الفصل الأول

2.2K 75 3
                                    

داخل قاعة المحكمة كانت تقف خلف القضبان وتنتظر الحكم الذي سيصدره القاضي بحقها ... نظرت حولها ودموعها تنساب على وجنتيها بغزارة ... تندم وبشدة لأنها أطاعت والدها وتزوجت هذا الحقير الذي كان سببا في معاناتها حتى بعدما قتلته ... ليتها تمردت ورفضت هذا الزواج فلم يكن ستحدث لها كل تلك الأمور .

نظرت من خلف القضبان إلى جميع الجالسين في القاعة والذين ينتظرون خروج القاضي من حجرة المداولة والنطق بالحكم.

أخذت تلوم نفسها بسبب ما فعلته رغم أنها ليست مذنبة فالمذنب الوحيد هو ذلك الوغد زوجها الذي تتمنى بشدة أن يحترق في الجحيم فهو من أوصلها لكل تلك المتاعب ، ولكنها ورغم كل ما تمر به الآن إلا أنها تقسم أنه لو عاد بها الزمن إلى الوراء لكانت ستكرر ما فعلته وتقف في وجه هذا الوغد الحقير الذي لا يجوز أن يصفه أحد بالرجولة لأنها ستكون إهانة لجميع الرجال.

هي لم تقصد أن تقتل زوجها بتلك الطريقة البشعة ولكنها مشيئة الله وحكمته ليكون عبرة لمن هم مثله فالوغد الذي لطالما اعتبره والدها بمنزلة ابنه هو نفسه من حاول طعنه في ظهره بأبشع الطرق.

انتهت المداولة وجلس القاضي على كرسيه وتنهد لينطق بالحكم:

-"قررت المحكمة وبعد الاستماع إلى جميع المرافعات أن تقوم ..."

وضعت "مي" يدها على أذنيها حتى لا تستمع لباقي كلمات القاضي وأغمضت عينيها بقوة وهو تتذكر اليوم الذي بدأ به كل شيء.

قبل عشر سنوات.

كانت "مي" شابة يافعة وجميلة جدا وتنتمي إلى عائلة ذات أصول راقية والجميع يتمنى مصاهرتهم بسبب التزامهم واحترامهم الشديد وأخلاقهم الرفيعة فكل هذه الصفات قد جلبت لهم السمعة الطيبة.

تخرجت في كلية الهندسة وهي تبلغ الثالثة والعشرون من عمرها وكما يحدث مع جميع فتيات عائلتها تقدم لخطبتها شاب ميسور الحال وأُعجب به والدها كثيرا.

لم تشعر "مي" بالراحة عندما جلست برفقة هذا العريس وكادت ترفضه ولكن استطاع والدها اقناعها ووافقت في النهاية وتمت خطبتها ولكن لم تستمر تلك الخطبة لوقت طويل وذلك لأن خطيبها "أيمن" استطاع أن يوفر كل الحاجيات وينهي التجهيزات الخاصة بشقتهما المستقبلية في وقت قياسي ، وتم الزفاف وسط فرحة كبيرة من جميع أفراد عائلتها وانتقلت برفقة زوجها إلى منزل الزوجية.

مرت أشهر زواجهما الأولى بشكل جيد لأنه لم تحدث بينهما خلافات تعكر صفو حياتهما كما يحدث بين الأزواج الآخرين ، وكان جميع أصدقائها يحسدونها على تلك الحياة الهادئة والسعادة التي تعيش بها فلم يكن أحد يعلم ما يخبئه القدر لتلك المسكينة.

صفقة خاسرة قام بها زوجها كانت سبب انقلاب حياتها رأسا على عقب وتحويلها إلى جحيم فقد أصبح "أيمن" حاد الطباع وعصبي لدرجة لا يمكن لأحد أن يحتملها ، بل تطور الأمر وأصبح يصرخ كثيرا في وجهها وازدادت الأمور سوءاً عندما أصبح يبيت أحيانا خارج المنزل.

ريكاتوWhere stories live. Discover now