيطرة قبضة البنك على ممتلكاتك وبيعها بالمزاد العلني، يوم الخامس والعشرين من نفس الشهر تم سداد الدين، ليس هذا فقط بل إيداع بما يقارب الخمس ملايين دولار بحسابك، امتلكت مصباح علاء الدين بهذه السرعة أم أن علاء الدين نفسه هو مَنْ تكفل بسداد الدين.
تركت آخر كلماتها معلقة، لتختبر وقع الكلمات على أعصابه، تعلم بأن المذنب له هفوة توقعه في وحل ذنبه، قاطع حديثها مع الذات كلماته قبل قوله بتهكم على حديثها
- مصباح علاء الدين لم يكن إلا منزل بتشيلسي أعلنت عن بيعه وحصلت على أمواله.
قالها الطبيب المخضرم بتبرير، لتقول بهدوء مدروس وكأنها تُدرك خطواته جيدًا وحان الوقت للتربص به
- منزل تشيلسي المباع في كانون الثاني منذ ثلاث أعوام؟! والمسترد منذ ما يقارب الشهرين! يبدو بأنك تستخف بقدراتي سيدي، كما يبدو أيضـًا بأن كانون وعائلته أحلك أيام تود نسيانها.
قالت كلماتها الأخيرة بتهكم، لتنفلت أعصابه قبل قوله
- كيف تجروئين على العبث بمعلوماتي الخاصة، مَنْ أذن لك لفعل ذلك؟! سأقايضك على ما فعلته.
- مهمتي سيدي.
قالتها رانسي بتهكم قبل استكمال بقية حديثها
- لا تقلق كل شيء يتم بشكل قانوني، لذا لن تجد شيء ترد به لحفظ ماء وجهك.
قالتها رانسي بانتصار لتقرأ معالم الهزيمة مسيطرة على وجهه، لتقول بهدوء
- بنفس اليوم بمكتبك القاتل كان معنا، لست أنت بالتأكيد لكنه كان موجود.
قالت كلماتها ببساطة لتنعكس الصدمة على ملامحه، يبدو بأن أسلحتها أكثر من فعلها، ليقول بتوتر حذر حتى لا يقع في الفخ
- الطبيب يستقبل كل الفئات لمعالجتهم.
- والطبيب أيضـًا يسمح لمرضاه بالتدخين أمامه.
قالتها رانسي بتهكم صريح قبل قولها
- ستبقى بضيافتنا بضعة أيام حتى تتذكر، لكن خلال يومين سأحضر شريكك لتسليا بعضكما البعض، هذا وعد رانسي سيدي.
يعلم وعدها لكن كيف ستأتي به، حذر حتى معه كيف سيقع بمصيدتها، يبدو بأنها تحلم، ظل متأرجحًا ما بين الشك واليقين حتى وجد نفسه بذلك الحبس الكريه، مقيد حريته، وآسر أنفاسه.
مهما اشتدت عتمة الليل فإن الشمس ستهزمه، مهما بلغ الحزن  فإن غمامة السعادة تمحيها، مهما طال الفراق سيعود الطائر لموطنه، مهما انتشر الظلم سيقضي عليه سيف العدل فليس من العدل أن يكون المرء مذنب ويستمتع بجمال الطبيعة، عيناه ستصور له بعض الألوان باللون الرمادي، ليس لكونها مبددة لجمال الطبيعة لكن لأنها تمسكت باسترداد الحق لأصحابه.
....................
مرحبًا بالمغامرات ان كان وجودها متعة...
مرحبًا للابتسامة ان كان وجودها فرح...
وداعًا للحزن ان كانت نهايته شقاء...
وداعًا للألم ان كان نهايته فناء...
وداعًا لكل شخص قتلنا بنيران غدره ووداعًا ان كان بقائه مؤذ.
العطب سكن خلجات قلبك، الحزن استوطن خلايا عقلك، الدمع متحجر والجفن يأبى هبوطها، ما بين متحجر ولين القلب عدة مراحل شكلت من أحدهم الآخر، أي أن أحدهم لم يكن إلا تمهيدًا لوجود الآخر.
