البارت الخامس والعشرون : " شعورٌ مفتقد "

8 2 2
                                    


- واللعنة أنه لا يستمع لما أقوله أبداً !
" ذهبت لمنزله فقط من أجل هذا الموضوع التافه ولم يعر لما أقوله أهتمام حتى ، تباً ويلسون !"
- إنك تعلمين بأنه لم يستمع إلى ما نقوله قط وكأنه سيستمع لما قلناه تواً
سندت جبينها بذراعها وقالت :
- أحتاج شيئاً يهدأ أعصابي .. فالتذهب لشراء شيء هيا
- ولكنه دورك هذه المره!
- فالتطع الأكبر هيا
- تشه خمس دقائق هي ...
- وإن كانت خمسة فالتذهب!

- ويلسون؟
- ماذا إنني محق
- لست مستعدة لقبول مرضى نفسيين آخرين
- لماذا؟! أنها ليست مريضة!
- إنني أرى ذلك ... سأطردها
- وفي النهاية ستوافقين
- لن أوافق وسترى
وقامت بإغلاق الخط ...

" كم هي عنيدة حقاً .. صفة متوارثة هاه "

في تمام الساعة ٣ عصراً ... قام ويلسون بمناداتي بعد وجبة الغداء ... وقال وبكل بساطة :
- سنسافر بعد ثلاثة ايام ...
صمت لوهلة قبل أن أردف ..
- نسافر؟ إلى أين؟
- سأدعك تذهبين لعائلتك قبل ذلك ...
" أنا لا أريد رؤيتهم .. لا أريد "
- أعلم بأنك كارهة للفكرة .. ولكن أمبر أنها عائلتك وهذا واجب .. وقد استشرت والدتك في ما يخص سفرك معي ووافقة بعد محاولات لا تحصى من اتصالاتي اليوميه ناهيك عن ذهابي لمنزلها شخصياً ... لذا كل الأطراف موافقة
- ولكن إلى أين؟
- ستكتشفين فور وصولنا .. إضافة إلى أنني لن ألازمك طوال الوقت .. لدي عمل
- ولكن لا أستطيع العيش لوحدي؟!
- ليس لوحدك هل أنا مجنون لفعل ذلك؟ ستكونين بصحبة أشخاص أثق بهم حسناً؟
- ولكن..
- لا لكن لقد قررت بالفعل ، وغداً ستزورين عائلتك

وانتهى النقاش بذلك

أنا حقاً لا أريد الذهاب ... ولأول مرة أشعر بأنني ذاهبة لمكان جديد أشخاص لا أعرفهم .. وكأنني لم أعش معهم طول حياتي؟ .. وأُختَي؟ .. وأَبِي؟؟ حقاً لا أريد الذهاب ..

أصابني الأرق في تلك الليلة .. وابتلعت الأفكار ساعات نومي كلها ...
استيقظت صباحاً .. وكان الصداع قد أخذ بي ما أخذ

" واستمررت بالتفكير في ما حصل لاحقاً ببتسامة خاطفة .."

أردف :
- مستعدة؟
- لست كذلك
- أمبر لا بأس أنا هنا فقط فالتلقي بالتحية وسأكمل الباقي حسنا؟
- آه حسناً..

طرق جرس الباب وانتظرنا لما يقارب الدقيقتين
قامت بفتح الباب .. حدقت بي .. وسرعان ما قامت بحتضاني..
- لقد افتقدتك!
قامت بإعتصاري بين ضلوعها وبادلتها ذلك بصمت..
تراجعت وقامت بتلمس وجنتي وأردفت والدموع تتجمع في عينيها :
- أنها بخير ! أمي فالتأتي !
سمعت وقع خطوات سريع
- أمبر أمبر .. أمبر!
وسقطت علي بحضن جعلني أفقد توازني
بدأت تبكي بحرقة .. ولحقتها بذلك
قمت بحتضان أختي الصغرى وكدت أقتلها أثر ذلك

ولجنا للمنزل وصادفته في صالة المنزل .. مكان جلوسنا
قمت بالجلوس والتصقت بي أختي الصغرى وامسكت بيدي تتلمسها وتتأملها ..

لم يكن ينظر إلي .. وبدأ الحديث بالسؤال عن حالي وماذا فعلت وكنت أجيب إجابات مختصرة تشبع رغبتهم في معرفة المزيد ...

- إذاً أنتِ بخير صحيح؟
أردف بذلك أبي وهو يحدق بي..
- اااا نعم طبعاً..
نهض بهدوء وقام بمد كيس أسود إلي .. وأردف :
- فالتأخذيه ... أنه لك
قمت بسحب الكيس من يده .. وأكمل طريقة إلى خارج المنزل .. نظرت إلى محتوى الكيس بشكل خاطف وإذا بي أرى صندوق أسود .. أردفت أختي بحماس :
- افتحيه افتحيه !
- لا لا أريد الآن
- هيا ! إنها فرصة لنعلم ما الذي بداخله جميعاً
أذعنت لما قالت .. قلبت الكيس وسقط الصندوق مع ورقة صغيرة كانت متواجدة معه .. قمت بفتح الورقه ووجدت مكتوب بخط يد بسيط :
" إنها لك .. أرجوا أن تعجبك .. وآسف على ما فعلته سابقاً "
اختلست أختي الصغرى النظر للورقة ولحقتها أختي الكبرى بضربة على كتفها وقالت :
- لا تختلسي النظر !
تجاهلت ذلك وفتحت الصندوق الصغير ووجدت تلك القلادة الجميلة المرصعه بالجواهر الصغيرة وبسلسلتها الذهبية النحيلة ..
صمت لوهله ... أهذه هدية اعتذار؟؟ لقد خرج .. لم أشكره حتى .. تركت الصندوق جانباً ونهضت بستعجال للحاقه

وفور خروجي من باب المنزل رأيته يقف بعيداً على بعد نظري في الرصيف يدخن سجارة من سجائره ..
اقتربت ببطئ واستمر بما يفعله ولم يلتفت إلي حتى ...
أستطيع شم رائحة السجائر المنبعثة منه وبقوة ..
وقبل نطقي بكلمة شكراً .. أردف :
- لا شكر لوالدك ..
وصمت لبرهة
- فالتذهبي أنهم بنتظارك ..
والقى بالسجارة التي كان يستنشقها وأكمل طريقه متوجهاً لسيارته وركبها وذهب بهدوء ..

في وقت لاحقٍ من ذلك الوقت تم الإتفاق على مبيتي في منزل عائلتي إلى يوم ذهابي للسفر .. وكانت من أجمل أيام حياتي كلها .. لقد تناسيت شعور الوحدة القاتل ذاك لقد اختفى تماماً ..

استيقظ على ضجيج أخوتي في الصباح .. نفطر سوياً .. نشاهد الأفلام سوياً .. نتعارك .. لقد فقدت القدرة على تكوين ذكريات جميلة كتلك منذ دخولي للجامعة .. بعيداً عنهم ..

استمتعت بكل لحظة عشتها في منزلنا الدافئ .. كل لحظة كنت اتأملها ، أحاول عيش اللحظة كاملة بكل تفاصيلها .. إلى لحظة الوداع .. حزينة .. مليئة بالدموع .. إلا أنها وبعد كل شيء كانت دافئة مليئة بالحب النقي الصافي ...

يتبع .. =)

مِطْرَقَةْ اَلْقَدَرْWhere stories live. Discover now