الاخير

35 6 2
                                    

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

الخاتمه

لم تكن الثغرة كما تخيلت أبدا..
كنت أعتقد أنها مجرد نفق مظلم في بدايته ضوء
وآخره ضوء، هذا ما وقر بداخل عقلي من تخيل..
ولكن الأمر كان مختلفا تماما..
إنها ثغرة فتحت باستخدام السحر الأسود، وليس
بوسيلة تكنولوجية آمنة.
شق في نسيج الكون تم شقه عنوة، وهذا تسبب
في اختلال رهيب في تلك المنطقة التي كانت
تمثل بوابة غير مثالية للعبور بين الأبعاد..
عندما جذبتني نوارة، دوى في عقلي مجموعة
عجيبة من الكلمات، ذكرتنى بتلك الكلمات
الملعونة التي رددتها تهانى الغجرية ذات يوم.
لتسخدمها في التصدي للكائن الشيطاني الذي
فامت باستدعائه..
لم تكن كلمات متشابهة، ولكنها تنتمي لنفس
العالم..
نوارة لم تكن تستخدم العلم لتخرجني من البئر..
بل كانت تستخدم السحر هي الأخرى..

كانت صدمة عنيفة لم يخرجني منها الا تلك
المشاهد الرهيبة التى بدأ عقلي يرصدها، عندما
أحتوتني الثغرة
ملايين المجرات تتحرك حولي في سرعة رهيبة،
شمس تتفجر وتفقد طاقتها، مخلوقات عجيبة
بدخل وتخرج بسهولة من قلب ثقب أسود.. ألات
طائرة تخترق فضاء بعيد عنا بمسافة تحتاج لكل
أصفار العالم لتحددها.
كواكب تشبه الجنة، وأخرى تشبه الجحيم.
أنهار من نيران تسبح بقلبها مخلوقات عجيبة

الشكل. تتقاتل فيما بينها على ثمار حمراء لا أدري
ثم خيل إلي أني أرى كوكبان يتزوجان وينجبان
كوكب صغير، قبل أن يستوعب عقلى الأمر، وأدرك
أنهما مخلوقان ذكيان، هيئتهم فقط آلغريبة.
بعدها امتزجت كل المشاهد، وتحول الوجود من
حولي لنهر من الألوان، قبل أن تعود القذائف
ي
لتضرب كل خلية في جسدي..
ليعاودني الألم..

لأصرخ..
وأصرخ..
وانهار..
ثم يختفي الضوء ويبتلعني الظلام.
ثم يعود الضوء لتنتهي رحلتي في تلك الثغرة
المضطربة الموجودة بيـن الأبعاد.
وليسود الهدوء كل شيء، ولأشعر بيد حانية تربت
على كتفي..
فتحت عيني، فوجدت نوارة أمامي بهيئة عجيبة لم
أرها عليها من قبل.
جفلت عندما تذكرت السم الذي يسري في كيانها..
فربتت على كتفي مجددا وقالت:
«لقد انتهى كل شيء.. لم يعد هناك مبرر
للخوف من قرب نوارتك.. كل شيء أصبح على ما
يرام».
كانت متجسدة أمامي كحلم جميل، وقد فقد


جسدها انتفاخه، وربما تلك البكتيريا التي أودت
بها إلى الاحتضار، وكادت تؤدى بها إلى الموت.

كما آن عينيها استحالت خضراء صافية، وصارت
بشرتها تموج بالحيوية، فقط ما كان غريبا عنها،
هو لون بشرتها السماوي الذي جعلها تشبه جنية
خارجة من البحر..
كانت غريبة..
ولكنها كانت ساحرة..
وبدون تفكير سألتها،
- «أهذه هى هيئتك الحقيقية؟!».
اتسعت ابتسامته لتحتوي الكون كله وقالت:
- «نعم.. هل أعجبتك؟!»
رمقتها بهيام وقلت:
«بل سحرتني».
ارتسمت كل سعادة الكون على وجهها، فقلت؛
«لقد شفيت من إصابتك».
لاحظت نوع من الاضطراب على وجهها الرائق
الجميل، وهي تقول:

المكان هنا يختلف، إن لشمسه خصائص
علاجية عظيمة على من هم مثلي».
رددت بغير وعي:
- «ما معنى أن المكان هنا يختلف، أين نحن؟!».