- العريس بانتظارك عروسي الصغيرة.
قالها السيد علي بعدما كرر ندائه عدة مرات على صغيرته كارمن، اندهش كثيرًا لوجودها جالسة على تلك الحالة، تخفي وجهها بوشاح لا يعلم متى أحضرته، فقط يخفي وجهها، ابتسم باستغراب قبل قوله
- وشاح الوجه لا يناسبك، لذا اتركيه هنا.
قال كلماته مربتًا على كتفها بهدوء، لتبتعد عنه كالمصعوقة قبل قولها
- لا تقنعني بشيء لست مقتنع به.
ابتسمت ببرود قبل قولها بغضب من أحداث الأمس القريب
- لا تمثل دور الأبوة بوقت لا أحتاج وجودك جواري، احتجتك وتخليت، هكذا الأمر.
عقدت ساعديها أمام صدرها قبل قولها بخبث مما هي مقبلة عليه
- سأقابل الضيف حفظًا لماء وجهك لكن لا تتعجل بحصد النتائج.
قالتها ببرود اكتسبته مؤخرًا قبل تخطيه والخروج من الغرفة تمامًا، ليقف مبهوتًا من كلماتها وسؤال واحد يتردد داخل ثنايا عقله، ألهذا الحد كان قاسيـًا معها!!
ظل هكذا بضع ثوان حتى فاق على صوتها تحثه المتابعة على السير.
بعد قليل من الوقت كانت أمام ضيوفها، أب حنون من ملامح وجهه، بابتسامة طيبة تزين ثغره، يجلس بجواره شاب، تمعنت النظر إليه قليلًا لتشعر برؤيتها له من قبل، لم تسعفها ذاكرتها لمعرفة أين بالتحديد، صافحت الأب وتجاهلت الشاب تمامًا، ابتسم بمكر لفعلتها، ظل يردد داخله بأنها ستجلس جواره يومًا ما، جلست ببرود على مقعد مقابل له، ليضحك والد الشاب "السيد عمار" على فعلتها تلك، اندهش لوجود الوشاح على وجهها ولم تقل اندهاشة ابنه "غيث" عنه كثيرًا، كانت البداية من عند السيد عمار، حينما استئنف حديثه قائلًا
- زيارتنا لم تكن إلا لاتحاد عائلتين ليكونا عائلة واحدة يسودها الحب والمودة، لذا أود......
قاطعه غيث قائلًا بصوت رزين بعدما تفحص تلك الجالسة بركن بعيد مقابل له
- عذرًا أبي للمقاطعة، ليس من آداب الحوار فعل هذا التصرف، لكن أود استئناف حديثك.
سعلة خفيفة قبل قوله
- أريد طفلتك أن تكون طفلتي وأمي قبل زوجتي، أريد البقاء جوارها طوال حياتي، أريدها سندي قبل أن أكون ملجأها، أريد لفظ أنفاسي الأخيرة تحت رعايتها، فهلا قبلت سيدي وأهديتني جوهرتك..
ابتسم السيد علي براحة لرؤية الحب بعينيه التي تطلق الكثير من الوعود وتعده بالمزيد، لم يختلف الحال كثيرًا عند السيد عمار أو السيدة رحمة والدة العروس، أما هي فالوضع مختلف داخلها، قلبها نافر لحديثه، لو كانت إحداهن محلها لوافقت على الفور بعد قوله لتلك الكلمات التي تقطر حبًا ووعودًا لن تصدقها بعد اليوم، سمعت صوته قبلًا، رأته أيضـًا لكن أين أو متى لا تتذكر، كان الصمت رفيقها خلال تلك الجلسة العائلية، ظلت مغيبة عن واقعهم لعالم ذكرياتها، ذكريات لا تضم سواه، ابتسمت بخبث حينما ربتت والدتها على كتفها بهدوء قبل قولها
- لم كل هذا الخجل صغيرتي، أزيلي هذا الوشاح.
