الفَصلُ الرّابِعُ

160 12 0
                                    

نَاثان يُون براون-٣٠-ضابِط

برلِين ٢٠٢٠

‏أنا الفراغُ الموجود بين ما وودتُ أن أكونه، وما صنعه منّي الآخرون،
‏أنا كل هذه المسافة بيني وبين نفسي،
أنا من لم يَعرف طريقًا للسّلامِ للآن،
التائه المغتربُ، أسمنِي كما تُريدُ
فهذا لن يغيّر بؤسِي.


لكن، هذا البؤسُ الذي أتحدّث عنهُ، ألَا يفترَض أنهُ إندثرَ؟
لمَا لا يزَالُ رُشحهُ يطوفُ بي،
بالنّظرِ إلىٰ الفتَى إيفَان، يبدُو أنّه جدّ متحمّس لهذه المُهمّة،
رغم علمِ كلانَا بأنهُم فقط يستبعِدونَنا بهذِه الطريقَة.

حسنًا، لأفعل المثل، لأجعَل هذهِ الترّهاتِ متعَتي الخاصّة و أمزُجها مع سوادِ العالَم داخلِي.
قد تبدُو شيئا تافِها، للعامّة، لكنّها لي أوّل قضيّة منذُ زمنٍ إندثرَ فيهِ إسمِي،
و لِـ إيفاَن بمثابَة التجرِبة الٱولَى كعالِم آثارٍ مبتَدئ.


لذلكَ، ‏حتّى و ٱن كانَت غيرَ مثيرَة، سنجعلُها كذلكَ، سنُضيفُ علينَا بصماتِنا الخاصّة حتّى تتلائمَ مع ما نستَحقّه.


بالبِدايَة، دخلنَا الشّقة، كانَت مهجورَة و ذاتَ طرازٍ قديمٍ، كانَت لتكونَ رائعة دونَ الأتربَة المكدّسة في كلّ شبرٍ فيهَا.
لم يَكُن فيها شيءُ لافتٌ، لا شيء عدى الأثاثِ البَالي و الظلَامِ الطاغِي،
حملتُ المكشافَ في يدِي في حينِ إرتدَى الآخر قُفازاتٍ، ظي يتمكّن من التفتيشِ دون أن تعيقَه الأوساخ.


جبتُ بنظرِي الأرجاءَ، لم يَكُن هناكَ أثرٌ لصورٍ أو أشياءَ تدلّنا علىٰ مالِك الشقّة،
فبدأنَا فورًا بالنبشِ بين الأرطالِ، أشبه بالتخرِيب،
كدنَا نفقِد الأمل، منذُ أنّنا لم نعثُر علىٰ ما يغنِينا،كانَ إيفان يبدُو خائبًا جدّا، منظرُه كسرنِي و بثّ داخلِي الإحساسَ بالفشلِ و التهدّم.

لكنّي الأكبرُ، و محمّل للمسؤوليّة، لذلك سارعتُ في الثناءِ عليهِ و رفعِ معنويّاته، و سريعًا ما إستجابَ.
أكملنَا ما بدأنا به، و نظرًا لوسعهَا،
وجدنَا عدّة صناديقَ كبيرَة، تَوصّلنا إلى أنّها أغراضٌ شخصيّة فوضعنَاها جانبًا ريثمَا نُنظّف المكان، فهذِه الشفة ستكُونُ مكَان إلتقائناَ.

يومَها إنغمسنا في التّنظيفِ، و لم نعُد إلّا في الغد، مُباشرة قرفصتُ و إيفَان قُبالتِي فتحنَا الصندُوق الأوّل لتُقابلنا  عدّة إطاراتٍ عريقَة.
أخرجنَاها و رحنَا نتأمّل بهوتَ لونِها، كانت هنَاك صورَة لما يبدُو، زوجينِ و طفلٌ، أمّا الباقِي، فلِلمرأة-الزوجة-و طفلِها و طفلينِ آخرين، و كأنّهم قد أتمّوا حياتهُم مع بعضٍ، إلّا أنّ إحداهَا كانَت للفتاة، و التِي أعتقِد أنّها شقيقَة الولدينِ، وحدهَا، مع هالَة كئيبة و ملامح ناضجة.

إستنتَجت أنّه لربّما الوالِد قد توفّي و تركَ لزوجتهِ هؤلاء الثلاثَة، و أنّه لم يتبقّى سوى الفتاة منهم على قيدِ الحياةِ، لذلك تظهرُ تعيسَة.
ذهبنَا للصندوقِ الثانِي لنجِد به ظروفًا و رسائل مُصفرّة ليسحَب إيفان إحداهَا و يقرأهَا بصوتٍ عالٍ

"الرابِع و العشرونَ من يونيُو-١٩٤٠

نيرفا زولمِس

مرحبًا، مرّت مُدّة على الفُراقِ، نحنُ الآن علىٰ أبوابِ الحربِ، جاهلِين ميعادَها.
كيفَ حالُك و والِدتِي؟
نحنُ بأتمّ صحتّنا، كيرِيوس يشتاقُ لكما كثيرًا، و أنا أيضًا.
نحنُ نُبلِي بلاءً حسنًا. و آملُ أن نكونَ كذلِك داخلَ ساحة العراكِ.
قبلِي رأس ٱمّي كثيرًا، و أخبريها أنّي و أخي سنتناوبُ علىٰ التراسُل.

جوليانُوس فلسِر"



جوليانُوس فلسِر"

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.

ناثَان براوِن
٣٠

جُرمْ: قِناعُ الَسّاديةٰWhere stories live. Discover now