7|حين تأتي النهاية

103 18 7
                                    

«لطالما كُنت رائِعًا، وكنت أنا العاق، فكيف انقلبت الأدوار؟»

«لطالما رَكلت خطَايَاي بعيدًا، جعلتنِي أبدأ من جديد، بعد كل الفُرص التي ظننتُها لم تُخلَق لي.

فآمَنَت دومًا.. إن كُنت أسوأ الأشخاص على وجهِ الأرض، هناك دومًا حياةً جديدةً تستطيع خلقها، وفرصةً جديدة تستطيع اغتنامها، لا تكمُن النّهاية في الخطيئة، لكِنّها تكمُن في هذه الرّوح حين تتّخِذُ قرارَ الرّحيل فتُسحب ببُطءٍ من جسدك؛ لأنَّ الحياةَ لم تكُن أبدًا لتُصبح بهذا التعقيد.»

أسند ذقنه على كفّ يدهِ، وبدأ يغوصُ أكثر في عالمٍ شعرت وكأنّه فيه بعيدٌ عنها، لكِنّها لم تُمانِع أبدًا.. بل ظلّت ناظِرةً إليه في انتظارٍ حتّى يُكمل حديثه الذي بات مُشوّقًا.

بدأ بسردِ حياةِ الماضي الذي قد يكُون مُخجلًا لأيِّ شخص، لكِن كون ليليانا فيه سمح ذلك للطُّمأنينةِ والثّقةِ التّسلل فيه.
--

الأول من أغسطس، ألفينِ وسَبعة:

حكّ مؤخّرة رأسه بسخطٍ يُحاوِلُ التنفيث عن رَوحه، سخط والده منه مُنذ قليلٍ ونهره له أزعجه كثيرًا، وكيف لا؟ دومًا ما يُشعِرهُ بأنّه عائل عليه، لكن أوليس كذلك؟

في آخرِ زيارةٍ لجدّتِه أخبرته بأنَّ عليه أن يدرُس بجدٍ هذا العام، فهذا عامه الأخير في الثانويّة، وينبغيَ عليه أن يكون مُتحضِّرًا لامتحاناتِه، قالت له:
إن أصبحتَ شخصًا رائعًا قد يقبل بكَ والدك ويفخر بكَ، لا تخذُلني يا بنيّ.

لكِن ذلك لم يعُد يُهمّه، لا يعنيه إن كانَ والده لا يُريده، أو لا يفخَرُ به كباقي إخوته الشرعيين!

«تبًّا.» نبس بانزعاجٍ بعدما ارتطم كتفه بكتفِ أحد المارّةِ بالشارعِ من حوله، فالتفت كي يُوبِّخَ ذلك الشّخص بأقبح الألفاظ.

«ماذا؟ هل ستضربُ فتاةً؟» فوجِئ بفتاةٍ تقفُ أمامه، تنبس باستنكارٍ لردِّ فعله، تابَعت بعدما عَقَدت ذِراعيها بسُخريةٍ أمام صدرها:
«بينما يجبُ عليكَ الاعتذار لضربكَ كتِفِي، تقوم بسبِّي؟»

تنهّد بينما يتفاقم انزعاجه بصدرِه، قال مُحاولًا تهذيب نبرته قدر الإمكان:
«أعتذر.»

التفّ عنها وكاد يرحل، لكِنها استوقفته مُردفة بتساؤلٍ ساخِر:
«فقط؟»

نفخ بضجرٍ، فَرَكَ جبهته من فرطِ ألم رأسه، مُجيبًا بعدما التوى ثغره بامتعاضٍ:
«إذًا؟»

رمقته بنظرةٍ ساخِطة بعدما جالت عليه من أعلى رأسه إلى أخمص قدميه، سخِرَت تُلوِّح بيدها:
«يالبؤسِك! أهكذا تتعامل مع الفتيات!»

ليليانا، هيّا.» سُمِعَ صوت نداءٍ فالتفتت الفتاةُ للخلفِ مُجيبة بعجلة:
«آتية.»
رمقته بنظرةٍ لم يفهم ما تعني، ورحلت عنه، تنهّد وهو لا يزال يتتبّعها بعينيه، ما باله الآن؟
«إذًا اسمها ليليانا..؟»

غَيث: غمامةُ رَوح√.Where stories live. Discover now