| 5 | فَراشَتي

52 4 8
                                    

أركُضُ بكلّ ما أملكُ من قوّة، ودُموعي تهطلُ بِتَتابع على وجنتيّ. ما زلتُ تحت وطأةِ صدمتي من الخبر.
الخبرُ الذي انتظرتهُ وحلمتُ بهِ لأيام؛ فارِسي الأسود أوشكَ على الإستيقاظِ من غيبوبتهِ.

أخبرني الطبيبُ ألبرت بأنّ جسدهُ قد أبدى علامات ملحوظة ومُبشّرة، كتحريكِ أصابعِ اليد وارتجاف الجفنين.
لقد وعدتُ لوكي أن أبقى إلى جانبهِ، عزيزي، أنا قادمة!

◇◇◇◇

Lucas's POV:
أسمعُ هَمهماتٍ مُبهمةٍ، وأشعُرُ بحركةٍ كثيرةٍ في المكان.
جسدي مُخدّر وثقيل، كحالِ جفوني، كما أنّ أصابعي مُتصلّبةٌ بعض الشيء، إلّا أنني استطيعُ تحريكها. رأسي ينبضُ بألمٍ كأنّ مطرقةً تَهوي عليه بقسوة.
هناكَ اشياءٌ حادةٌ تُغرسُ في ذراعي، وشيءٌ باردٌ يتحرك على صدري، يُسبّبُ رعشات في كلّ مكانٍ يلمسهُ. سحقًا، إنّ رأسي يؤلمني.

فجأةً... هدأ كلّ شيء، ويَدٌ رقيقةٌ ودافئةٌ أحكمت الإمساكَ بيدي، وصوتٌ خافتٌ دافئٌ تسلّل إلى مسامعي، هذا الصوت...
إنه حنونٌ جدا، مُرهفٌ ومُحمّلٌ بالحب، كفراشةٍ جميلةٍ تُرفرِفُ بِجناحَيها البرّاقَين، بجانبِ أزهار التوليب والنرجس.

إنّ الصوتَ يُناديني، إنه مُتلهّفٌ لإستيقاظي، عليّ تلبية النداء، والإسراعَ بفتح عينيّ!
End Of Lucas's POV.

◇◇◇◇

"هيا يا لوكاس، عزيزي، افتح عينيك... لوكي، أنا بجانبك"
إنه يُهمهم ويُحرّكُ جفنيه، وأخيرًا، لقد اشتقتُ لرؤية ذهبيّتيهِ اللتين تُمدّانني بالقوةِ والدفئ.

"ف-فراشتي" خرجَ صوتهُ مبحوحًا مُتقطّعًا، فأسرعتُ بتقريبِ كأس الماء من فمهِ.
الإبتسامةُ شقّت وجهي، ورؤيتي أصبحت مُشوّشةً تُنذرُ بهطولِ المزيد من الدموع، يا الهي، هذا الفتى، حتى بعدَ استيقاظهِ من غيبوبة، أولُ كلمةٍ لَفَظها هي 《فراشتي》، وأنا أحبّ هذا.

"عجبًا، لقد اشتقتُ لكَ لحدّ النخاع، لوكي"
فلمعتْ عيناه، وارتجفتْ شفاههُ، قبلَ أن يضمّني عميقًا إلى صدرهِ.
وكَم تهوى النّفوسُ المُتعبةُ إحتضانًا يبثّ الدفئ ويبعثُ الطمأنينة والإرتياح.
توقّفَ كلّ شيءٍ في هذه اللحظة، لم يَعُد أهميةٌ لأيّ شيء، فقط، هو وهي، في عناقٍ دافئٍ، يشحنان روحهما، ويُعوّضان فترة البُعد التي مضَت.

"آهٍ فَراشَتي! كم أحبكِ يا جميلتي!" قالها بصوتٍ مُرتجفٍ وهو يشدّ العناق حتى كِدتُ أختنق.

"فراشتي، شكرا لأنكِ بقيتِ إلى جانبي، لقد كنتُ أسمعكِ عندما تأتينَ إليّ، وكنتُ أشتمُّ رائحة الأزهارِ التي تجلبينها. كم أنا فخورٌ بكِ! أحرزتِ تقدّمًا مُذهلا بدُروسكِ واعتنيتِ بصحتكِ وتناولتِ طعامكِ بانتظام. ما بكِ مذهولة؟ لقد كنتُ أسمعُ كلّ شيء وانا مُغمض العينين. والآن، بإمكاني الخروجَ من المشفى بعدَ أن أتحسّن، سوف نحيا معا حتى نبلُغَ من العمر عِتيّا!"

كنتُ أستمعُ إليه بينما أراقبُ ملامِحهُ بعيونٍ لامعةٍ، أنا لا أحلُم، إنّه هنا، بقُربي، يتكلّم ويبتسم، عيونه الذهبية تنظر لي بدفئها المُعتاد، وابتسامتهُ رقيقةٌ كما عهِدتُها، وشعرهُ الأسود يلمعُ تحت أشعة الشمس، أنا سعيدة.

قهقه عندما لاحظَ شرودي ثمّ أكمل: "لقد كنتِ أنيستي في وحدتي، كنتُ دائما ما أُردّدُ في سِرّي عبارةً قرأتُها مرة؛ يا بريقَ أملي إبقِ هنا، فأنتِ صديقةُ تفكيري التي تُنيرُ ظُلمتي. آهٍ كم أحبّ صوتكِ، كيف لصوتٍ كهذا أن يتسلّلَ من وترِ كمانٍ وقصبةِ نايٍ، ومفاتيحَ بيانو... ويستقرّ في حنجرة؟"

إنّ وجهي يشتعل! عجبًا كيف لهُ هذا التأثيرَ علي، هذه الإبتسامةُ الرقيقة، النظرةُ الدافئة والكلماتُ المرهفة، أنا عاجزةٌ أمامهم، فاكتفيتُ بترديدِ كلمة "شكرا" على مسامعهِ بينما أُقبّلُ جبهتهُ.

شكرًا على بقائك بجانبي في أحلكِ الأوقات، وشكرا لأنك تُنير الطريقَ وتُرشدني عندما تُسدّ بوجهي الأبواب، شكرا لِوجودكَ في حياتي، وأخيرا...
شكرا على المشاعرِ الدافئةِ التي لا تتردّدُ في إظهارها لي، فهيَ سبب صُمودي.

فانتهى بِنا اليوم نائمين على فراش المشفى، اليدُ باليد، والإبتسامةُ من الأذنِ للأذن.

"ففي النهاية، قد يرتجفُ الضوء، لكنه لن ينطفئ"

-تمّت-

☆☆☆☆☆

انتهت قصة 《فراشتي》الحمدلله، لقد كانت تجربة ممتعة، شاركتُ بها أفكاري ومشاعري، هذه القصة تتّخذُ حيّزًا كبيرا في قلبي.
أتمنى بأنها قد نالت إعجابكم، وأتمنى بأن الشخصيات قد حازت على اهتمامكم.

لا تنسوا الفوت♡
وشاركوني آراءكم، المنصة لكم♡

مع السلامة!

فَراشَتِي | 𝓂𝓎 𝒷𝓊𝓉𝓉ℯ𝓇𝒻𝓁𝓎Where stories live. Discover now