تواصلُ شائك

29 5 0
                                    

«عزيزي المشترك، لقد نفد عدد الدقائق المتاح لإكمال المكالمة، الرجاء شحن رصيدك.»

صدح الصوت الآلي للهاتف لتنظر جلّنار إليه بشزر، كانت على وشك إخبار كاردينيا خبر اليوم، لعنت شركة الاتصالات التي ما فتئت تسرق عدد الدقائق المتاحة لها، وهي تدَّعي أنها لا تتصل كثيرًا، فالحديث مع الجارات والأقارب قرابة خمس ساعات باليوم لا يعد بالشيء الكبير بنظرها.

قررت فتح الماسنجر فالكلام مهم جدًّا وإن علمت كاردينيا -جارتها- بالخبر من قبل أحد آخر ستحزن كثيرًا، لا أحد يسبقها بإذاعة الأخبار، لم تنزعج من إضاءة هاتفها، ولا آثار أصابع أولادها الأشقياء القذرة. التي تجهل أين يعبثون حاليًا، فهي مشغولة في إدلاء الأخبار.

كتبت لجارتها كاردينيا والتي لقبت نفسها على حساب الفيسبوك «جرح الماضي» وهي مَن ساعدتها بانتقائه بعد أن لقبت نفسها «دموع الورد».

«سأقوم بشحن رصيدي حينما يعود زوجي، تعلمين لا يمكنني العيش دون الاتصال بجاراتي يوميًا، لنعد لمسألتنا، احزري ماذا حصل في الأمس؟»

وقد كلف كاردينيا «جرح الماضي» قرابة الثلاث دقائق لترد عليها «ماذا؟».

«أتذكرين قريبة زوجي التي أعجبت بقلادتها  ثم كسرت بعدها بدقائق واتهمتني بكل وقاحة أن عيني هي السبب؟»

مرت الدقائق كالقرون على جلّنار التي تنتظر إجابتها، ليكون الرد «أجل -وجه يتساءل-».

«احزري؟ كشفها زوجها وهي تخونه على الهاتف! تستحق ذلك! -وجوه شيطانية- تلك الوقحة فتحت حسابًا وهميًّا باسم «أزهار ذابلة» وعلى فكرة الوقحة سرقت الاسم مني! تذكرين كنت اقترحته عليك. وقحة بالفعل.»

كانت تنتظر رد كاردينيا ولكنها تأخرت، فاتجهت نحو النافذة ووجهت الشاشة نحو شقتهم التي تبعد عن شقتها ثلاث بنايات -كان يمكنها التوجه لمنزلها لكنها تفضل الهاتف على أن تمشي خمس دقائق-  فتحت الكاميرا وبدأت تُكَبِّر الصورة لتظهر بنايتها بشكل واضح، كانت على وشك التجسس على جارتهم نيرڤانا التي تشاجرت معها بعدما قاموا أطفالها بتكسير سيارة زوجها، ولم تكترث جلَّنار فكان هناك لايف مهم للطاهية لاڤا عن كيفية صنع الكبة، وارتأت أن الكبة أهم من أطفالها لا سيما أنها ستشارك بهذه الطبخة في مسابقة الطبخ لمجموعة من النساء في الفيسبوك، وتربح علبة مكياج -لم تربح بالنهاية-.

وجهت الكاميرا لنافذة كاردينيا، لحسن حظها كانت الستائر مفتوحة. فسمح لها برؤية ما يحصل داخل غرفة الجلوس، كانت كاردينيا تربت على ظهر ابنتها ماريا التي كانت تبكي، كانت تتمنى لو هاتفها الحديث يجيد استراق السمع كما الرؤيا، وشكرت الله أن زوجها غائب وإلا كان نهرها كالعادة على استخدامها الخاطئ والمشين للهاتف، وكونها مهووسة بالهاتف متجاهلة مسؤوليتها كأم وزوجة.

أخذ وعطاء.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن