الفصل الخامس والعشرون

2.7K 94 6
                                    


إن المَفَاتِنَ فَيْ عَيْنَيْكِ مُخْمَرَةٌ
مِنْ نَظرَةٍ مِنكِ يَغْدُوْ المَرْءُ سَكرَانَ
عَيْنَاكِ مَنْظُوْمَةٌ تَحْوِيْ قَصَائِدَهَا
كَيْ تَبْعَثُ السِّحْرَ نَتْلُوْ مِنْهُ دِيوَانَا
قُلْ لِلقَوَافِيْ إِذَا مَالَتْ بِأَحْرُفِهَا
الشَّوْقُ بَحْرٌ وَفَيْ عَيْنَيْكِ مَرسَانَ

وما هي الحياة سوى إنسان متقلب، كل دقيقة بحال...لا تعلم من سيكون معك غداً ومن سيفارقك اليوم، بين حلوها ومرها تلاعبك كحبات الشطرنج
ونحن نعيش تحت كنفها مستقبلين أفعالها بصدر رحب ظانين بالله بأن القادم أفضل

وهذا هو حال أبطالنا في تلك السنتين العصيبتين التي مرت على الجميع
تجاوزوها بحلوها ومرها منهم من خرج منها سالماً غانماً وآخر ما زال يبكي على الأطلال

ولكن ماذا سيفيد البكاء على اللبن المسكوب؟!!

❈-❈-❈

تغطي عيناها بقطعة من القماش وهي تركض في أرجاء المكان باحثة عن إبنها الذي يزاولها بالحديث ويفر هارباً حتى لا تمسكه

صوت ضحكاته يرج المكان وهو يرى أمه تركض يمن ويسار وهي عاجزة عن الإمساك به

أما هي فكانت تتصنت على صوت ضحكاته حتى تعلم مكانه بالتحديد
ولكن كلما سمعت صوته الضاحك تشعر بكهرباء تقفش بقلبها، شعور لا يضاهيه أموال الدنيا

اتسعت إبتسامتها وهي تسمعه يقول بسعادة:

-ماما إنتِ طلعتي فاشلة في لعبة الإستغماية، ده بابا بيقفشني في ثواني

لم يكمل حديثه حيث وجدها تتمسك بيده قائلة بفخر وهي ترفع القماشة من على عيناها:

-قفشتك

رد عليها مالك بضجر طفولي وهو يقول:

- لاء انتِ بتخمي يا ماما، أنا اللي وقفت

علت ضحكاتها بالمكان وهي تأخذه بين أحضانها ومن ثم أردفت بلوم:

-في حد يقول على مامته بتخم يا مالك

هز رأسه بنفي قبل أن يطبع شفتيه على خدها الأيمن قائلاً:

-أسف يا مامي

ردت إليه القبلة بأخرى على جبينه وهي تشدد على احتضانه متمتمة:

-روح قلب مامي

وجوده بين ذراعيها الآن يشكل لها الدنيا وما فيها، أصبح هو سبب سعادتها في هذه الدنيا
لا تشعر بالآمان ولا الراحة إلا بجواره

حرمت نفسها من ذلك النعيم لسنوات طويلة
يا لها من بلهاء، غيرها يتمنى شعور الأمومة وهي كانت ترفضه بكل ما فيها من عزم

لم تخرج من حالتها النفسية السيئة إلا بفضل " مالك" بعد فضل الله بالتأكيد
تقربت منه كثيراً في السنتين الذين مروا وعلمت أنها كانت مخطئة عندما نبذته من قبل
فهي من كانت تحتاجه وليس العكس

البريئة والوحشWhere stories live. Discover now