"48"

271 13 0
                                    

-مُعاقة..ليه حق حمزة يبعد عنها

العجز من وصف شعور معين، أصعب إحساس ممكن يمر بيه الإنسان، شعور هو مدرك إنه صح بس رافض يعيشه، رافض يتوجع منه كل مرة كأنها أول مرة، إحساس الكتمان الشديد اللي بيأدي لانفجار محدش بيعيشه غيرك إحساس مؤذي، إحساس رسم البسمة في عز الوجع إحساس مؤذي، إحساس التعايش مع الآخرين وأنت جواك منعزل ذاتيًا إحساس مؤذي، والمؤذي أكتر من كل ده إنك مش قادر تتخطى.

كنت معدية لحد ما سمعت الجملة دي، وقفت مكاني ورا الشجرة لما سمعت صوت ضحكات وكلها أكيد عليا، فجأة سمعت صوت أروى صاحبتي بتقول:
_رهف مش مُعاقة اللي مُعاق بجد هو أنتم، كلكم حقد ونفوسكم تعبانة علشان تفرحوا في تعب حد بالشكل ده وتتنمروا عليه، ومش عايزة أصدمكم بس رهف هي اللي بعدت عن حمزة ورفضت إنه يتقرب ليها بأي شكل من الأشكال، عارفين ليه لأنها إنسانة سوية نفسيًا مش عايزة تحمل حد فوق طاقته، مش مريضة نفسيًا بالحقد والسخرية زيكم.

سابتهم وبصت بعينيها تدور عليا لحد ما شافتني جنب الشجرة اتوترت خافت ألا أكون سمعت كلامهم الوحش عني وإني..إني مُعاقة.
_رهف أنتِ هنا بتعملي إيه..؟
ابتسمت ليها علشان أقلل من توترها اللي واضح جدًا وقولتلها:
_لقيتك إتاخرتِ وأنتِ بتجيبي الملازم من المكتبة قولت أتحرك شويه أشوفك فين.
هزت رأسها وابتسمت وقالت:
_تعرفي أنتِ فعلًا كان عندك حق لما قولتيلي ابعدي عن شلة البنات دول مش شبهك، فعلًا مش شبهي وأنا مش هخطلت بيهم تاني.
هزيت رأسي وسكتت وأنا بصه في الأرض، لقيتها وقفت ورايا وبتزق الكرسي وهي بتقول:
_هنروح ولا عايزة تروحي الكافيه تشربي قهوتك..!؟
_هروح حاسه إني عايزة أنام.

أخدنا نص ساعة عبل ما وصلنا، أنا وأروى عايشين في نفس العمارة شقتي في الدور الأرضي وهي في الدور التالت، بس بتقضي معايا معظم الوقت، فتحتلي الباب ودخلتني وكانت عايزة تفضل معايا زي ما بتقولي كل مرة بس أنا رفضت كالعادة وخليتها طلعت لمامتها..قفلت الباب والتفتت بالكرسي فواجهتني صورة بابا وماما، مشيت بالكرسي لحد ما قربت من الصورة ورفعت ايدي وأنا بتمنى ألمسها حتى بس مش هقدر أقوم من مكاني:
_وحشتوني أوي، النهاردة للمرة اللي مش عارفه عددها اتأذيت بسبب كلامهم، أنا ليه ضعيفة وبتأثر بسرعة، ليه مبعرفش أرد عليهم وأخد حق قلبي اللي بيوجعني منهم..ليه.!! مش لو كنتوا معايا كان زماني أقوى.!!

مشيت بالكرسي لحد ما دخلت أوضتي غيرت هدومي بتعب شديد، واتحركت للمطبخ عملت فنجان قهوة وفضلت قدام صورتهم:
_حمزة ظهر تاني النهاردة، معرفش ليه شخص زيه الجامعة كلها عينها عليه يبصلي أنا..!! ليه بيروح ورايا من مكان لمكان، ليه مصمم يرتبط بيا.!! بواحدة...عاجزة.
شاب خلوق ودايمًا في حاله ويمكن دا سبب إن كل البنات عينهم عليه، أكبر من دفعتنا بتلات سنين، أول شوفته فيها كنت ماشيه بسرعة فخبطته بعجلات الكرسي من غير قصد، يومها يا بابا وقف يبصلي كتير، ناس رايحه وناس جايه تخبط فيه وهو ثابت ثبوت الجبل مكانه حتى عينه متحركتش من على وشي.
يومها يا ماما ولأول مرة أحس بالتوتر من إنسان وشعور تاني غريب مش عارفه ليه اسم، من ساعتها وهو بيغيب شويه وبيظهرلي تاني.

خبــايـا الحــب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن