12

41 21 0
                                    

في وسط الشاشة ذات الإضاءة الخافتة، تيارات هوائية عنيفة ظهرت من اللامكان لتختلط في زوبعة هائلة اهتز لها المحيط الذي كان حتى لحظات قليلة مضت هادئاً..

ربّع روميرو ساقيه فوق الأريكة يعمل تركيزه فيما يراه حين اشتدت العاصفة المفاجئة.

تدافعت الصور الرسومية تحفّز جسد الصبي ليغرق في دوامة محمومة من الأدرينالين.

أخذت الأمواج الرغوية تتلاطم فيما بينها ضاربة القارب الصغير من كل حدب وصوب، تتنافس أيها ستسحقه.

مع الضربة القاضية توسعت عينا المتابع، وصورة جميلة قفزت إلى ذهنه، في الذكرى طفا القارب على سطح الماء كورقة خضراء تزيّن بحيرة رائقة.

سرعان ما تلاشت الصورة تفسح المجال للواقع اللحظي بالوجود، الآن لم يبقَ من البناء الخشبي متقن الصنع _والذي عايش روميرو خطوات بناءه منذ البداية وحتى هذه النهاية الأليمة_ سوى لوح غير محدد الشكل مبلل حتى ليكاد يتجزأ.

أعلى اللوح الناجي من الغرق، تموضعت هيئة القبطان المحبب لقلب المتابع: أرنب مرسوم بمهارة.

انتصب الحيوان العاقل واقفاً؛ غير متأثر حقاً بما يحيطه من هيجان، بذلته البيضاء ما تزال على حالها الأول لم تتلوث ولو بقطرة مياه واحدة.

تغاضى الصغير عن الهفوة المزعجة، يقرر تأمّل الحركات المتألقة الصادرة عن القبطان الصغير مُقوِّض الأزمات.

بحماسة راقب روميرو المشهد المبهر للعدسات الزجاجية الخاصة بنظارات القبطان تعكس للمشاهد ما يتفرد برؤيته البطل دوناً عنهم: الجزيرة المنتظرة؛ نهاية الرحلة.

في تلك اللحظة تماماً توقف المقطع يعلن الحاسب عن وصول رسالة تابعة للخانة المحددة ب'الأكثر أهمية'، يتسبب بانطلاق سلسلة من التذمرات المنزعجة من فاه الطفل، ولكنها تلاشت من فورها ما أن تنبّه الصغير لمحتوى البريد الوارد.

بسلاسة فتح روميرو تطبيق المراسلة المقفل يلقِ نظرة متفحّصة على المعلومات الغامضة بجاذبية بالنسبة له.

ولكنّه تأفأف بملل حينما فشل تماماً في فهم ما تلمّح له الرموز والصور الغريبة.

«بابا. انظر تلقيتَ رسالة»
صرخ أخيراً.

بمجرد مطالعته شريط المحادثة مرة واحدة همهم والده بهدوء يخبره أنّه يحتاج حاسوبه لبعض الوقت.

وكما هو متوقع، وافق الصغير، لديه هدف واضح ألا وهو إدراك ما عجز عن إدراكه.

«سأشرح لك كل شيء ولكن دعني أعمل»
برجاء نطق الوالد رداً على الإلحاح المستمر من طرف روميرو الذي ابتسم مومئاً ثم أطبق فمه يترقب العهد المشوق.

بعد عدة دقائق من العمل المتواصل تنهد غابرييل يبتعد عن الحاسب المضاء بدرجة حادة الآن، ثم صالب ذراعيه إلى صدره ليلتفت إلى الولد الذي أبدى تحمسه وحسن إصغاءه يجعله يعتقد أنّ الصغير ينتظر أن يسمع معلومات مهمة ربما؟.

Avelos babies: High twinsحيث تعيش القصص. اكتشف الآن