1

233 51 4
                                    

الليلة ليلة رأس السنة.

 داخل إحدى المدن الكبيرة الصاخبة كان هناك شارع يعمّه الهدوء، مفروش بزينة بهيّة جاذبة للأنظار، جميع مكونات الحي الصغير تحتفل، المنازل، الجدران، السيارت، والناس.

في إحدى الشرفات ذات الجدران المطلية بلون خشبي لامع، وقفت فتاة ذات ضفائر قصيرة (كما طولها)؛ ذهبية اللون، تنظر بابتسامة مشرقة إلى الأجواء العامة، تركز على شاب مفعم بالنشاط، يرتدي ملابس ملطخة ببقع من ألوان زيتية متناسبة بغرابة مع المحيط.

عندما دلف الشاب المحمل بالكثير من الأشياء إلى المنزل مفتوح المصراعين، تهيأ للشابة أن تذمراته وصلت لأذنيها، وبتلقائية، تناغمت هذه التذمرات بدورها (كما لطخات ثيابه) مع المشهد العام..

*

جميع التذمرات تلاشت في الهواء عندما حصلت شفتيه الجافة برداً على قبلة شكر.

بعد لحظات وقف الشاب بملابسه الملطخة بجانب الأم الصغيرة، مراقباً إياها تصنع زجاجتيّ حليب دافئ لطفليهما الجائعَين.

تخصّر وقال : "ذكّريني مجدداً، لماذا قررنا الإنجاب؟"

حصل على نظرة معاتبة قاسية بالمقابل، وتم تجاهله

حملت الأم الزجاجتين اللطيفتين بلون السكّر المكرمل وسارت في الرواق قاصدة غرفة صغيريها.

لحقها الأب المتذمر، كان يحاول بجهد المحافظة على هدوءه لضمان عدم إزعاج الصغيرين.

*

دخلت الشابة إلى الغرفة المُنارة بإنارة وردية لطيفة وخافتة، شغلت الأضواء قليلة الحدة، وسارت باتجاه طفلي العائلة الجالسَين على السرير النهاري المشترك، يأكلان الحلوى ويقبلان أيدي بعضهما قبلاً مبتلّة لطيفة ذوات أصوات عالية نوعاً ما، ولكنها لا تعلو على أصوات ضحكاتهما المرحة، ولا حتى على أحاديثهما الطفولية الغير مفهومة تماماً.

التفت الطفلان إلى الباب عندما اخترقت رائحة الحليب الشهي الأجواء، رفعا أيديهما عالياً مطالبَين أبيهما بحملهما، ولكنهما نظرا بلهفة أيضاً إلى الزجاجتين في يديّ والدتهما، كانا محتارين بجدية!.

انتحب الأب هامساً بأذن زوجته : "يتوجب عليّ إكمال اللوحة، ولكن لا يمكنني تفويت عرض إطعام الصغار"

قهقهت الأم، وهذا تسبب بضحكات لطيفة صادرة عن الطفلين.

صححت له بأن هذا ليس عرضاً! ولكنها اقترحت أن يراقب إطعام الطفلين ومن ثَم يكمل لوحته.

جلس الأب على كرسي بجانب السرير النهاري المشترك، ناظراً بلهفة متزايدة بشدة إلى صغيري العائلة الفريدَين.

-

في مكان بعيد. وتحديداً في غرفة المدرّسين التابعة لإحدى المدارس الابتدائية، كانت إحدى المعلمات تناقش مع المتفرّغين من زملائها، قصة فيلم بتصنيف الخوارق، الذي شاهدته إلبارحها وأعجبها بشدة.

أما معلّمة التربية البدنية الجالسة على الطرف المقابل من الطاولة الكبيرة مستطيلة الشكل بلون العنب المتخمر، فكانت ضائعة داخل أفكارها.

في البداية، أعجبتها القصة التي سمعتها، وانشغلت بالتفكير بها، ولكنها توترت بسبب ما يحدث حالياً.

منذ بعض الوقت، هي لم تعد بحاجة لسماع القصة، فقط بالنظر إلى زميلتها، وصلت إلى أحداث الفيلم كاملة !.

هي ترى مشاهد مشوّشة، ولكن الكثير من أفكار زميلتها عائمة في ذهنها حالياً..

*

نهضتْ بعجلة وجمعت أغراضها.

هي لا تريد لتشوشها أن يصل إلى الصغار في الحصة الدراسية القادمة..

*

Rina pov

فتحتُ الباب وقابلتني الكثير من الأصوات. ما يحدث غريب ومُربِك بشدة.

عندما ألقيتُ التحية على معلم الحساب رأيت مشهد استقلاله المصعد نزولاً إلى هنا، كان المصعد مزدحماً، هو اصطدم عن طريق الخطأ بشخصٍ ما، مما تسبب بفوضى عارمة، ولكنه متأخر عن الحصة بالفعل ولذلك تملص من تقديم المساعدة.

أقف الآن وسط المعلمين والطلاب السائرين في جميع الاتجاهات. مرتبكة بشدة. موجهة رأسي إلى الأرضية بخوف، وصلني شعور تأنيب الضمير الذي يشعر به معلم الحساب بالرغم من أنني لم أنظر إليه لأكثر من نصف دقيقة. وبجدية لا أرغب بتجربة هذا الإحساس المفجع ثانية مع أي شخص آخر!.

*

يد صغيرة شدت ملابسي. رفعت رأسي وحاولت التحدث مع الطفل بدون تركيز نظري عليه. ولكنه كان يميل رأسه بكل الاتجاهات التي قصدتها محاولة تجنب النظر إليه، مما صعّب مهمتي.

وصلني صوته الحاد الناعم "معلمتي بدأت الحصة. نحن قلقون عليكِ."

الآن هو يبتسم لي ويديه متشابكتين خلف ظهره. يتأرجح بلطف. هذا الطفل نشيط فعلاً!.

ولكنني لم أستطع الرد بكلمة. كل ما يشغل تفكيري الآن هو إحساس عدم الأمان الذي يشعر به هذا الصغير في كل مرة يسمع فيها صوت مشاجرة والديه عندما يعتقدان أنه نائم.

ربتّتُ على رأسه بلطف ويداي كانتا ترتجفان.

"أخبر الأصدقاء أن المعلمة رينا لديها عمل مهم. حسناً صغيري؟"

أومئ برأسه بشدة وجرى إلى صفه.

أما أنا فقصدت المدير لأخبره بأنني سأعود إلى المنزل. أنا مرهقة حقاً، مرتبكة وخائفة. لا أعلم ما الذي يحدث ولكنه أمر مرعب..

-





نهاية البارت

Avelos babies: High twinsWhere stories live. Discover now