البارت الثاني والعشرون : " مجروحة الفؤاد.."

9 2 0
                                    


- أمبر أنتِ واعية بما تقولين؟ صحيح؟
والجدية تتدفق من عينه...
- نعم؟ أنني واعية ، أنا مستعدة لفعل ذلك والآن أيضاً ..
أخرج سكيناً من جيب بنطاله ... وقدمه إلي ...
أمسكت السكين ... ووجهتها لمعصمي الأيسر...

لم يكن ينظر لعيني... بل كان ينظر لما أمسكه ومستعد لما سأفعله ...
- لايمكنك فعلها ... إنك ترتجفين
" انها فقط المرة الأولى "
- أمبر ... من زرع هذه الأفكار في عقلك؟
أشحت بنظري عنه...
- لا أحد بالطبع...
- أمبر ... لم ألبث طويلاً منذ ذهابي ... لأعود وأراكِ بهذه المخيلة السوداوية؟
- ......
- أنا أعلم بتفاصيل مشكلتك الخاصة بعائلتك ولكن هذا لا يدعوا إلى قتل النفس؟!
نفس غير منتظم ... شعور بالكتمان ... ودموع تنهمر...
- إنها ليست مجرد مشكلة عائلية وليست مجرد مشكلة في مستقبلي!! وليست مشكلة في حبسي هنا .. وليست أيضاً في كلمات فكتور الجارحة لي! ، المشكلة هي هنا هنا!
" وقمت بالتأشير على مكان قلبي واستمررت بفعل ذلك.."
وشهقت بقوه وأكملت ..
- أنه شيء أشعر به ولا ينفك عني كون أنني حزينة طوال الوقت ولا أنفك عن التفكير في أمور انتحارية وكون أنني خلقت فقط لصنع هذه اللعنة .. أنه كثير كثير!!

واستمررت بالبكاء وهو ينظر إلي بصمت ...
في محاولة لتجميع شتات نفسي والتوقف عن البكاء ... رفعت بنظري إليه ووجدته هو الآخر ينظر إلي بعينه المليئة بالكريستال ... اقترب مني ببطء ثم قام باحتضاني حضناً كبير ... وسقطت السكين على الأرض ... لقد كان فارق الحجم واضح للغاية...

في صمت دام لأربع دقائق وأنا أشعر بخفقان قلبه وتنفسه المنتظم ... ابتعد بخفة ... ثم مسح دمعه سريعاً ... ولحقته بالفِعْل...

فكرة طرأت على بالي فقلتها ... بصوتي المبحوح..
- أنت لم تخبرني بأسمك قط..
قال متعجباً :
- أيجب عليك معرفته الآن؟
- ربما نعم ... ولأنه من الصعب مناداتك بالأعور..؟
- الأعور..؟ أأنتِ..؟
- لا لا أبداً ! لا اقصد ذلك ... هذا ما يميزك ... ثم إن ندبتك أممم..
" وصمت خوفاً من قولي لشيء قد يكون جارحاً له.."
- أهي قبيحة؟ الكثير مِنْ مَنْ أعرفهم قالوا ذلك .. لا بأس
وقد جلس على الأرض متربعاً وهو ينظر إلي
- لا أقصد أنها قبيحة ... إنها تميزك .. ولكن أنا أفكر بأن كانت مؤلمه أم لا..؟
- فالتجربي
وقد قام بإغلاق عينه بنتظاري..
- هيا ! أنا لن أموت من ذلك لقد مر عليها حوالي عقد من الزمن
- حسناً كما تريد..
أجفلت قليلاً ... رفعت يدي لتلمس تلك الندبة مؤلمة المنظر .. ملمسها الخشن أثار ببدني القشعريرة ... فسحبت يدي سريعاً
ابتسم وأردف :
- ألم أخبرك بأنها قبيحة؟ .. لقد حصلت من حادث مشؤوم لهذا هي تتصف بالقبح
- أرى كرهك لها بوضوح من كلامك...
- أممم ... نعم لم أحببها قط ، تريد هذه الندبة قتلي منذ أن وجدت .. بمجرد أن حصلت كانت مؤلمة للغاية آنذاك..
وقام بتغيير الموضوع بسؤاله..
- والآن هل أنت جائعة؟
- لا لا أظن ذلك ... لست بحاجة ماسة للطعام الآن...

واستمرينا نتحدث بأمور ليست ذا معنى أو شيء من هذا القبيل ، مجرد تخفيف بسيط لما أشعر به من قرف...

- أيها الملازم "ويلسون"؟ ما الذي تفعله هنا؟
كنت منسجمةً مع ما كان يقوله ولم أعي بنفسي إلا عندما نطق ذلك الشرطي وهو ينظر إلينا بذهول..
- لا شيء .. فقط تبادل بعض الحوارات مع هذه الصغيرة
- سيدي لا يجب على الضباط الدخول إلى السجناء المحاكمين عليهم حديثاً مهما حدث أنه شيء خطير
- لا بأس " بيلنر " لن أموت من هذا؟ ولا تخبر أحدًا بذلك!
- حسناً كما تريد ولكن هيا بسرعة سيبدأ الاجتماع في تمام الساعة ٥ مساءً~
ألقى بنظرة سريعة على ساعة معصمه ثم أردف:
- بعد خمس دقائق! أعتذر أمبر يجب علي الذهاب .. فقط بعض الأعمال وسأعود فوراً عندما انتهي حسناً؟
- حسناً...
نهض سريعاً ثم اقترب مني وأخذ السكين التي سقطت على الأرض سابقاً وخرج بعجلة ، هو يعلم بأن الأفكار الانتحارية لا تزال تجول في رأسي للآن ... ولا يريد مني الانتحار حقاً...

لم يلبث طويلاً ... عاد بعد ساعتين وهو يحمل صندوق غداء لي...
- كلي ستموتين إن لم تفعلي...
- قلت لك سابقاً بأنني أريد المو...
- لا لن تفعلي والآن كلي سأدع الصندوق هنا وسأعود بعد قليل ، فالتحرصي على أكله كله!   
وخرج مع ابتسامة تعلو محياه.. مشغولٌ للغاية ويلقي لي بالاً ويسأل عن حالي ...

لم أذق إلا طعم المرارة في الثواني والساعات والأيام التي عشتها بين القبضان ... ويالها من أيام فارغة تأبى الامتلاء ... وكأن الزمن يتوقف في لحظة ويستمر إلى نهاية اليوم على توقفه ... لا يتغير أو يضاف إليه شيء زاهي يميزه عن الأيام الفارغة السابقة والمقبلة ...

ولم يكن متواجد معي في كل تلك الايام....

يتبع .. =)

مِطْرَقَةْ اَلْقَدَرْحيث تعيش القصص. اكتشف الآن