تعمير بعد تهديم

94 5 12
                                    

إشعارات وفرقعات «سلاك» المتتالية حملت جود على أن تلتقط هاتفها لتجد أن زاي ستشاركها مناقشةً حول إيجابيات وسلبيات الحروب،
والشرط هو أن يكون النقاش على موقع تواصل اجتماعي.

أسرعت تبعث لزاي لترتيب موعد كونها تحب الانتظام بالمواعيد، إلّا أنّ الأخيرة فاجأتها بعدم إمكانية إجراء النقاش على موقع أو ما شابه في رسالة استغرقتها ثلاث دقائق للكتابة «جود عزيزتي، التواصل على الإنترنت هو الأمر الوحيد الذي لا أفلح فيه، كما أن الطاقة المختزنة في أصابعي يحب أن لا تضيع هباء.»

ردت جود باستنكار: «هل تريدين لوحدة الفصول أن تجعلنا عبرةً لمن يعتبر؟»

«لا تقلقي، سيرون فكرة اجتماعنا في الهواء الطلق جانب أشجار الزيتون تحت أنغام البلابل فوق أرض كساها الثلج فكرة مبتكرة فريدة وسنكوّن استثناء الكتاب.»

«ألا تعتقدين أن موقعك الجغرافي يعاني من بعض الخلل زاي؟»

«حُبًّا بالله! تراسلينني بعد العاشرة مساءً وتتوقعين مني إجاباتٍ منطقية؟ أراكِ غدًا في المكتبة العامة يا فتاة.»

زفرت جود في قلة حيلة وهمهمت: «إنها زاي.»

شارفت الخامسة عصرًا في استراحة المكتبة، أضواء برتقالية تدرجت في حدّتها تتدلى من السقف العالي، وها هي زاي تقترب من الركن القصيّ الذي اتخذته جود لنفسها في محاولة للابتعاد عن الأوساط المزدحمة.
رَفعت جود دفترها تراجع الملاحظات التي دونتها سريعًا، بينما تكدست أمامها مجموعةٌ متنوعةٌ من الكتب والمجلات.

سحبت زاي لنفسها كرسيًّا لتجلس قُبالة جود قائلةً: «اييه كيف الأحوال يا جود؟ أين وصلتِ في بحثك؟»
ابتسمت المعنيّة قليلًا قبلَ أن تجيب: «أترقّب العاصفة الثلجيّة المقبلة، بخصوص البحث فقد جرى على قدم وساق»

في هذه اللحظة دنا منهما النادل الشّاب الذي اعتادتا على إطعام قطط المكتبة بصحبته ليسأل: «ماذا تشربن اليوم يا آنسات؟»

قالتا في نفس الوقت:
«ليمونادة كالعادة» «كابتشينو كالعادة»
تبادلت جود وزاي النظرات والابتسامات الساخرة قبل أن توشكا على تبادل القرصات لولا تذكّرهما الاتفاق الذي ينص على التصرف كسيدات مجتمع نبيلات.

انصرف النادل لتشرع جود في الحديث بحماس: «سأريك أولًا كيف تكون للحرب إيجابياتٌ مساويةٌ للسلبيات!»

استنكرت زاي للحظة: «مساوية؟ هات ما لديكِ!»

*********

قال ليو تولستوي: «الغايات التي تُشنّ الحروب من أجلها لا تستحق ما يُبذل في سبيلها من تضحيات.»

طُبِعت تلك الكلمات بشكلٍ عريض بدايةَ الدفتر، مما دفع زاي لتستفسر: «ما الإيجابيُّ بالتحديد في هذه المقولة؟»

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jun 01, 2022 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

أخذ وعطاء.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن