الفصلُ السّابِع

137 7 1
                                    

رِغناَر جون مارتِن-٣٥-كولُونِيل

لوكسُمبورغ ١٩٤٠

لعلّ أعظَمَ شعورٍ مباحٍ هو النّصرُ، فما نحنُ إلّا بآملِين و راجينَ أن نبقَى صامدينَ كما الحينِ و نعودَ للديَار.


مرّت أيّامٌ طوالٌ منذُ قطفَتنا براثِن العِراكِ فما قدِرنا على التّراجعِ هولًا من أن تُدميناَ،
يغلّف الجوّ سكونٌ شاذّ كدنَا ننسَى وطأتَه علىٰ مسامعنَا لولَا قصَر الهدنَة التّي توافقنَا عليهَا مع من عادانا، لكن ذلك لم يمنع تلكَ المَوجَة الموتِّرة من السريَانِ في عروقِ كلّ منّا.

يُقالُ أنّ العادَة كفيلةٌ بأنْ تجْعَل الألمَ غير مؤلمٍ !
فرغمَ ما ذيعَ من هراءِ الصّلاحِ و الأمانِ، إلّا أنّ صبايَ كانَ سيكونُ ذا لينٍ و سموّ عمّا تقاسيهِ روحيِ الآن.
كونِي معتادًا على مساوءِ الحياةِ و خشونَة المعاركِ قد حزَم ثباتِي و سمّانّي كمثلٍ أزليّ لمن تحتَ إمرتِي من الأحياء.

لاقيتٌ على مديدِ الأيّام، غيابَ الشَّقيقَين عن السّاحَة، و هذا لم ينلْ رضَا بشرٍ،
فرغمَ مكانتهمَا، و راحتنَا القصيرة،
إلّا أنّ توقيتهما خاطئ، و جدّا.
فمَا أكادُ أظفِر بوجُودهما حتّى يتلاشَى ظلّهُما من الأرجاءِ.

أويزعمَان حضورهُما كرائدِ خلفيّ داخلَ أحد القاعَات؟ هما الذانٍ لا يَنتبه أحدّ لإختفائهما مِن القصة؟
الجميعُ مرتابٌ و نحنُ على شفا الفنَاء، و واجبِي أن أعيدَ المياهَ إلى مجاريهَا.

لم أدرِ  كم منَ الوقتِ إنتظرتُ حتّى بانَت لي خطواتُ جولْسِر الحذرَة فإلتزمتُ الهدوءَ و راقبتُ غريبَ تحرّكاته حتّى إنتهى بالخروجِ من المعسكَر  لأتقفّى آثاره الباهِتة.
كَمّ هِيّ هّائِلة وَ عَظّيمة الشَجاعّة التَيّ
يَتطلَبُها  هذا الموقفُ،  ليسَ خوفًا من الفتىٰ، بل من الحقيقَة التّي ستصفعنِي بها الحياة.
أوتعلمُون ما لاقيتُ؟

خلافًا للشقيقَين و إبتسامتيهِما اللّتان زرعتا فيّ الحيرة، وقوفُ رجلٍ خلفهما حرّك الريبَةَ في عروقِي.
لم أطل في تأمّل هيأته منذُ أنّ دواخلِي قد إهتزّت ما إن حطّ نظرِي على الشّارة الفرنسيّة أيسَر صدرِه.


” سيّدي الكولونِيل، هذا هُو مورِيس أغريسْت،
جاسُوسنَا الفرنسيّ“

جُرمْ: قِناعُ الَسّاديةٰUnde poveștirile trăiesc. Descoperă acum