فصل||02

296 28 25
                                    

وَاكبتْ الطيور على مغادرةِ اعشاشها ، و غادرتُ أنا معها ، عندما رأيتُ أن المكان غير ملائمٍ لي؛تخلّيتُ عن جميعَ أحلامي و غادرتُ إلى مكانٍ يأوي روحي و يضمها إليهِ. إنْصرفتْ العديد مِن الأيام و جميعها كانتْ مظلمةٌ عليَّ ، في كلِّ يوم أشابكُ كآبةٌ جديدة و تصعّب عليّ إزاحتها عني . بِالصّدفةِ أمسيتُ أبصُر جسدها على بعدٍ مني ، تترصّدُ تحركاتي بعينيها الّتي باشرتْ بصفّدِ قلبي . من أيّ نجمٍ نسجتْ تلّك العينان حتى تسرقني بسهولة ؟.

يصادفُ اليوم عطلةِ نهايةِ الأسبوعِ و كذا حفلةِ الطالبُ الّذي يطلقُ عليهِ سيهون و تلقيتُ دعوةً منه ، لا أحبّذُ ذهابي إلى هكذا مُناسبات فأنا أعتدتُ على جلوسي داخل البيت لكنه أصرّ على قدومي . ترجّلتُ إلى الشرفةِ و سارعتُ للتدخين ، أجهلُ ما نفعَ السيجارة في الكآبةِ الّتي أنا بها ، لو كانت السيجارة تنفع النسيان ، لنسيتُ اؤلئك الّذينَ ألموا روحي ، لنسيتُ الفتاة الّتي تركتْ روحي مذُ شبابها و جعلتْ منها روحًا يملئها العجز ، لكنها تصبغُ الرئة و تلونها باللونِ الأسود ، و لا تحملُ النفعِ لأخراج الألم من ذلك القلب الّذي باتَ رمادًا .

قدْ عدتُ إلى داخلِ الغرفةِ ثم سِيقتُ جسدي للخزانةِ ، من فرطِ الكآبةِ؛ جعلتُ كلّ شيءٍ يأخذُ مسار الأسود في حياتي ، الظلامُ يأخذُ مكانًا كبيرًا داخل صدري لِذا باتت ملابسي سوداء كروحِي . أشتريتُ مّن خزانةِ الموتِ قميصٌ تلوّنَ بريشِ الغرابِ الأسود و بنطالٍ خُيّطَ منْ جلدِ النمرِ الأسود و كلهم لا يفسرون الحالِ الّتي أمرُّ بها .

لم يكُ لديّ صديقًا مُفضلًا ، بلْ كانت لديّ روحًا مُفضلةً فأنَّ الصديقةٌ الوحيدةٌ إلى نفسي الوفية قدْ غادرتْ إلى مكانٍ آخر غير مكانّنا. أئذا متُ ستستقبلني ؟

أمسكتُ بمفاتيحِ سيارتي و رحلتُ عن الديارِ ، المكان الّذي طُلبَ مني القدوم إليهِ يبعدُ مسافة قصيرة عن طريقِ منزلي ، كنتُ غير مقتنعٌ بذهابي هُناك لكن إصرارهُ على الرّفضِ قَهر كلامي ، أني في حالة خصام مع نفسي هذهِ الفترةِ وصلحٌ مع وحدتي فكيف إلي الذهابُ إلى حفلةٍ لا تتواجد روحها بها ؟

مباشرةً بعدَ بلوغي المكان المقصود تكنّستُ إلى داخلِ القاعةِ ، صوتُ الموسيقى يعلّو كلّما تقدّمتُ إلى الداخل . بغتةٍ زارني سيهون

" مرحبًا بيكهيون "

لمْ يكُ في بالي رغبةٌ لألقاءِ التحيةِ عليهِ لكن هذا ما لا يُمكن التَّهرُّب منه.

" ليس ضروريًا معرفةِ حالي ، ماذا عنك ؟ "

" أنّي بخير "

استمرّ الصمتِ في المكان و دامَ في الزّمن حتى قطعه

" حسنًا خُذْ راحتك ، تصرف و كأنها حفلتك "

مريض|| The End Where stories live. Discover now