فضائل ووسائل

232 36 18
                                    

للإنسان لحظاتٌ يسافر فيها عقله إلى خارج جسده، ويفكّر في كل شيء إلا الشّيء الذي يقوم به. إنّني أعيش هذه الحالة الآن، رفضت التّركيز تمامًا على إعداد الطّعام وأصبحت أفكّر في موضوعٍ آخر، حيث المقال الذي قرأتهُ صباحًا.

بعد الكثير من التّشويش وإضافة الملح، قرّرت أن أخضع لفضول عقلي لعلّه يركّز انتباهه في إعداد الطّعام؛ لهذا أخرجت هاتفي للتّحدث مع منقذتي. 

«مرحبًا موانا💙

أنتِ هنا؟» 

كتبت لها الرّسالة وانتظرت قليلًا حتّى رأيت تغيّر لون علامتَي الصّح بجانب رسالتي فابتسمت لأنّها هنا بالفعل.

«آه، رأيتُ رسالتكِ لتوّي.

ما الأمر؟»

«هناك موضوعٌ ما يشغل عقلي ويمنعني من التّركيز على الطّبخ، أودّ مشاركته معكِ.»

تطرّقت إلى الموضوع مباشرة، فلا أحبّ المقدّمات.

«شاركيني، فإنّي آخذ استراحةً من الدّراسة الآن ومعي من الوقت ما يكفي لنقاشكِ.»

شعرتُ بشعورٍ جيّد لأنّها متفرّغةٌ لمناقشتي، واتّخذت وضع الجديّة لمحاورتها.

«جيّد، قرأتُ من قبل مقالًا عن أنّ التّقدم التّكنولوجيّ في العالَم الُمعاصِر استطاع أن يقدّم للبشريّة كلّ الوسائل التي تعمل على إسعادها وتوفير الرّفاهية لها، هل توافقين على هذا الحديث؟»

«بالطّبع أفعل، دون هذا التّقدم لم يكن البشر قد وصلوا إلى ما وصلوا إليه، له الكثير من الفضائل علينا.»

أجابت سريعًا تعرض رأيها، من ثمّ أضافت مثالا توضيحيًّا على حديثها.

«من أبسط هذه الفضائل أنّ التّقدم التّكنولوجيّ قد وفّر للبشر الكثير من الوظائف، ألا توافقين؟»

كتبت رأيها، مختتمةً جملتها بسؤالٍ موجّه لي، جعلني أفكّر بشكلٍ أعمق في الموضوع.

«أوافق بالطّبع.»

«الكثير من الوظائف ظهرت نتيجة التّطور التكنولوجي، كان هذا جيدًا للجميع أن يحصلوا على فرصة عملٍ تضمن لهم مستقبلًا جيدًا.

 هذا رائع. لكن برأيك هل انحصر دور التكنولوجيا على الوظائف الجديدة فقط؟»

«لا بالطّبع، فقد كان للتكنولوجيا دورٌ في الطّب أيضًا!

أتصدّقين أنّ كثيرًا من التّقنيات قد صُنعت للقضاء على أصعب الأمراض، زادت نسبة شفاء الكثيرين والحمد لله. لقد حمت الكثيرين من فقدان أحبّاءهم، هذا بحد ذاته فضيلة.»

مشاعرها الصّادقة انتقلت لي عبر كلماتها لتغلّف روحي.

«الحمد لله، في زمنٍ بعيدٍ كانت بعض الأمراض تحتاج إلى عمليّاتٍ كبيرة وخطيرة، الآن ذات المرض تتمّ معالجته بأجهزة ليزرٍ طبيّة، بلا جرحٍ كبيرٍ متعب، وبلا خطورة.

أخذ وعطاء.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن