14

723 35 518
                                    


تحذير: ضرر نفسي من المستوى المتوسط.

الفصل الرابع عشر _ شوشرة في الاسطوانة

_________________________________

مذكراتي العزيزة:
خلال الأعوام القليلة التي انصرمت، لا أحد منا كان بالشكل أو الهيئة التي يكتسيها هذه الأيام، ذلك يجعلني أشعر بالحيرة، ترى هل هي آثار الانكسار أم النضج ما خلقت منا هؤلاء الأشخاص؟ هل تتغير أبعادنا بسبب الضعف والخيبات، أم الحكمة و وفرة الوعي؟ كل من يقول أنه مزيج كليهما لشخص كذاب، أني أؤمن بذلك تماماً.

هانتر لم يكن عنيفاً بهذا القدر، بل هانتر لم يكن فتاً عنيفاً على الإطلاق، على الرغم من أني لم أقابله منذ مدة طويلة من تحوله. من يسعه تقبل تلك الحقيقة في ظل ظروف الآن؟ هانتر بيدروسا كان الفتى الألطف و الأرق منا على الإطلاق. خفته و قلبه الكبير جعلاه يترك في كثيرين ممن قابل تساؤلات غريبة على غرار: " هل يمكن وجود امرء على هذا القدر من الحنو و العذوبة في هذه الأيام، أم انها محض أوهام؟". إنه ذلك النوع من الطيبة الذي يجعلك تشكك في بشرية صاحبه. يبدو أن وجود هانتر و أمثاله كان كالكماشات التي تمسك ما تبقى من أمان و رحابة في هذا العالم. حسناً، إنه الآن مكسور، لا يشبه هانتر الذي أصفه على الإطلاق، أحياناً أعتقد بأنه خائف، و في أحيان أخرى أجدها وسيلة دفاع عنيفة لما تبقى من أمان في داخله، هل سينقلب يوماً الى تلك البتلة الرقيقة التي تم خلقه عليها؟ ذلك واحد من أهم التساؤلات التي تضرب رأسي يومياً قبل الخلود الى النوم.

آنجلو وودهيد اختلف كذلك، على الرغم من أنه لطالما كان المتحفظ الرزين شديد القلق والمسؤولية بيننا، إلا أنه لم يكن مصاباً بهذا القدر من جنون الارتياب في السابق إن صح وصفي. أحياناً أتأمل عينيه الضيقتين وأفكر بأنه يزداد وجساً و ارتياعاً كلما تقدمت الأيام دون أن يدري أحد عنه شيئاً. الجدير بالذكر أن جميعنا كان يرى التطور الذي تصبح وساوسه عليه، لكن لا أحد منا وسعه أن يعرف سبب واحداً لذلك، لم يكن والده، لقد أثبت هذا الفتى بأنه يملك الشجاعة الكافية لقول: " لا" حين يضيق عليه خناق الواجب والعادات، أي أمر أعظم يحفر خندقاً من تحته؟

أما شير؟ شير لا يشبه ذلك المولود الذي خرج من مهده أبداً، إنه الجثة المتبقية منه في الغالب، القشرة الخارجية للشخص الذي كنا نعرفه، يشبه الأمر وكأنه ينسل منا ببطء شديد الى المصرف مع لعناته و رغباته في الحياة كلما طلع النهار. ندرت ضحكاته، و تلاشى لون الوجود في عينيه، على الرغم من أنه كان الفرد الذي يمنح هذا المكان بريقه و ألوانه. هل أخذ مايكل ذلك بأكمله معه؟ علي حينها أن أعترف بأن شير فتى ضعيف للغاية، الموت لا ينهي أي شيء حين لا تكون أنت الميت، لا يجدر بك أن تتركه يفعل، يبدو أني أكثر من يجيد وصف البدايات التي تعيد نهوضها تماماً من العدم.

أربعة في الهاويةOpowieści tętniące życiem. Odkryj je teraz