9

751 40 712
                                    


الفصل التاسع_رأس أقولاس

____________________________________

لا أنكر أنه النور الخاص بي عندما يكون من الصعب جداً العثور على الإيمان، انما في أول مرة لاقيته، لكمته في وجهه.

في خريف الثمان وأربعين من العام الف وتسعمائة كنت قد بلغت تاسعة عمري حديثاً و على وشك البدأ في ثالثي الابتدائي، حينما أخذت عائلة جديدة لها مسكناً في إم بونتو فيريميلو على بعد بضع أميال من الشارع الذي أقطن، حي سينو المطوق ببساتين الطماطم التي تتلألأ كأجراس صغيرة تحت نور الفجر، تحت تقاطع الشارع الرملي الذي تكثر فيه اليعاسيب الصغيرة، و يفصل منزلي عن مسكن آنجلو.

أخبرني البريطاني يومذاك أن ابنهم الوحيد يشاركنا السن ذاته، وقريباً جداً سينضم بيننا كطالب في الفصل، كذلك قال ان اسمه رايان يامادا. ونظراً لكونه عامي الثاني من لقاء المدعو آنجلو وودهيد، البريطاني المتغطرس شديد الارستقراطية، لم أناقشه فيما قصه علي كثيراً. وكان ذلك موالياً للعام حيث عرفت أخي جاك، و روز العشيقة السرية التي اخفاها والدي في دارنا الحالي، فما ملكتُ بعد كامل الاستقرار، العام الذي خسر والدي وظيفته، والذي انتقلتُ فيه من وسط زحام ريو دجينيرو الى النوم في شرفة مغطاة بعدة ملاءات، حين تحولت فجأة الى المعيل المسؤول عن حياة اخوتي السبعة، كان العام الذي قابلت فيه ميكوتو، و الذي تلقيت فيه العقدة الأزلية التي لن يعلم بشأنها إلاي.

" اسمي رايان!"

" أعلم بالفعل"

لعنت حظي في ذلك اليوم عشرات المرات لوقع الخيار على مقعد الطالب جواري دوناً عن أحد آخر، تأملتُ عينيه الضيقة، انفه المدبب و المساحة الواسعة لخديه، كان يبدو كدمية مستحدثة و طريفة من الخزف. ترامت شكوك لا حد لما امتدته بفضل مظهره الآسيوي الذي لم نره في أي من والديه، البعض قال بأنه رهينة، و آخرون نسبوه لعلاقة غير شرعية للأم، حتى جاء النهار الذي اخرس والده ثرثرات العجائز والنسوة جميعها، بإخبارنا أنه صغيره المتبنى من رحلته الى اميركا الشمالية.

" اسمي رايان!"

حينئذٍ تجاهلته، كنت اتلمس الكدمة التي تغطي رسغي في توجس، خاشياً أنها واضحة، خاشياً أن يراها أحدهم، فيسألني عن سبب وجودها.

" مرحبا؟"

" أجل؟"

" اسمي رايان!"

هنا ضربت المقعد الخشبي و أنا أبسط كفيّ في غيظ، آخر ما أوده هو التورط مع مزعج صغير يفسد علي الساعات اللينة من نهاري. غارت عينيه وتراجع عني في صمت و روع. أدركتُ لاحقاً في احدى سنوات حياتي أنه يمزج ما بين النفي من عدمه في الفهم، لا يزال عامه الأول من تعلم البرتغالية، و ظل يكرر اسمه ظاناً من قولي أني لا أعرفه.

أربعة في الهاويةDonde viven las historias. Descúbrelo ahora