وماهي إلا دقيقة حتى وفزع الجميع من شكلها عدا السيد عمار الذي بدوره ابتسم بهدوء فتلك الفتاة حقـًا مناسبة لصغيره غيث.
أما غيث لم يختلف حاله كثيرًا عن بقية العائلة، دق قلبه بفزع لرؤيتها هكذا، تأملها بهدوء حذر مع كم البشاعة الملطخة لوجهها.
عيون حمراء قاتمة رجح بأنها إحدى العدسات اللاصقة التي تستخدمها أغلب الفتيات، لون أسود بشع يغطي منطقة الجفن وما حولها، به بعض الخطوط الفضية اللامعة، يبدو بأنها ظنت نفسها تلك الغيوم الملبدة مع وجود الرعد لو كانت هناك بعض الدموع لظنها غيمة تفرغ ما تحمله من مياه إكرامـًا لتلك النباتات الصيفية، أنف بني اللون مزين ببعض  رسومات ثمرة البندورة، يبدو بأنها تخيلت أنفها قطعة أرض خصبة صالحة للزراعة، عند هذا الخاطر سيطر على ضحكته حتى لا تنفلت بموقف لا يسمح بذلك، أما الشفاه فهي  ملطخة بلون لم يحدد لأي فئة ينتمي هل هو أخضر قاتم أم زيتوني، خطان من الدماء يسيلان من على جانبي شفتيها، مع وجود الأنياب الطويلة، شعرها يبدو بأنها قد عاقبته ببعض الكهرباء الزائدة ليكون بتلك الحالة البشعة، هذه المرة لم يتمالك نفسه ليضحك ملء شدقيه، نظر الجميع له باستغراب قبل قوله بعد نوبة الضحك التي اجتاحته
- هذه العروس.
قالها بدهشة مما رآه قبل قوله بإقرار بعدما تخطى حالته تلك
- تبدو شهية بحق، أريدها هكذا.
صدمة علت ملامح الجميع عدا السيد عمار الذي ابتسم بفخر بابنه، ليتابع غيث بهدوء حذر
- سنقرأ الفاتحة ونحدد موعد عقد القران..
ارتخت معالم السيد علي وزجته السيدة رحمة كثيرًا، ظنا بأنه سيهرب بلا عودة، أيضـًا كارمن فكرت بنفس الطريقة لكنها لم تضع هذا الاحتمال بخياراتها.
تم قراءة الفاتحة وتحديد موعد عقد القران، ليبتسم غيث بظفر أما هي فقد كانت كالقنبلة الموقوتة على وشك الانفجار بأي لحظة.
تركتهم وغادرت لغرفتها بينما شيعتها كل العيون بمشاعر مختلفة منها من رأي هالة الحزن الموجودة حولها، منهم من وجد بأنه وجب تربيتها سابقًا وما بين هذا وذاك تناسوا الموضوع تدريجيـًا لاتفاقهم على التجهيزات اللازمة لزفاف قريب.
أما غيث فبعد مغادرتها لم يستطع تمالك ابتسامته من الاتساع فيبدو بأنه على وشك خوض تجربة حصرية مع كارمن زوجته المستقبلية.
.....................
"لا زالت السلطات المصرية تتعثر في الكشف عن هوية القاتل، يبدو بأنهم اعتادوا على العمل من زواية والأمر كله يحدث من أخرى، تم تعيين العديد من الضباط الأكفاء لكن كانت النتيجة فشلهم الذريع لعدم الوصول لشيء مطلقًا".
كان هذا أحد العناوين الذي لفت انتباهها وهي تتصفح أحد المواقع الإخبارية لتبتسم بهدوء قبل قولها
- مرحبًا مصر، سيعلم أهلك كيف تكون الألغاز لكن الوقت هو الفيصل، تيك توك تيك توك تيك توك.
ظلت تكرر كلماتها الأخيرة بهدوء قبل أن تعلو ابتسامتها لقرب إرساء سفينتها على شاطيء انتقامها.
__________________
#من_بين_الرماد
#أسماء_رمضان

"من بين الرماد"- "أسماء رمضان"Where stories live. Discover now