الفصل الرابع عشر

5.6K 149 28
                                    

سأغلق نافذتي فالضياء يعكّر ظلمتي البارده سأسدل هذا الستار السميك على صفحة القصة البائده وأطرد صوت الرياح البليد وإشعاعة الأنجم الحاقده وأسند رأسي إلى الذكريات وأغمس عينيّ في دمعتين وأرسل حبي يلفّ القتيل ويدفئ جبهته الهامدة لعلي أردّ إليه الحياة وأمسح من زرقة الشـ ـفتين سأغلق نافذتي فالقتيل يحب الظلام العميق العميق وأكره أن يتمطّى الضياء على جـ ـسمه الشاعريّ الرقيق على جبهة زرعتها النجوم ولوّنها ضوؤها بالبريق وكانت تشعّ الحياة فعادت تمجّ الأسى والرّدى والعذاب تخطّ عليها ذراع الممات أساطير عهد سحيق سحيق

❈-❈-❈
تنظر من نافذة الطائرة بشرود....ترى العالم بأكمله صغير للغاية،شعور رائع جداً أنك تُبصر
الأشياء من نافذة الطائرة،كل شئ يبدو كحجم النواة...البيوت متلاصقة مع بعضها البعض
الهواء العليل يضرب وجهها بدون رحمة،لا تعلم أهو عدوها يلطمها بشدة وكأنه يسحقها ضرباََ
أم صديقها الذي يرطب عليها بنسماته
بعض الأحلام تتحقق بالفعل ولكن شئ هكذا لم تحلم به طوال فكانت تراه شيئاً من سابع المستحيلات،تركب طائرة وتجلس على كرسيها المريح للغاية كان أبعد من تصوراتها...تحلف أنها لو كانت بلحظة أخرى غير تلك لكان نبت لها جناحين تطير بهم من كثرة فرحها بهذا المعجزة

ولكن الآن واجمة...لا تُصدر أي رد فعل بعد الحوار الذي دار بينهم في غرفة نومهم،كان حوار مرهق لها بشدة،لدرجة أنه ترك بعض الندوب بقلبها تشعر بحرقانها الآن....لم تتوقع في يوم أن يكون لديه عقدة من موضوع كموضوع الخلفة وهذا ما إستنبطته من حديثه بطلوع الأنفس

أبعدت عيناها عن النافذة وأرجعت ظهرها إلى خلف حتى تستند على ظهر الكرسي لترتاح بجلستها ومن ثم صوبت أعينها للسقف
تتذكر ما حدث منذ ساعات بينهم

جاء صوت فارس هادماََ لكل ما تشعر به بتلك اللحظة عندما قال:

-إبقي فكريني يا نغم نجيب برشام منع الحمل
وإحنا في الطريق

لم يستوعب عقلها الجملة غير بعد مدة وجيزة
رفعت رأسها من على صدره بصدمة ومن ثم وجهت أنظارها له قائلة بإستغراب وصدمة:

-إنتَ بتقول إيه؟!!

تهرب من أنظارها للجهة الآخرى وقال بصوت جادي لا يحمل بطياته أي نبرة مازحة:

-أنا مش عاوز أخلف يا نغم

-يعني إيه مش عاوز تخلف؟

رددت حديثه على هيئة سؤال ومازال وجهها يتلون بإمارات الصدمة

-مش عاوز أخلف يا نغم إيه اللي مش مفهوم في الكلمة!!!

-طب وأنا؟

خرجت منها هاتان الكلمتان بتيه واضح على وجهها حتى الآن لم تدرك مقاصد حديثه
ذرة بداخلها تُخبرها أنه يمزح...ولكنه مزاح ثقيل للغاية،فهي بالكاد تستطيع التنفس الآن من هول الصدمة التى كان أثرها عليها كالقنبلة

البريئة والوحشWhere stories live. Discover now