|7| آدم.

893 133 62
                                    

رفعتُ رأسي للسماء فوقي أُحدق بها بشرود بينما اتمدد على العشب في مكان بعيد نسبياً عن تجمعات البشر، لقد أتى المعلمين في وقتٍ قياسي اليوم ليوقفوا الفتى وأنا أتيت لهنا بعدما انتهيت من الصفوف التي لدي.. أو لنكن أدق طُردتُ منها لاتي لهنا.

ابتسمتُ عندما تذكرت والدي كان يصطحبني دائماً إلى أحد الحدائق الهادئة بالخارج ونقضي اليوم كله سوياً نتمدد على العشب ونتحدث.

ولكنه اختفى منذ أربع أو خمس بعدما توفت والدتي ورأيته يومها لأول مرة في حياته يبكي، وكانت آخر مرة أراه بها فقد اختفى مباشرةً ولم نره بعدها وحديثي معه يقتصر فقط على المكالمات المرئية بعدما قررنا العودة لمصر منذ ما يقرب العام والعيش هنا طالما أنه لا ينوي العودة مجدداً،

ولكنه اخبرني أنه سوف يأتي قريباً.. وأنا انتظره.

شعرتُ باحداً يتمدد بجانبي على العشب، رغم انني لا أعلم من هذا الذي يعلم بمكاني المفضل ولكنني لم ارفع رأسي ولم أبالي بمن جلس حتى.

"هل تشعرين بالبرد؟" تحدث ذلك الشخص باللغة الإنجليزية ورغم أنني أشعر بأن صوته مألوفٌ لدي ولكنني لستُ بمزاجٍ جيدٍ للتفكير.

"لا" اجبته باختصار وبنفس لكنته أيضاً فأنا استطيع التحدث بها بطلاقة فصمت لوهلة قبل أن يسأل مجدداً "هل تشعرين بالبرد؟"

"قُلت لا!" تحدثتُ بصوتٍ أعلى قليلاً ومرت دقائق قبل أن يتحدث مجدداً "امتاكدةٌ انكِ لا تشعرين بالبرد؟ "

"كم مرة عليَّ أن أقول لاااا!" صرختُ بصوتٍ عالٍ وأنا أدير وجهي تجاهه ولكني ابتلعتُ باقي صراخي عندما رأيت الجالس والذي عبس وجهه وهو ينظر لي قائلاً" لما تصرخين هكذا؟ أردتُ فقط حِجة لمعانقتك!"

بقيتُ لدقائق أحدق به أحاول استيعاب الأمر، حتى وجدته ينظر بساعته ثم رفع وجهه مجدداً يقول" أعلم أنني وسيم ولكنكي تحدقين بي منذ ما يقرب العشر دقائق"

" آدم " صرختُ باسمه وسريعاً قمت من مكاني وقفزتُ عليه وهو بدوره التقطني بينما يتحدث بنبرة يائسة تماماً " كل سنة بتمر بيتغير فيكي حاجات كتير اوي.. ماعدا حاجة واحدة "

صمت قبل أن يكمل بوجوم"قلة أدبك" أطلقت ضحكة عالية وأنا أزيد من احتضانه بشدة،صديقي العزيز قد عاد، وبكل مرة أراه يزداد يقيني بأنني أحبه رغم انني اكره البشر ولم يسبق لي أن أحببت شخصاً كما أحبه هو.

بعد مدة كنت أجلس بجانبه أريح رأسي على كتفه ننظر أمامنا بشرود والهدوء يحيطنا، حتى قطع ذلك الهدوء حديثه بلغتهِ الأُم التي لا أتحدث بها إلا عندما أكون معه"منذ أنا كنتِ صغيرة وأنا أراكي مختلفة عن الجميع، بعيداً عن عقلك الذي ليس بمكانه حقاً ولكني واثقٌ بأنك ستتخطين اياً ما كان يواجهك.. رغم انني لم أعلم بعد ما خطبك تبدين مشتتةً ولكني واثقٌ بكِ وها أنا قد عدتُ لمساعدتك."

نور×2. Where stories live. Discover now