الفصلُ الأول

848 70 19
                                    

هُناكَ من يعالجونَ أوجاعَ قلوبهم بالصمت، وهناك من يحاولونَ نسيان أوجاعهم بكثرةِ الكلام.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يسيرُ في طريقِ العودة بينما يحادثُ صديقهُ بحماس، أو لربما هذا ما يتبين، تطرقوا لعدةِ مواضيع وصوتُ قهقهاتهم الساخرة لا تبرحُ المكان، كُل من يراهم سيجزمُ على الفور بأنهما أعزُ الأصدقاء، بأنهما لا يمتلكان هموماً قط، لا يفكران في الغد بل يعيشان اليوم بحلوهِ ومُره فحسب.

صوتٌ أصدرهُ حذاءُ الأخر إثر إحتكاكهِ بالأرض دالاً على توقفه، إلتفتَ يودعُ صديقهُ بعدما أختتم حديثهُ بإبتسامة

"إذاً ألقاكَ غداً بوم،وداعاً"

لا زلت إبتسامتهُ مرسومة، لكن ما إن إختفى الأخرُ عن ناظِريهِ سقطت فورًا، دلف شقتهُ ليلقي بحقيبتهِ بإهمال ويجلسُ في ركنِ الغرفة واضعاً كفهُ على جبينه.

تنهيدةٌ منهكة غادرت ثغره، أنزل يدهُ يتفحصُ المكان بفراغ قبل أن ينهض من مضجعه ويذهب للإستحمام.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


"بومقيو بصفتِكَ رئيساً للفصل عليكَ الإعتناءُ بالطالبِ الجديد".

الرفضِ ليسَ مُدرجاً في قائمةِ الإختيارات فهذا ما يفرضهُ عليهِ منصبه، تنهدَ بعمق قبل أن يومىء للأستاذِ بهدوء، لطالما لم يُحبِب هوَ هذا المنصب، لم يُرد أن يُسلَطَ الضوءُ عليه دائماً ولكنهُ وفي كلِ مرة يعاود تذكيرَ نفسِه بأن الإجتماعية الغير مرغوبٍ بها أفضلُ من العزلةِ على كلِ حال.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

"مرحباً بك في مدرسة هانكوك الثانوية تشوي سوبين"

حاولَ تلطيفَ نبرتِهِ قدرَ المستطاع وإضفاء لهجةٍ مرحةٍ عليها يحاولُ جعلَ الأخر يشعرُ بالإرتياح لكن كُل ما قابلهُ هو الصمت فقط لذا قرر هوَ الأخر إلتزامه بامتعاض.

"هُنا تقعُ الكافتيريا وخلفها مباشرةً تتموضعُ الباحةُ الخلفية"

بدىَ الأخرُ غيرَ آبهاً لما ينبسهُ، زفر أنفاسهُ بعمق متنهداً مجدداً هوَ يحاولُ فحسب السيطرةَ على أعصابِه ليسَ وكأنهُ سعيدٌ بمقابلةِ الأخر على أي حال ولكن كالعادة هذا ما تفرضهُ عليه مكانتهُ التي إختارها بملىءِ إرادته ودون إجبار، ألم يرغب بأن يكونَ إجتماعياً؟ ها هو ذا حصلُ على مراده فلم أساريرُ الفرحِ لا تملئُ وجههُ؟

"تشوي سوبين إن لم تَكُن مهتماً لا تجعلني أثرثرُ فحسب كالحمقى!"

يبدوا أن صبرهُ قد نفذ بالفعل فالأخرُ لا يوليهِ إهتماماً أبداً وكأنهُ مجردُ ذبابةٍ مزعجة تحوم حولهُ وهو لا يآبهُ لطنينها

"ليست وكأنها أول مرة"

الحروفُ قد غادرت فاههُ للمرةٍ الأولى ولكِن بحديثٍ لم يرقه، بدى الكلامُ غامضاً ليرفعَ حاجبهُ منتظراً تفسيراً ولكن إكتفى الأخرُ بتخطيه تاركاً إياهُ يتخبطُ في دائرةِ أفكاره.

لِـأَكُـونَ ذاتي.Where stories live. Discover now