5 / اليأس

3.1K 181 46
                                    

توقفت (وَهج) عن البكاء وظلت تسرح وكأنها تجمع أفكارها لتستوعب ما حدث حتى تم قطع سرحانها بصوت رجل من خلفها يقول :

" هل ستظلين على حالك دون إكرامهما بالدفن؟ "

التفتت وهج للخلف لتجد رجل مسن بلحية بيضاء طويله يضع يداه خلف ظهره قائل مستأنف كلامه :

" لاتدعيه يتغذى على ألمكِ ويأسكِ "

(وَهج) بإستغراب : من أنت! وماذا تفعل هنا؟

(الرجل المسن) وهو يتجه نحو (الجدة) متجاهل سؤالها : انظري لحالكِ هل تعتقدين بأن جدتك ستفرح برؤيتك تحزنين على موتها... .

عندما رأته وهج وهو يذهب تجاه جدتها نهضت على الفور وركضت مسرعه لتقطع طريق الرجل المسن وترفع يداها في محاولة منع تجاوزها وهي تصرخ بغضب :

" أبتعد عنها "

نظر إليها (الرجل المسن) ببرود واظهر يده التي كانت خلف ظهره ليقوم بوضع كفه على جبين (وَهج) ويدفعها وإذا بها (وَهج) تتراجع للخلف بقوة حتى ارتطم جسدها الخلفي بالحائط وكأن هناك من قام بركلها بكل قوته حتى تتراجع للخلف لتلك المسافة البعيده.

كانت (وَهج) في حالة ذهول وألم بسبب الارتطام بينما كان (الرجل المسن) يتقدم نحو الجدة ليحملها بين يديه قائل موجه الكلام ل(وَهج) :

" كم هذا مخيب للآمال "

وبعدها خرج من المنزل يحمل (الجدة) بين يديه وكأنه ليس مجرد رجل مسن بل وكأنه رجل قوي يملك القوة الكافية لحمل امرأة كبيرة في السن.

كانت (وَهج) تنظر إليه وهو يخرج من المنزل حاملاً جدتها واليأس بدأ يسيطر عليها وكل ما يدور في فكرها هو :

" لماذا يحدث كل ذلك لي .. لماذا كل من أحبه ينتهي به الأمر بتركي .. أنا لا أفهم .. ربما لم يكن يجب علي أن أولد من الأساس "

بدأ يحيط (وَهج) هالة سوداء ولم تكن في وعيها لتدرك ذلك فكانت محتجزه من قبل يأسها وحزنها ولم تنتبه لذلك الذي كان صوت ضحكاته يعلو بإنتصار قائل :

" المزيد .. المزيد "

وتاره يهمس في إذنها ليزيد من وجعها ويأسها وحزنها قائل :

" أنتي مجرد عائق .. لا أحد يريدك .. أنتي مجرد نحس .. حتى والدتك قتلت نفسها لأنها سئمت منك .. وتركك والدك لأنك مزعجه .. وانتي كنت السبب في مقتل جدتك .. كل ذلك بسببك "

بدأت (وَهج) تنفي كلامه بهز رأسها واضعة كفيها على اذناها دلالة على الرفض وعدم الرغبة في سماع الكلام لكن بسبب تزايد الهمسات الذي كان يملئ عقلها حتى اقتنعت بما يقوله حتى ظهر صوت (الرجل المسن) وهو يصرخ فيها قائل :

" لاتستمعي له.. لاتدعيه يتغذى على ألمكِ ويأسكِ "

ذهبت الهمسات لتصبح أصوات ضحكات ساخرة لكن رغم ذلك (وَهج) لم تكن بوعيها ولم تكن تدرك ما يحدث حولها ولاتسمع أي صوت خارجي.

كان (الرجل المسن) يحدق في الهالة التي تحيط (وَهج) قائل :

" أترك تلك الفتاة "

فجأة هبت رياح قوية وخرج من الخاتم دخان ليتشكل على هيئة رجل بملامح حادة ببشرة قمحيه يحدق بخبث في (الرجل المسن) قائل :

"من أنت لتأمرني .. ما أنت إلا جني يستعطف البشر"

(الرجل المسن) بغضب : ويحك أيها الشيطان! فلتحذر ما تنطق به فاهك وإلا فصلت رأسك عن جسدك.

(الشيطان) بإبتسامة خبيثه : وماذا يمكن لكهل مثلك أن يفعل .. أنت تعلم أنني أقوى منك.

(الرجل المسن) بإستهزاء : أنت مقيد ولاتستطيع فعل شيء الا بأمر من أصبح مالكك .. لاتحاول إستفزازي فأنا أعرف ما تبتغي إليه.

(الشيطان) بإبتسامة محاول إخفاء إنزعاجه : أنتظر حتى خروجي، فسوف تكون أنت أول من آخذ برأسه.

وفور أن أنتهى من الكلام عاد للخاتم مثلما خرج منه وتذهب الهالة السوداء التي كانت تحوم حول (وَهج) ليتقدم (الرجل المسن) صوبها ويقول :

" أجمعي شتات نفسك أيتها الصغيرة "

عندما سمعت (وَهج) كلمة (أيتها الصغيرة) رفعت رأسها لتنظر إلى (الرجل المسن) متذكره مناداة جدتها لها بهذا.

(الرجل المسن) : هل ستبقين على حالك .. هل ستدعين قاتل جدتك يسرح ويمرح في الارجاء.

(وَهج) : وماذا تعتقد مني أن أفعل.. فأنا لست الا مجرد طفلة لاحول ولا قوة لها.

(الرجل المسن) بحده : يجب عليك الإنتقام.. وأنا سوف ادربكِ.

(وَهج) : وماذا بوسعك أيها الجد أن تفعل فأنت بالفعل..

(الرجل المسن) مقاطع كلامها بصوت مرتفع قليلاً : لا وجود للاعذار فقط من يتعذر هم من يهلكون في دائرة الهلاك.

(وَهج) : لكن...

(الرجل المسن) وهو يمد يده لها : لا وجود ل لكن.. أما أن تنهضي الأن لتعيشي أو أن تبقي كما أنتي الأن لتموتي.

شعرت (وَهج) لحظتها بالأمل رغم عدم اعتقادها من الإنتقام لأجل جدتها لذا أمسكت بيد (الرجل المسن) لتقف من جديد وليخرج الإثنان خارج المنزل متجهين لقبر الجدة الذي صنعه (الرجل المسن) لها ودفنها بداخله وعندما رأت (وَهج) ذلك احست بالخجل لأنها اعتقدت أنه سوف يفعل بجدتها سوء.

(وَهج) : أيها الجد.. ما علاقتك بجدتي؟

(الرجل المسن) : أولاً أسمي جمرود.. ثانيًا كنت صديقها.

(وَهج) وهي تحدق في الأرض بعبوس : هل تعتقد بأنني أستطيع الإنتقام لها؟

(جمرود) : لن نعرف حتى نرى نتائج تدريباتك ورغبتك في الإنتقام.

.

وكانت تلك آخر زيارة لجدتها ومن بعدها رحلت مع (جمرود) من أجل إنتقامها.

.

...يُتبع...

ساحرة الشمال Where stories live. Discover now