٤٦- أيُّها الطَّائرُ الأزرَق

442 45 71
                                    


قَيدِي بِحُرِّيَتِها أَسرُ
وحُرِّيَتُها بِأسرِي مُرُّ
أَذُوقُ المُرَّ عَلقمًا وأُسَرُّ
فحُرِّيَتي خَيَار، وحُرِّيَتُها قَسرُ
-إليها

.
.
.
.
.
.
.

"ما الذي تعنيه بأنكَ أضعته؟!"
وبَّخته رئيسته بالعمل.

"لا أدري! هو من اختفى من أمامي!! لقد هرَبَ مني ولم أستطع إيجاده! لقد تلاشى تمامًا كما لو كانَ وهمًا منذ البداية!!"

حاول تبرير موقفه.

رافعةً ملف الفتى من على مكتبها قالت تزيدُ في تأنيبها: "عَملُنا لا يحتمل التفريط ولا التهاون ولا التقصير! إننا نعملُ على حمايةِ الأطفال بغض النظر عن حالهم! لا تمييز بين طفلٍ وآخر. الطفل يبقى طفلًا يحتاج للرعاية ولِدَ في قصرٍ أو في سجن! عليكَ أن تجده! حتى لو احتجنا مساعدةَ الشرطة!"

مُهانًا بسبب هفوته قال قصد الإنصراف من مكتب المديرة: "أدركُ حقيقةَ عملي منذ قرَّرتُ العمل به. سأبحث عنه بنفسي أولًا"

مقلِّبةً أوراق الملف بعد أن باتت جالسةً على مكتبها قالت: "لن يكون الأمر صعبًا. لدى هذا الفتى مظهرٌ مميز، لا يوجد الكثيرُ من العيون الزراق الداكنة الكحيلة. لا توقف البحث حتى تجده، ابدأ من الآن!"

"حاضر!"

وفعلًا بدأ ذلك البحث الذي لم ينتهي إلا بعدَ سنتين كاملتين.

"هل هو هذا الفتى؟!"
سأل الشرطيُّ يقصِدُ الفتى المقيد بالأصفاد.

"أجل، لابدَّ من ذلك، لا يمكنني أن أخطئ هذه العيون"
قال عامل الحكومة بعد تفحصه للصبي الذي اتصلت الشرطةُ بمركزه لإعلامه بعثورهم على الطفل الذي يبحث عنه.

"لما الأصفاد؟ إنه فتًى في العاشرة من عمره وحسب"
تساءل بشيءٍ من الإنزعاج يحثُّ الشرطي على فكِّ إنعقاد الحبل الخشن الذي ربطَ معصميّ الفتى معًا.

يبدو أنَّ أصفاد الحديد أكبر من أن تقيِّدَ يديه.

أعلن الشرطيُّ عن سببه: "لقد جيء به إلى مخفر الشرطةِ بهذا الحال، قيل بأنه كان يُقدِمُ على سرقةِ منزل أحدِ تجَّار المدينة"

لم يبدو عامل الحكومةِ مقتنعًا بقول الشرطي، لذا، انحنى قليلًا بجذعه ليسأل ينظر في عيني الصبيِّ الذي لم يفعل المثل: "هل هذا صحيح؟ هل كان الطيرُ الأزرق مُقدِمًا على سرقةِ أحدهم؟"

ولم يجبه الفتى الذي بدا خاضعًا أكثر من المعهود.

"لا أظنُّكَ فعلتَ ذلك، لستَ مهوسًا بذاك النوع من الحرية. أيًّا كان من اتهمك بتلك السرقة فقد كان هو المُقدِمَ عليها"
تمتم للفتى قبل أن يعاود الإنتصاب في وقوفه يقول للشرطي: "سأتدبَّرُ أمره من هنا. إن كان يفكِّرُ بالسرقة فسنعتني بتربيته على الإمتناع عنها، رغم إدراكي بأنَّهُ لم يفعل. سآخذه إلى المركز الآن"

مشَاعِرُ أخيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن