15

46 3 0
                                    

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

.
تأملت القطار جيدا، بعد أن توقفت عيناي عن ذرف
الدموع من أثر الريح الساخنة التي كانت تهب علينا
من حيث أتى القطار، وقلبي يخفق في عنف، وأنا
أتساءل في توتر بيني وبين نفسي: هل الجمادات
تموت ليكون لها أشبـاح؟.
فطار شبحا
هل عدت للهلاوس مجددا؟
مسحت القطار بعيني، وقبضة باردة تعتصر قلبي،
وهلع رهيب يغتالني أمام هذه المشهد الرهيب..
كان يبدو وكأنه يمتد وسط الضباب إلى مالانهاية..
وهذا جعل قلبي ينقبض أكثر، وأنا أتسائل عن
شكل ركابه، والأكثر، من يقوده؟!.
لا شيء مميز فى هيكل القطار الخارجي، هو يشبه
فقط القطارات التي كانت تسير بالفحم قديما..
هيئة كلاسيكية شفافة تثير الرهبة بشكل قوي.
عرباته لا كتابة عليها بأي لغة.. الرمز الشهير
لسكك حديد مصر (س.ح.م) غير موجود.
هذا قطار من عالم آخر، بل ومن زمن آحر، فلن يأتي
قطار مزود بتقنية الحرباء إلى قريتي، هذا شيء
يصلح لأفلام الخيال العلمي التي لا نصدق
معظمها، ورغم ذلك لا يليق به أن يتواجد في هذا
المكان.
وبرغم كونه شفافا، فهو أقرب لانعكاس على
سطح زجاجي، أو صورة هولوجرامية مجسمة، إلا أنه
لا يشف ما بداخله.
وقفت أمام القطار، منتظرا الهول الذي سيخرج
منه، متوقعا مجموعة من الزومبى أو الشياطين
الغاضبة، قريتي تصلح لفيلم رعب بالتأكيد. ولكن

هل ستتحقق مخاوفي؟..
الوقت يمضي ولا شيء يحدث..
القطار يهدر بصوت كالأنين، ومكابحه
الهيدروليكية الشفافة، تنفث البخار كتنين غاضب
مل من انتظاري، فنظرت إلى نوارة التي قالت
بصوتها الطفولي المتوجس:
«لا أحد يهبط من هذا القطار. ولكنه ينتظر أن
تصعد إليه.. هل
ستذهب؟».

توقفت من زمن عن الاندهاش من أى حدث خارق
يحدث في قريتي، فقط كنت أتحفز وأنتظر الأسوأ.
ولكن كلماتها أدهشتني وأثارت ريبتي، فرمقتها
في غير فهم فقالت:
«الشرير يريدك أن تصعد إلى القطار. إن كل
التغيرات التى أصابتك كانت من أجل هذه اللحظة..
إن مساعده هو من وصمك تمهيدا لما تراه الآن..
وكان حادث اليوم هو الثمن المدفوع للقاء».
اتسعت عيناي في ذهول، وسألتها في شك؛
- «وكيف تعرفين كل هذا ؟».
أشارت للقطار، وقالت ببساطة؛
- «هو يخبرني بكل هذا الآن».
لو لم أتوقف عن الاندهاش الآن، فربما أقضي نحبي
بسكتة دماغية أو قلبية، وقلت؛
- «يخبرك الآن .. أتستطيعين التواصل معه؟».
هزت رأسها نافية، وقالت بصوت محايد،

.
التواصل معي

، متى

هو من يستطيع  ان يحدد

نظرت لها في ريبة، إنها المرة الآولى التي يخفق
قلبي نحوها بغير الحب، وقلت وأنا أكاد أجن،
«وما هو الشيء المميز في شخصي ليكلف
نفسه عناء رحلته الدموية هذه، أنا مجرد (لحاد)
حانوتي يقوم بدفن الموتى، ويقرا الروايات والكتب،
فما هو الشيء الذي يجذبه إلى ويجعله يقتنص
في طريقه سبعين روحا كقربانا دمويا للقائي.. أي
شيطان هو».
صمتت للحظات ثم قالت:
«إنه يقول إن عليك أن تخوض الرحلة لتنال
المعرفة.. لابد أن تركب القطار».
إجابتها صدمتني، فقلت بعناد:
- «ومن يستطيع أن يجبرني؟».
قالت بصوتها المحايد:
«إنه يقول.. أنه لا إجبار هناك.. لأنك بإرادتك ستركب
القطار في النهاية.. ليس فضولا، ولكن لأن الأرواح
السبعين مجرد بداية».
هل أنا نائم.. هل أحلم.. أهو كابوس خارج من أنها أحد اث

سر الحانوتى لعمرو المنوفى(مكتمله)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن