استمر الهطول لأيام حتى صار جزءاً من أوركيسترا حيّ المحطة.
لا يهم البقعة التي يذهب إليها، المنطقة بأكملها يلفّها ذات اللحن الهادي: هدير قطار مُرهَق، أحاديث مسافرين خافتة، نبضات قلوبٍ حزينة وحبات مطرٍ تنقر الأسطح، النوافذ، وأوراق الشجر.
يميل البشر للصمت حين تتكلم الطبيعة، يُصغون وينظرون حولهم بأعين أوسع ومنظور أبعد.
تجدهم مُسَمّرين على النوافذ والمداخل في جمود، يُطلون على المشهد بقلب عصفور يطير لأول مرة.
وبفطرةٍ متأصِّلة في قلب كل مخلوق، يستشعرون مكانتهم الصغيرة في عظمة هذا الكون.
___________
إنها تمطر .. إنها تمطر .. منذ أيام والسماء تبكي.
___________
"لو أنك لم تذع توقعات المطر لما هطل. تحمل المسؤولية. المطر خفّض عدد زبائن اليوم" مازحته وهي تأخذ عنه مظلته وابتسامته الباهتة. تذمّرت ملاطفة عبوسه ..
"أوقفه"
"أتمنى!"
يظهر عليه هدوءٌ مَرَضيّ حين يسوء الجو، كما لو أنه السبب ويحمل ذنب هطوله فعلاً. ترى جوهيون أن حالته تشبه الإكتئاب الموسمي باختلاف أنها تظهر في الأيام الماطرة.
في الجو العَكِر يجلس جونغداي ذابل الأجفان، يزيح الستارة الرقيقة ويحدق عبر النافذة إلى السماء الداكنة. يبدو لجوهيون مُثقلاً بالهمّ كما تُثقل المُزن، لذا تتركه ولا تقربه حتى ينهي قهوته.
لكنها تراقبه.
تراقب كيف يذوب ككومة ثلج هشّة. يتسرب شارداً عبر شقوق لامرئية إلى حيث لا تستطيع اللحاق به أو انتشاله، إلى نفسه، إلى أخاديد روحه، إلى ذكريات عتيقة ربما أو ضباب مستقبل.
تتحسر لعجزها عن مساعدته، عن فهمه، عن حبّه كما يستحقّ.
لذا - وعلى الأقل- حرصت على تشغيل لحن يناسب ذوقه ومزاجه، اختارت أغنية حديثة بعنوان (خلال المساء) الوقت ليس متأخراً، إلا أن لحن الغيتار وصوت المغنية (آيو) تناسبا مع المحيط المُعتم والسماء المتلبّدة ..
[حيث الأمواج
وكما الكلمات على الرمال
أنا أخشى أن تتلاشى
لكني لا أستطيع بوح
هذه الكلمات التي تعني
أني أحبك]
_________
الموسيقا الهادئة ساعدته بالفعل على الاسترخاء في مقعده. كما أزاحت عنه رائحة القهوة الضغوطات التي حملها معه من العمل. أما الهمساتُ الناعمة لأحاديث الزبائن فقد حجزته في إطار عازل وبعيد يستوجب منه الصمت والتفكير.
أنت تقرأ
EXO || Kim Jongdae أنين القمر
Fanfictionالنوع : #رومانسية #واقعية #حب بطيء شخص مثله، ما كان يجب عليه أن يتزوج أو ينجب. شخص مثله، لا يناسبه العيش وسط شبكة معقدة من العلاقات. شخص مثله، لا تلائمه السعادة الرتيبة، المعتادة. وربما لا تلائمه السعادة مطلقاً.
