القبعة الذهبية

154 12 0
                                    

و لكنِّي امرُؤٌ للناسِ ضحكِي
و لي وحدي تََباريحِي و حُزنِي

-إيليا أبو ماضي-

فرغت من صلاتها ونهضت بتريث مستمتعةً بشعور الهدوء الذي يجتاحها و يخدر أوصالها...شرعت في ذكر الله وطوت الفرش الذي أهدته لها إحدى الفتيات من حانوت للأشياء الرخيصة أو المستعملة.
كانت سعيدة به بكل ما في قلبها من حب و امتنان لأنها لم تطلبه حتى و قد لاحظن رفيقاتها أنها تصلي على ملاءة أو أي قماش نظيف لذا فقد استجمعت إحداهن جنيهاتها و أهدتها إياه...
نزعت ثياب الصلاة و عزَّ عليها خلع رداء الحشمة و ارتداء الملابس الفاضحة إلى حد تقطع معه قلبها و انقبضت عواطفها كالذي على وشك الغرق في بحر من الشحم!

حاولت التملص من ذلك الوضع الذي لم تعد تحتمله بأي شكل فلم تراودها فكرة واحدة تخرجها من مأزقها....أمست أمام الأمر الواقع ولم تتجرأ بداخلها على مجابهة المخاطر و التغيرات التي ستحدث إن حاولت رفض العمل....لقد تجرعت بالفعل ضربا مبرحا بما يكفي من "خلدون" مساعد القس لأنها ضايقت الزبون، ما بالك برفض العمل مطلقا؟

نظرت لصورتها في المرآة بعدما ألصقت ثياب الرذيلة على جسدها و راقبت بأسف كيف زال عنها ثوب الكبرياء و العزة إلى العبودية و التسليع....كم رغبت في التخلص من تلك الحياة بنفسها من قبل لكن الآن لم تعد ترغب في هذا فهي تملك حجر أساس تتكئ عليه في الشدائد...إيمانها.

أرهفت السمع لنداء إحدى الفتيات في الخارج تستعجلها فخرجت لها وانساقت بين يديها كأنها قد تأخرت على زفافها ربما! لمَ هي متحمسة بربها؟ أم أن قبضة خلدون مؤلمة لدرجة جعلت رفيقاتها يحافظن على مواعيدهن في البغاء لتلك الدرجة؟!
نفضت رأسها بانزعاج وحاولت بجد جلب الأفكار الإيجابية لعقلها...لكن لم يصلها من صوته شيء بسبب رنين هاتفها برسالة رائعة فيها خلاصها و هناءها...أو ربما نهاية المعاناة وحسب..

*********

تسمرت مكانها و طالعت فرحات بعينين مفتوحتين على وسعيهما وغمغمت مشدوهةً كأنها تحدث نفسها "ماذا تعني بأني حرة؟ كيف هذا؟"
أغلق حقيبة ثيابها وحملها إلى الخارج بحماس لا مثيل له ثم أجابها لاهثا ككلب في البيداء منذ شهر "لستِ حرة تماما، لقد اشتراك السيد عادل الذي تحبينه كثيرا و دفع ثمن الإيصالات التي وقعتها"

يقصد بالطبع الإيصالات التي أُجبرت على توقيعها تحت تأثير جرعة زائدة من الكوكايين دُسَّت لها بشكل أو بآخر كي يكون استعبادها قانونيا...

قضبت حاجبيها و قالت باستنكار..
"و من أخبرك أنني على استعداد لأكون عشيقة رجل سفاح آخر؟!"
جذبها من ذراعها بعنف فارتد جسدها تجاهه و اصطدمت بصدره المليئ بالقلائد و الوشوم ورجها ناهرًا إياها بقسوة....حذرها بنبرة لا احتمالات فيها و بنظرات ثاقبة من مجرد التفكير في مضايقة المشتري وتخريب مزاجه!

الزهور الجنائزية || Funeral flowersWhere stories live. Discover now