ثم نظرت حولى بدهشة عظمى، وأنا أجبر جسدي
على النهوض، فالمنطقة التي وجدت نفسي فيها
غريبة جدا عني في كل شيء..
لم يكن هناك أي أثر للبئر، أو للفزاعة، وسيدها الذي
فقد جلده.
بل أرض خرسانية تمتد بين مباني عالية لا يقل
أحدها عن خمسة طوابق، تتخللها أعمدة ذات ضوء
كابي، بعضها عليه ألواح شمسية نابضة.
تأملت كل شيء بذهول، وأنا أردد:
- «أين ألقيتي بي يانوارة.. إن هذه ليست قريتي «.
أما الأغرب فكان ردها على جملتي الأخيرة، فقد
قالت:
«لقد وافقت من البداية أن أنقلك خارج المكان
مهما كان الثمن، فهل تتذكر».

نظرت لها في ريبة، وهززت رآسي فأضافت:
- «ولقد أخبرتك أني غير واثقة من قدرتي على
إخراجنا من هذاالمكان».
أشحت بيدي في نفاذ صبر، وأنا أتأمل ملامحها
الساحرة التى جعلت قلبي يخفق مجددا، وتهت
للحظة في ملامحها الفيروزية، التي جعلتني
أتعجب من لون نساء الأرض بعد أن رأيت بشرتها
الزاهية وقلت:
لماذا أصبحت ثرثارة فجأة يا نوارة، أخبريني عن
أى كارثة فعلت، وعن أي بقعة من الأرض نقلتني
إليها.. لقد استخدمتي السحر يا نوارة.. استخدمتي
السحر».
ظهر التردد على وجه نوارة، ثم ألقت مفاجأتها،

- «لم تكن هناك وسيلة أخرى للنجاة، الثغرة كانت
على وشك الانهيار، ولو أغلقت ونحن بداخل ذلك
الجب لتمزقنا أشلاءا بداخلها، لم يكن هناك وقت
لتسلق البئر عائدين، ولا أعتقد أن خلايانا كانت
ستتحمل رحلة عكسية كلتي أجبرنا عليها..
وعليك أن تعلم أننى فعلت ما بوسعي لإنقاذك
وكنت على استعداد تام للموت من أجلك».

لم أنتظر لتكمل وقاطعتها قائلا:
- «أخبريني باختصار أين نحن يا نوارة؟».
عاودها الاضطراب وهي تقول:
- «نحن في نفس البقعة من الكوكب، ولكن...».
نظرت حولي مندهشا، وفكرة السفر عبر الزمن
تعبث في عقلي، وأنا أشاهد المباني العالية.
والمصابيح الغريبة فأكملت؛
- «ولكن في بعد موازي.. أنت لست فى عالمك».
صرخت في دهشة:
- «هل نقلتني لعالمك؟».
وكان ردها صاعقا:
«لسنا فى عالمك أو عالمي، نحن في عالم غريب
عنا كليا، لقد تسبب اضطراب الثغرة في هذا».
كان الأمر أكبر من تفكيري، ومن قدرتي على
الاستيعاب، فجثوت على ركبتي وأنا أنظر حولي في
ذهول..


لقد صرت لاجئا آنا الآخر..
وأصبحت منفيا كنوارة، من عالمي..
إن هذا شىء لا يمكن تصديقه، ولا يمكن أن يحدث
لي..
إذن فهذا سر تعافي نوارة، وسر إشراقها..
أما عن المفاجأة الأكبر.
فإننى لم أنتقل هذه المرة لعالمك عزيزي القاريء.
بـل لعالم مختلف تماما..
ولكن لهذا قصة أخرى..
تمت بحمد الله

سر الحانوتى لعمرو المنوفى(مكتمله)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن