١٧

3.2K 197 15
                                    

الفصل ١٧
من رواية/ وكأنها عذراء
أسما السيد
************
شاردة بطريق لا تعلم ماذا ستكون نهايته، كيف تصل لبر الامان وهي وحيدة هكذا، وتحمل علي عاتقها كل ذلك الهم والألم، والخذلان، انها  وحدها تماما تعاني الأمرين، انفصلت بشرودها عن ما حولها، ولم تنتبه لأي شيء، وكأنها بعالم آخر
انها حتى لا تعي أين سيذهب هذا القطار، وما هي محطتها القادمه، لدرجة أنها لم تسأل إلى أين سيتجه القطر؟
صوت خالتها المضطرب، ويدها التي مدتها لتتمسك بها هي ما نبهتها بما يدور حولها
استمتع رائحة الحريق، وصوت النساء وعويلهم فجأة ملأ القطار، وسرعان ما اندلعت النيران بداخل العربة التي تلي عربه  القائد وياللاسف كانت عربتها هي.
صرخت وقد أغشى دخان الحريق عيناها، ويدها تتحسس ما امامها:
_ خالتي..خالتي..انتي فين يا خالتي
ااه..
سقطت أرضا انتهي كل شيء بلمح البصر وصار كما لم يكن، خراب، دمار، وآمال كانوا يحملونها جميعاً بعد وصول ذلك القطار لنهايته.
انحرفت عربة القطار، وانتهت حياة الكثير ومن بقوا على قيد الحياة منهم كانوا بحاله مزريه، حتى أن محطات الاخبار بعد ساعات كتبت انه لم ينجو منهم أحد..لم ينجو أحد من قطار الموت..
********
_أمي..
كانت هذه صرخة فارس التي شقت سكون البيت باكمله، تلاها بأخرى وهو يري جده يجاورها من الصدمه مصابا بجلطة دماغية.
ليل حالك، ومآسي، فرحه لم تكمل، وقلوب ادماها الحزن ومزقها
لم يصدق فارس كذبه أبيه بسقوط تلك النجفة التي وجدها بجوارها  بالفعل علي رأسها، صرخ بقهر، وهو يقترب منه، ويمسك بتلابيبه.
_ كداب، انت كداب تلاقيك انت اللي قتلتها، انت اللي قتلتها انت..
انهياره، وضعفه جعلوه بحالة اللاوعي، أبيه احكم الخطه، وأخرج نفسه كما يجب
وبقي فقط مشاهدا وكأنه حقا متأثرا، وبجانبه عمته، كالعاده تقف الند بالند دفاعا عن ابيه.
ألقي إبراهيم نظره صامته علي عمته التي تنظر لفارس بكل نظرات الحقد ، ونقل نظره لعمه والد فارس الثابت بصعوبة
بنظرة محقق اربكتهم وجعلتهم يشعرون بالخوف، شك فارس بمحله، كما شك هو تماماً حينما أسرع ناحية الصراخ، ليجد عمته بجانب عمه، متي واين وكيف دلفت بتلك السرعه، وكيف صدح صوتها بالعويل، حتي اتي الجد، ولم يمسك نفسه ، وانهار بجانب عمته، فقيدان آخران بلمح البصر، والان الفقيدين أغلى مما سبق.
احكم ابراهيم عناق فارس أخيه بالدم، ورفيق الدرب، والروح.
يشعر به، يحتضن آلامه ووجعه كأنه هو من يشعر به عليهم التماسك، عليهم إكرامهم والاعداد للدفن..
_ سيبني يا ابراهيم، سيبني انا مشبعتش من أمي لسه، والله ما شبعت، اااه يارب
_ امسك نفسك يا حبيب اخوك، إكرام الميت دفنه، صدقني ممنوش فايده.
بكى كما لم يبكي من قبل، وهو ينحني ليحتضنها، والطبيب يغطي وجهها، ويخط بقلمه سبب الوفاة، لإخراج تصاريح الدفن
بصعوبه استطاع ابراهيم الممزق مثله أن يبعده، لكن هيهات وفارس يصرخ به، ليتركه حتى يودع جده الحبيب..

انكمشت بيلا بأحضان ابيها، تبكي، وهي تنظر لما يحدث، تخفي وجهها المقابل لوجه والدتها التي ترمقها بكره، بحقد وكأنها ارتكبت ذنب لكن اتي همس ابيها لها كالعادة كبلسم شافي:
_ اوعي تخافي ياقلب ابوكي استحاله تقربلك وانا اهنه.
_ انا ..انا زعلانه اوي يا بابا، جدو خلاص هيسبنا، ومرات خالي كمان، البيت ده بقي زي اللعنه يابابا، انا كرهته.
_ مصيرنا كلنا كده يا قلب بوكي انت، الموت علينا حق، تعددت الاسباب والموت واحد، لازم نرضى يا بيلا.

وكأنها عذراء(لم يلمسها أحد من قبل) Where stories live. Discover now